أسالت تصريحات مثيرة للجدل لوزير العدل المغربي, عبد اللطيف وهبي, تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي, كثيرا من الحبر لما تضمنه من استهتار واستخفاف بالمواطن المغربي حيث تحدث فيها بنبرة التعالي والتباهي بمقدرته المالية في “مغرب الفقراء” في خطاب يجسد البناء الطبقي للمجتمع المغربي والفوارق الاجتماعية التي لاتزال تهدد المملكة وتضعها على صفيح ساخن.
“ابني لديه شهادتين في مونتريال وأبوه متمكن وغني مول دراسته بالخارج”, تصريحات هزت مواقع التواصل الاجتماعي كما عقبت عليها الكثير من الجهات الحقوقية على غرار الأكاديمي المغربي وأستاذ تسوية النزاعات الدولية محمد الشرقاوي, الذي كتب في منشور على صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”, تحت عنوان: “مغرب العجائب”.
واستهل الشرقاوي منشوره بالحديث عن “فضيحة” امتحان المحاماة والضجة الكبيرة التي أحدثها على إثر الشبهات التي حامت حول معايير إنجازه وكذا نتائجه و اتهمت فيها وزارة العدل وعلى رأسها الوزير وهبي, الذي رفض بشكل قاطع المطالب بفتح تحقيق بهذا الخصوص.
وقال الشرقاوي في هذا الصدد “في مغرب العجائب, استوقفني دفاع وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن سلامة معايير امتحان المحاماة والمغزى من رفع عدد الناجحين من 600 وهو الحد الذي أوصت به الهيئات العليا إلى أكثر من ألفين والمثير هو تمسكه بأن “الآلة” هي التي تولت التصحيح فيما تراجع دور التصحيح”.
لكن المثير في تصريح وهبي – يضيف الشرقاوي – عبارة تستحق تحليلا نقديا للخطاب الذي يقدمه وزير في حكومة ورئيس حزب ومحام, وهي ثلاثية تفترض توخي مسؤولية حكومية ومجتمعية في آن واحد.
وقال أنه “لا خلاف على أن من حق وهبي المواطن أن يبعث ابنه للدراسة حتى إلى المريخ أو المتجمد الجنوبي, لكن تصريح عضو في الحكومة, بنبرة ترافع متعال في مغزاه, تضع من ليس لهم آباء أثرياء ولم يبعثوهم إلى الخارج في مستوى أقل درجة أو حطا في تحقيق ذواتهم والنجاح في مهنة المحاماة أو غيرها, هو تصريح يكشف من حيث لا يدري صاحبه عن مغرب السرعتين, ومغرب المنزلتين, وازدواجية الشخصية في مغرب من له سند يدعمه ويمول دراساته في الخارج ومغرب اليد قصيرة والعين بصيرة والكفاف والعفاف وهذا في حد ذاته خطاب يصف البناء الطبقي للمجتمع المغربي”.
واستطرد الشرقاوي قائلا: “لا يمكن أن يتخيل المرء أن وزير العدل الكندي قد يدلي بتصريح مماثل يتباهى فيه بأنه “لا باس عليه” (مقتدر ماديا), ومول دراسة ابنه في الولايات المتحدة. لن يحدث هذا حتى في أعمق العواصم انغماسا في الليبرالية وقوة المال”.
وحسب ذات الخبير فإنه “لا عجب من خطاب التباهي بالمقدرة المالية في عاصمة مغرب الفقراء, وهو خطاب يجاري منطق حكومة تكنوقراطية تصرف شؤونها عبر الجسر الجسور بين السلطة والثروة”.
مهزلة مسابقة المحاماة تثير حفيظة الرأي العام
ولا زالت فضيحة نتائج الاختبارات الكتابية للالتحاق بمهنة المحاماة, تلاحق الوزير المغربي وتشعل الشبهات التي تحوم حولها مواقع التواصل الاجتماعي المغربية وتثير سخط الرأي العام.
فقد لقي الإعلان عن نتائج الاختبار الكتابي للولوج إلى المهنة, رفضا واسعا, حيث طالب خريجو كليات الحقوق بإعادة الامتحان وتجاوز الخروقات الشكلية التي طالته خلال دورة شهر ديسمبر الماضي, مع ضمان تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة.
كما انتقدت صفحات مختلفة في الفضاء الأزرق, نتائج هذا الامتحان ووجهت اتهامات للجهة الوصية ب”الزبونية والمحسوبية” بعد صدور القائمة التي أطلق عليها اسم “لائحة العائلات وأصحاب النسب”, لترتفع مطالب بفتح تحقيق وإعادة الاختبار.
ومست الانتقادات والاتهامات وزارة العدل, وعلى رأسها الوزير وهبي, بسبب “الصمت المطبق” الذي تم تبنيه, رغم الشبهات التي طالت القائمة, كما نادت العديد من الأوساط بتدخل مجلس السلطة القضائية وبإقالة الوزير عبد اللطيف وهبي, على غرار رد فعل “المنتدى الديمقراطي المغربي للحق والانصاف”, الذي دعا أيضا إلى محاسبة الوزير عن هذه الفضيحة, “بعدما غيب مبدأ تكافؤ الفرص, مقابل إدماج أفراد عائلته وأبناء المحامين والمسؤولين في قطاع العدل”.
وعلاقة بذلك, دعا المنتدى, في بيان استنكاري له, إلى إعادة الامتحان وإلغاء نتائج امتحان نيل أهلية مزاولة مهنة المحاماة, باعتبارها “محصورة لفائدة أبناء العائلات المحسوبة على القضاء والمحاماة والشخصيات السياسية النافذة”.
كما نادى بتدخل النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل فتح تحقيق جاد ومسؤول في الموضوع, وتحمل مسؤوليتهما الأخلاقية في هذه الواقعة.