استعرض باحثون خصال ونضال الدكتور سعيد شيبان، في منتدى الذاكرة الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة المجاهد، اليوم.
أجمع من عايشوا هذه الشخصية الوطنية على نبله وتواضع سعيد شيبان، وإخلاصه للجزائر. في عمله كطبيب جمع بين مهنة الطب والعمل في وزارة الشؤون الدينية، وكان شرطه قبل تعيينه وزيرا على هذا القطاع أن يشتغل صباحا في المستشفى، وفي المساء يقوم بمهامه التي أوكلها له رئيس الحكومة أنذاك مولود حمروش.
سعيد شيبان رافق المناضلين أمثال حسين أيت أحمد، عمر أوصديق، عمر أوزقان، الأمين خان، الدكتور عبادة، زرقيني وغيرهم، وتحدث عن نضالهم، لكنه لم يتكلم عن نفسه لتواضعه الشديد.
كان الفقيد دائما يدافع عن اللغة العربية، الإسلام والذاكرة.
من مواليد 02 أفريل 1925 بقرية شرفة بالبويرة، من عائلة فلاحية، حسب الباحث فيصل بخوش، الذي كلفه المرحوم بكتابة مذكراته التي ستصدر قريبا.
في هذا الصدد، قال الباحث فيصل بخوش: ” سعيد شيبان من الجيل الكبير، كلفني بكتابة مساره النضالي بمناسبة مرور الذكرى الأولى لوفاة المجاهد حسين آيت أحمد، بعدما طلبت منه ذلك، استغرقت المذكرات ثلاث سنوات بما فيها المراجعة وتدقيق المعلومات التي إحتوتها”.
وأضاف أن سعيد شيبان شخصية جمعت إخلاص المناضل، وبصيرة العالم وتواضع المؤمن.
وأشار الباحث أن المنطقة التي ولد فيها المرحوم لم يكن فيها مدرسة إلا بعد مرور 50 سنة على إحتلال فرنسا للجزائر، وبعدها أنشأت مدرستين الأولى متعددة العلوم والمعلمين وجهت لأبناء المستوطنين والفرنسيين والثانية مدرسة القسم الواحد خصصت للأهالي الجزائريين.
في هذه المدرسة درس سعيد شيبان وكان الوحيد الذي تحصل على شهادة التعليم الإبتدائي.
انتقل بعدها إلى بن عكنون لمواصلة تعليمه في الثانوية الصغيرة، درس اللغة العربية في السنة الرابعة على يد الأستاذ حمزة بوبكير عميد جامع باريس، الذي كان يملك تفسيرا للقران بالفرنسية.
وفي هذه النقطة، قال المحاضر أن علاقة شيبان باللغة العربية كانت بالمدرسة الحرة ببجاية، حيث كان يرسله والده لتعلمها، وفي بداية الأربعينات انتقل إلى السنة أولى ثانوي بثانوية بيجو الأمير عبد القادر حاليا، لكنها أغلقت وقصفت بعد الحرب العالمية الثانية، ما دفعه للإنتقال إلى بوزريعة وبعدها إلى خميس مليانة أين تحصل على المرحلة الأولى من شهادة البكالوريا.
تعرف الفقيد على تلاميذ معه وهم حسين آيت أحمد، عمر أوزقان، علي عميش وآيت عمران.
بخميس مليانة كانت له نشاطات كشفية سمحت له بالإنتقال إلى تلمسان، أين تعرف على العمارة الإسلامية.
وبعد 1943 أعيد فتح ثانوية بن عكنون وعاد للدراسة فيها، وكان في قسم الرياضيات مع عمر أوصديق وآيت عمران.
وأشار الباحث بخوش إلى أنه في 1945 طلب منه الإلتحاق بالجبل رفقة مجموعة من التلاميذ الجزائريين، نقلهم أحد المناضلين يدعى علي بناي في سيارة إلى تيزي وزو، وحسب شهادة المرحوم شيبان لفيصل بخوش فإن حسين أيت أحمد راسل إدارة الثانوية للسماح للتلاميذ بالتغيب بحجة قضاء العطلة مع الأهل في الريف.
كلف المرحوم شيبان بتنفيذ عملية بقرية مشدالة لكنها لم تتم، بسبب صدور أمر يقضي بتوقيف العملية.
وبعد حصوله على شهادة البكالوريا درس الطب، وأقنعه والده بالسفر إلى أوروبا لإستكمال دراسته، فسافر إلى ستراسبورغ.
وهناك واصل نضاله مع جبهة التحرير الوطني، وكان مسؤولا على الطلبة الجزائريين.
تحصل شيبان على شهادة الدكتوراة ورفض العمل مديرا في مستشفى بفرنسا، جاءه أمر للإلتحاق ببرلين ثم روما وبعدها تونس، أين عالج اللاجئين الجزائريين الذين كانوا في وضع صحي مزري.
ساهم في إعداد المعجم الطبي الثلاثي بالعربية
بعد وقف إطلاق النار، كلفه بن يوسف بن خذة بالدخول إلى الجزائر رفقة 6 أطباء لمعالجة السكان بيعكوران بالولاية الثالثة التاريخية.
بعد شهر من الاستقلال اشتغل بمستشفى تيزي وزو وأشرف على تكوين الممرضين وعلاج المرضى رغم قلة الميزانية والإمكانيات.
سافر في مهمة إلى نيجريا، وساهم في إحياء الحركة الكشفية في الجزائر في 1969.
وفي 1972 أسس إتحاد الأطباء الجزائريين، وعين في 1979 وزيرا للشؤون الدينية في حكومة مولود حمروش، حيث قام بإصلاحات.
شارك في ملتقيات الفكر الإسلامي، آخرها كان في 1990.
ومن نشاطاته العلمية- قال الباحث بخوش- تحقيق كتاب الكليات لإبن رشد، والمشاركة في بإعداد المعجم الطبي الثلاثي باللغة العربية.
المجاهد شريفي: سعيد شيبان خدم العلم والدين والجزائر والإنسانية
قال المجاهد بالولاية التاريخية الثالثة وعضو المنظمة الوطنية للمجاهدين، بوعلام شريفي، إن اللسان يعجز عن التعبير عن خصائص الدكتور سعيد شيبان، لأنه جمع كل جوانب العلم من فقه وعلوم أخرى، خدم العلم والدين والجزائر والإنسانية والعالم العربي والإسلامي.
وأكد أنه متواضع إلى أقصى الحدود وشارك بإخلاص في كل المجالات.
وأبرز عضو مجلس الأمة، والوزير السابق، أبو جرة سلطاني، ميزاتين اكتشفهما في الرجل، وهما حبه الشديد للإستماع ومتواضع يوحي وكأنه لا يعرف شيئا، وثانيا لا يحب مخالطة الناس ونسج علاقات عكس شقيقه الأكبر عبد الرحمان شيبان الذي كان أصدقاءه كثر.
وقال: ” المرحوم المجاهد الدكتور سعيد شيبان زاوج بين طب العيون والعمل في الشؤون الدينية”.
وتأسف أبو جرة، بقوله “لا نعرف الرجال ونستفيد من تجاربهم العلمية والثقافية والسياسية إلا بعد رحيلهم” وتمنى أن يُحتفى بالأحياء قبل مماتهم.