يكشف مدير بورصة الجزائر يزيد بن موهوب، عن المضيّ نحو إنشاء سوق جديدة على مستوى البورصة للمؤسسات الناشئة. كما توقع أن تلتحق عدة مؤسسات بالبورصة خلال عام 2023 وأن يشهد العام الجاري الانطلاقة الحقيقية لسوق الأوراق المالية في الجزائر.
واعتبر بن موهوب في حوار لـ«الشعب»، أن الكتلة المالية المتداولة بالسوق الموازية لا تستغل في الوقت الحالي في تمويل الاقتصاد، لكن رقمنة المعاملات المالية عبر مشروع طرح الدينار الرقمي، ستسمح بجلب الأموال واستغلالها وتحقيق الشمول المالي، مما سيفضي إلى بث حركية في البورصة وترقية الاقتصاد.
«الشعب»: كيف ترون الدور المقبل للبورصة في تمويل الاقتصاد الوطني، على اعتبار أن الرهان القائم يكمن في الرفع من سقف النمو إلى مستويات أعلى بداية من عام 2023؟
يزيد بن موهوب: تعتبر البورصة في الاقتصاديات العالمية من أهم مصادر تمويل المؤسسات والاقتصادات. وبالنسبة للجزائر، فإن النمط السائد لحد اليوم، يعتمد على النظام البنكي، غير أنه منذ نحو ثلاث سنوات سجل توجها جديدا نحو تكييف سياسة تمويلية جديدة تتماشى مع الجزائر الجديدة، لذا نرحب بهذه القفزة النوعية؛ لأنه صار من المنتظر أن تمول البورصة المؤسسة الاقتصادية عبر فتح رؤوس أموالها، سواء كانت مؤسسات عمومية أو خاصة، أو من خلال إصدار السندات على مستوى سوق السندات بالبورصة. لكن زيادة عن هذا، أكد وزير المالية أن سنة 2023 ستشهد صدور القانون الخاص بالصكوك، وهذا ما سيسمح باستكمال المنظومة المالية الإسلامية، حيث أنه في عام 2020 أصبحت البنوك قادرة على تقديم خدمات بنكية إسلامية لزبائنها، في حين، في عام 2021، مؤسسات التأمين كذلك صارت قادرة على تقديم خدمات ائتمانية إسلامية، يطلق عليها «التكافل». لذا بات من الضروري في الوقت الحالي، توفر آليات التمويل لمختلف الاستثمارات على مستوى بورصة الجزائر، والمتمثلة في مؤسسة الصكوك. لذا، من هذا المنطلق، نعتبر أن العام الجاري سوف يكون الانطلاقة الحقيقية بالنسبة لسوق الأوراق المالية في الجزائر، ونتطلع لكي تلعب هذه السوق دورا فعالا في تمويل الاقتصاد.
طرح الدينار الرقمي سوف يقوي البورصة
كيف يمكن أن تساهم البورصة في دعم المؤسسات الناشئة على وجه الخصوص وتكثيف نسيجها عبر البورصة؟
يمكن مستقبلا أن تكون البورصة حوضا تمويليا للمؤسسات الناشئة التي شهدت نموا كبيرا وخاصة بعد أن تتموقع في السوق ويصبح لديها تواجد قوي، ومثل هذه الشركات تمول في البداية من طرف خزينة الدولة، وبالتحديد الصندوق الخاص بالشركات الناشئة. ولعل هذا يوحي بأنه خلال السنوات القليلة المقبلة، عندما ينسحب صندوق تمويل المؤسسات الناشئة من مهمة التمويل، فإن أفضل بديل سيكون عبر بورصة الجزائر. وتحدثنا عن دراسة إنشاء سوق خاص بالشركات الناشئة على مستوى بورصة الجزائر لدعم هذه المؤسسات، وكذلك لدعم اقتصاد المعرفة، لأنها تعد من أولويات السلطات العليا في البلاد وأولويات السيد رئيس الجمهورية.
متى يتم إنشاء سوق شركات المؤسسات الناشئة على مستوى بورصة الجزائر؟
في الحقيقة توجد سوق تم إطلاقها في عام 2012، تسمى سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة. وحاليا، هذه السوق مفتوحة ـ فقط – للشركات الصغيرة عندما يصل رأسمالها أكثر من 5 ملايين دينار إلى غاية إلى 500 مليون دينار، والشركات التي لديها صفة شركة ذات أسهم ويتراوح رأسمالها مابين القيمتين، يمكن أن تمول نفسها عبر بورصة الجزائر. ومن هذا المنطلق، فإن الشركات الناشئة لديها سوق ورقم أعمال واستثماراتها تحقق الربحية، ويمكنها أن تقدم شركتها عبر هذه السوق. علما أن هذا المشروع سوف يرى النور ربما خلال السنوات القليلة المقبلة، لأنه مازال لم يحدد موعد إطلاق هذه السوق.
ماذا يمكن أن تقدم المؤسسات الناشئة، في ظل تحدي تكثيفها، إلى البورصة؟
ممكن أن تقدم البورصة تمويلات أو مرافقة، أي يكون ذلك في البداية لهذه الشركات، من أجل تبسيط عملية الإدراج وتبسيط طريقة أداء البورصة ونشاطها وبالإضافة إلى الوسائل والأدوات المستعملة، وكيف يتم تقييم هذه الشركات؟.. وكذا تقييم التسعيرة، كما يمكن أن نقدم هذه التسهيلات لمختلف المؤسسات، ومن جهة أخرى، نطمح إلى أن تُقبِل هذه الشركات، مستقبلا، على ولوج البورصة. فالمعروف أن الشركات الناشئة تحتاج إلى كميات ضخمة من الأموال، أي تمويلها يكون ضخما، لأن نموها يكون سريعا ومتسارعا، وبالتالي لكي تكون مرافقة، أحيانا أفضل طريقة لهذه الشركات ضرورة الاستفادة من التمويلات عبر البورصة، لأن البورصة لا تشترط ضمانات عينية، بعكس ما تشترطه المنظومة البنكية، لأن التمويلات ليست محدودة في القيمة، إذن، الشركة لديها إمكانية في تمويل مشاريعها.. أيّ مشروع يستهوي المستثمرين، ويمكن بذلك أن تمول نفسها بنفسها، وفي البورصة، نقوم بتقديم عدة تسهيلات لها وكذلك تبسيط كل الإجراءات وجميع الشروط لتحقيق ذلك.
ما هو عدد المؤسسات بالبورصة وهل هناك مؤسسات أخرى مرشحة للالتحاق خلال العام الجاري؟
يسجل وجود 5 شركات مدرجة ببورصة الجزائر، يتعلق الأمر بأربع شركات كبيرة وشركة متوسطة، على غرار شركتين من القطاع العام والمتمثلة في «الأوراسي للفندقة» وشركة «صيدال للصناعة الصيدلانية» من القطاع العام، وشركتين من القطاع الخاص مثل «أليانس» للتأمينات وشركة «بيوفارم» المختصة في الصناعة الصيدلانية، إلى جانب شركة مصغرة «أ.أوان.إنفست»، تنشط في قطاع السياحة الحموية. ونعكف على عقد لقاءات مستمرة مع الشركات، خاصة شركات القطاع الخاص، والشركات الكبيرة والمصغرة التي أبدت الرغبة في كيفيات الإدراج على مستوى البورصة، ونحاول تبسيط المفاهيم خلال هذه اللقاءات وطبيعة الإجراءات. كما نتطلع خلال سنة 2023، إلى دخول بعض الشركات من القطاعين العام والخاص، إذا تم التحاق شركتين في العام الجاري، نعتبره إنجازا، والمهم أن يسجل إدراج جديد في ظرف يتّسم بالكثير من الحركية الاقتصادية والانتعاش في مجال الاستثمار، وفي ظل إرادة رئيس الجمهورية الرامية إلى ترقية القطاع الاقتصادي وضخ الثروة، بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وفي حالة التحاق 5 أو 10 شركات، فإننا نرحب كثيرا بذلك، وكلما ارتفع حجم العدد يعد جيدا وإيجابيا بالنسبة للبورصة وللشركات وكذلك للاقتصاد الوطني، لأنه ينبغي أن لا ننسى أن الهدف الرئيسي يكمن في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية.
ماذا سيقدم إدراج العملة الرقمية للبورصة؟
هذا الجانب يخص بنك الجزائر، لأن المعاملات على مستوى البورصة في الأساس تعد معاملات رقمية. وعلى سبيل المثال، الأسهم والسندات أصبحت مرقمنة منذ سنة 2000، ولكن رقمنة المعاملات أو رقمنة الدينار سوف يسمح أولا بتحقيق الشمول المالي ويسمح كذلك لعدد أكبر من الجزائريين بالتعامل بالمنتجات المالية المتاحة على الساحة المالية والمنتجات البنكية ومنتجات التأمينات. وأؤكد أن المنتجات على مستوى البورصة سوف تكون قوية، مقارنة مع ما يسمى بسيولة السوق. وبالإضافة إلى ذلك، ستكون أسهل، لأن التعامل سيكون رقميا، وهذا ما سيعطي نفسا جديدا ويمنح قيمة للتداول، وبهذا رأسمال البورصة سوف يرتفع أكثر وأكثر، أي لدى استعمال التعاملات أو الدينار الرقمي.
أما فيما يتعلق برقمنة المعاملات المالية، فإنها تسمح بشفافية المعاملات، ومن المنتظر أن يشجع ذلك على إقبال الشركات في البورصة. كما أن وفرة في السيولة تشجع الإقبال هي الأخرى، وإذا كانت البورصة رقمية وتستعمل وسيلة نظام تداول رقمي، ويضاف إليها وجود الدينار الرقمي، فلا شك في أن هذا سوف يسمح بتنشيط التداول واستعمال واستغلال المنتجات المالية المتاحة أحسن استغلال، وكذلك جلب الأموال المتواجدة خارج القطاع النظامي، والمكتنزة بعيدا عن إطار البنوك.
كيف تحضر البورصة لتنخرط في الدينامكية الجديدة التي تراهن الجزائر على تحريكها؟
إن البورصة تعني الشفافية في المعاملات. ورئيس الجمهورية أكد أن شفافية المعاملات المالية بات من الضروري تكريسه على مستوى كل القطاعات، وبالتالي هذا ما سيسمح – حسب اعتقادي – بإعطاء نفس جديد للبورصة لاستقبال شركات عديدة، إلى جانب جلب الأموال المتواجدة في القطاع الموازي، لأننا عندما نتحدث عن البورصة فإننا نتطرق، دون شك، إلى الشفافية.. ربما في الماضي، كان هناك عائق لتدخل الشركات في البورصة، ولكن في الوقت الراهن، بما أن السلطات العليا، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، أكد على الشفافية والفعالية الاقتصادية والتمويلية، فالبورصة توجد في المسار الصحيح من أجل أن تكون من ممولي الاقتصاد الوطني، وتدفع بعجلة التنمية للاقتصاد الوطني. وبالتالي، تدخل مرحلة جديدة وتطوي صفحة سابقة. علما أن حجم المبادلات على مستوى البورصة شهد ارتفاعا لا يقل عن 244٪ خلال العام الماضي، مقارنة بالنسبة المحققة خلال سنة 2021، وسجل هذا النمو والتطور بفضل تنامي سوق السندات.