تحوّلت النّفايات في السنوات الأخيرة إلى مصدر للثروة ولإنشاء مناصب للشغل، من خلال الاسترجاع، هذا النشاط ساهم إلى حدّ ما، في التقليل من حجم المخلفات خاصة المنزلية بإطلاق نشاطات تعطي قيمة اقتصادية للنفاية. عدة مؤسسات اقتحمت مجال التدوير في مهمة لدعم الاقتصاد الأخضر بداية بالفرز فالتدوير والتثمين، هذا المسار تحدّث عنه مدير الوكالة الوطنية للنّفايات كريم ومان بالتفصيل في حوار خاص مع «الشعب».
الشعب: يبقى حجم النّفايات المنزلية أكثر من 13 مليون طن سنويا منذ سنوات، وحسب المعلومات الأخيرة الواردة من الوكالة، فإنّ الإنتاج السّنوي للنّفايات بلغ 11.1 مليون طنا، ما هو سبب هذا التراجع، علما أنّ الاستهلاك لم يتغيّر بحسب المختصّين؟
مدير الوكالة الوطنية للنّفايات كريم ومان: حاليا، لا يمكن الجزم أن كمية النفايات قد عرفت انخفاضا أم لا، وذلك راجع إلى أن المؤشرات السابقة لم تسفر عنها دراسات، وإنما كانت تقديرات فقط، أما في الفترة الممتدة من 2019 إلى غاية 2021، فإن الإحصائيات كانت نتيجة دراسة ميدانية علمية ودقيقة، سمحت باستخراج مؤشرات موثوقة ومحيّنة لكمية النفايات المنتجة يوميا للفرد الواحد، أخذا بعين الاعتبار التنوع المناخي لمختلف مناطق الوطن، العادات والتقاليد، النمط الاستهلاكي للمواطن، وهذا ما مكّن من استخراج إجمالي إنتاج النفايات على المستوى الوطني بصفة موثوقة.
النّفايات البلاستيكية والمعدنية الأكثر استرجاعا
عرف مجال تسيير وتثمين النّفايات نقلة نوعية من خلال المؤسّسات الصغيرة التي أنشئت لاسترجاعها، قرابة 22 ألف مهتم اقتحموا المجال حسب إحصائيات السجل التجاري..ما هي أنواع النّفايات التي جلبت اهتمام المستثمرين الشباب؟ وما هي الكمية المسترجعة؟ وقيمتها المالية حسب تقديركم؟
تتصدّر النّفايات البلاستيكية والنفايات المعدنية وغير المعدنية كالألمنيوم مثلا، قائمة النفايات الأكثر استرجاعا وتثمينا في الجزائر، بنسبة تثمين تصل إلى نسبة 100 بالمائة، بالنسبة للنفايات الحديدية وغير الحديدية، وبقيمة تسويقية تصل إلى 13 مليار دينار جزائري، وتبلغ حولي 15 بالمائة بالنسبة للنفايات البلاستيكية بقيمة تسويقية تصل إلى 100 مليار دينار جزائري، إذا ما تمّ تثمين 100 بالمائة منه.
تكتسي عملية التّحسيس أهمية كبيرة في النشاط البيئي عموما، والاسترجاع بصفة خاصة، كيف تقيّم ^^ هذا العمل الذي تضطلع به الجمعيات في إطار حماية البيئة من خطر التلوث الذي تعدّ النّفايات سببه الرّئيسي؟
من المعروف أنّ المشاريع، حتى ولو كانت تقنية، لها دائما جانب توعويّ وتحسيسي، ويبقى المجتمع المدني شريكا فعّالا في مختلف مشاريع الوكالة خاصة على المستوى المحلي، وخير دليل، آخر دراسة للوكالة التي ذكرت سلفا، وهي حملة التقييم الكمي الذي لعبت فيه الجمعيات دورا جوهريا من خلال مختلف التحقيقات الميدانية عبر ولايات الوطن، وكانت نتائجها بمثابة لوحة تحكم، وقدّمت نظرة استشرافية للفاعلين في رسم استراتيجيات وبرامج القطاع، من حيث تسخير الإمكانات جمع ونقل النفايات، وكذا تقدير مدى استيعاب منشآت المعالجة على المديين المتوسط والقصير، وبذلك تعتبر أداة لصنع القرار ووضع الإجراءات الوقائية على المستويين المحلي والوطني.
تمّ التّوقيع على اتفاقيات مع 14 جمعية وطنية تنشط في مجال البيئة سنة 2021، ماذا حقّقت هذه الاتفاقيات، خاصة وأنّها كانت الخطوة الأولى من نوعها لتكريس العمل التّشاركي بين الوكالة والمجتمع المدني؟
جدير بالذكر أنّه بعد التوقيع على 14 اتفاقية مع 14 جمعية من فعاليات المجتمع المدني، عرفت الجزائر، كمختلف دول العالم، موجات متقاربة للأزمة الصحية كورونا، وهذا ما أعاق بدرجة كبيرة تجسيد ما ورد في بنود الاتفاقيات، إلاّ أنّ العالم الافتراضي سمح لنا بتجسيد عن بعد، محاور من هذه الاتفاقيات، والتي تعنى أساسا بالجانب التكويني، من خلال تنظيم دورات تعنى بمختلف مواضيع تسيير النفايات، التقنية منها وكذا التحسيسية والتوعوية، على غرار مرافقة المؤسسات الاستشفائية في تسيير نفايات الجائحة، مرافقة الجماعات المحلية من بلديات ومراكز ردم تقني وغيرها.
عدم استغلال النّفايات في إنتاج الطّاقة يكلّف 13.63 مليار دج سنويا
أبرمت الوكالة الوطنية للنّفايات عقدا مع محافظة الطّاقات المتجدّدة والفعالية الطّاقوية، هناك توجّه ^^ لاقتحام مجال إنتاج الطّاقة من استرجاع النفايات «الغاز الحيوي»، في اعتقادك ماذا سيحقّق اقتصاديا هذا المشروع، من حيث خلق الثّروة ومناصب الشغل؟
الهدف من الاتفاقية المبرمة مع محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية هو تطوير شعبة التثمين الطاقوي للنفايات وللغازات الحيوية. تطوير مثل هذه الشعبة يعتبر مكملا وداعما لنشاط رسكلة النفايات، وكذا للانتقال الى الاقتصاد الدائري والحد من غازات الانبعاث الحراري من خلال تبني أنماط جديدة لتثمين النفايات، وهذا يعني ظهور منشآت معالجة جديدة توفر مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، كما تسمح من جهة أخرى بتقليص تكاليف الأضرار البيئية وعدم الكفاءة، والتي قدّرت بالنسبة لعدم استغلال النفايات في إنتاج الطاقة بـ 13.63 مليار دينار سنويا (تقرير الخطة الوطنية لتنمية المستدامة 2015 – 2022).
ما هي طموحات وآفاق الوكالة في إطار الإستراتيجية الوطنية للتّسيير المدمج للنّفايات الممتد إلى 2035؟
من أهداف الإستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات، والتي تسمو إلى بلوغ نسبة تثمين النفايات المنزلية وما شابهها إلى 30 بالمائة، والنفايات الخاصة والخاصة الخطرة إلى 30 بالمائة، والنفايات الهامدة إلى 50 بالمائة، تقوم الوكالة الوطنية للنفايات بجهود جبّارة قصد بلوغ هذه الأهداف من خلال الترويج والتوعية السلوكيات الايكولوجية، وتقديم الدعم التقني للمؤسسات الناشئة وحاملي الأفكار والمشاريع في مجال استرجاع وتثمين النفايات، كما قامت الوكالة مؤخرا بعملية تنظيم وتطوير شعب معالجة وتثمين مختلف أصناف النفايات، والتي تستقطب لا محالة ارتفاع معدل تثمين النفايات، وكذا الربح من حيث جودة المادة المسترجعة والمثمّنة، ويبقى النظام المعلوماتي الوطني بإحصاءاته النوعية والكمية من بين المؤشّرات التي ترصد وتيرة التقدم نحو أهداف الإستراتيجية المرسومة في آفاق 2035.