وضع الرئيس تبون، في كلمته، أمس، خارطة طريق مكتملة المعالم، من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية المرجوّة من قطاع الفلاحة، بما هو القاطرة الأولى لفكّ الارتباط مع عائدات المحروقات، والتّخلص نهائيا من (عقلية الريع)، و(التواكل) و(بركات البايلك)، من أجل فسح المجال للعمل الجادّ والاستثمار المنتج، بما هما قيمتان لهما أهميّتهما القصوى في حياة الإنسان.
ولقد تحدث الرئيس تبون، بلغة صارمة، وهو يسدي تعليماته بحكمة بالغة وبصيرة نافذة، ويوصي بما يخدم الرؤية العامة للجزائر الجديدة، وكان الرئيس واضحا في التأكيد على أهميّة الإحصاء ودقّة الأرقام، وهو يعبر عن استغرابه من (التضارب والتفاوت) الذي ظل مسيطرا لسنوات طويلة على أرقام الثروات الفلاحية، وهو (تضارب) لا يخدم – بطبيعة الحال – سوى الفساد والمفسدين الذين تهالكوا على مقدّرات الأمة، فأحدثوا خسائر فادحة، ينبغي الحرص على المسارعة في تجاوز آثارها..
ونعتقد أن الجلسات الوطنية للفلاحة، المنعقدة، أمس، إنّما هي الإعلان عن انطلاقة جديدة قوية تتأسس على ما أعدّ لها الرئيس تبون منذ تولي الرئاسة، وأنها الإيذان الرسمي عن “القطيعة النهائية” مع الممارسات القديمة، والعقليات البائدة، فقد كان خطاب الرئيس واضحا بخصوص “العصرنة” و«الإحصاء”، بل إنه شرح الآفاق، وقدّم الحلول لكل ما يمكن أن يعرقل مسار الإنتاج، ولم يترك أي حجة لـ«التقصير”، وما تكريمه لمجموعة من المستثمرين بشهادات تقدير، سوى رسالة واضحة، مفادها أن “المتخاذلين” لم يعد لهم مكان يشغلونه في المنظومة العامة..
جلسات الفلاحة – إذن – كما نراها، هي الانتقال إلى “السرعة القصوى”، تماما كما أراد لها الرئيس تبون بعد أن عالج جميع الإشكاليات العالقة، ومهّد الأسباب جميعها للنجاح..