نفخ العدوان المغربي في الشعب الصحراوي الأعزل بالكركرات روح التضامن مع هذا الشعب الصامد، كما نفخها تماما في قضيته العادلة التي عادت وبقوة إلى الواجهتين السياسية والإعلامية الدوليتين وهذا بعد الجمود الذي فرض عليها في محاولة يائسة لرميها في دهاليز النسيان تمهيدا لتصفيتها بفرض سياسة الأمر الواقع، بدعوى أنها قضية بقيت دون حل لأمد طويل.
بينما يمتلك المحتل تصوّرا يمكنه – على حد زعمه وزعم من يقفون وراءه – إنهاء معاناة الشعب الصحراوي الذي عليه، حسب هذه الرواية دائما، القبول بالأمر الواقع والتنازل عن قضيته العادلة، التي واجه من أجلها استعمارين؛ الإسباني ثم المغربي، هذا الأخير الذي لم يحرّك ساكنا عندما كان الصحراويون يحاربون الأسبان، بل أكثر من ذلك كان جواب الحسن الثاني عندما طلب منه الدعم لإطلاق حركة تحرّر، قال عبارته الشهيرة: لن استعدي الأسبان من أجل حفنة رمل في الصحراء؟!
ولكن ذلك لم يمنع الشعب الصحراوي من تأسيس حركته التحررية بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، المعروفة اختصارا باللغة الإسبانية بـ»بوليساريو» سنة 1973، أي عامين قبل انسحاب الاستعمار الإسباني، ليغيّر المغرب لهجته بمجرد انسحاب الأسبان ويدّعي سيادته على الأراضي الصحراوية.
ثم سارع الحسن الثاني في السنة نفسها، إلى طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية، علّه يجد فيه ما يبرّر أطماعه التوسّعية واستيلاءه على الصحراء الغربية، ولكن رد المحكمة كان حاسما، حيث أكّدت أنه لا سيادة للمغرب على الأراضي الصحراوية ولا ارتباطا تاريخيا بين هذه الأراضي والمملكة المغربية.
وأمام هذا الجواب الصادم، لجأ الحسن الثاني إلى مناورة «المسيرة الخضراء»، وتم تحت هذا الاجتياح العسكري (المقنّع) احتلال الأراضي الصحراوية مجددا من طرف المغرب، الذي عرض بعدها اقتسامها كغنيمة حرب، كما هو واضح في اتفاقية مدريد المشؤومة الموقّعة بين الاستعمار السابق والاستعمار الحالي وموريتانيا، التي انسحبت منها عام 1979. ليستأنف الشعب الصحراوي كفاحه ضد الاحتلال وهو اليوم أمام محطة فاصلة من كفاح يلقى فيه كل الدعم والتضامن من أحرار هذا العالم..