بعد تزايد عدد الإصابات وتصاعد منحنى الوفيات، هل يمكن التسامح مع سلوكيات الاستهتار بالوباء والاستخفاف بالتدابير الاحترازية الخيار الآمن في غياب لقاحات علاج.
سؤال يطرح بحدة في هذا الظرف الصحي الاستثنائي، الذي فرض حالة طوارئ غايتها إقناع المواطن بجدوى الانخراط في المعركة المصيرية من اجل الحياة وتجاوز التسيب والإهمال، السيناريو المتكرر.
أمام هذه الصورة السلبية لم يعد مقبولا إغماض الأعين عن تصرفات تشكك حتى في وجود وباء كورونا، وتدرج الوفيات المسجلة بلا توقف في خانة «القضاء والقدر»، وأخرى تدير ظهرها لنظام الوقاية والتأهب ولا تلتزم بالإجراءات الاحترازية من حجر صحي، عزل منزلي، تباعد اجتماعي وارتداء الكمامات.
لاحظنا هذا في فضاءات تجارية وتجمعات سكنية ونقل جماعي، حيث الإجراءات الوقائية آخر الاهتمامات، بالرغم من توجيهات الأطقم الطبية. نداءات أهل الاختصاص وصرخات متتبعي تطورات كوفيد-19، المتداولة بشبكات التواصل الاجتماعي، تناشد برفع درجة الحيطة والحذر لمواجهة انتشار فيروس سريع التغيّر، تسبب في تسجيل أرقام قياسية في عدد الإصابات والوفيات.
الوضعية الوبائية غير الطبيعية تحتم على جميع مكونات المجتمع الانخراط في الحرب المعلنة على كورونا، والقبول بدور الشريك الكامل في مقاومته بأقصى درجة الصرامة والتأهب، بعيدا عن القاعدة السلبية «تخطي راسي».
الموجة الثانية من كورونا حتمت مراجعة الحسابات وفرضت مقاربة جديدة في التعامل مع الخطر الداهم، بالتصدي لكل مستخف بالتدابير الاحترازية وفق ما يمليه الوضع الطارئ وما تستدعيه الآلية الوقائية المراهنة على حماية المواطن أولاو قبل تزويد المؤسسات العلاجية الاستشفائية بمختلف التجهيزات الطبية تشترطها منظومة صحية أحد مكونات المعادلة الأمنية وعصب الاستقرار الوطني في أبعد مداه.
الموجة الثانية فرضت تعزيز الإجراءات الوقائية التي اعتمدت في المرحلة الأولى لمواجهة كورونا، أعطت نتائج مطمئنة قبل عودة الإصابات إلى التصاعد بشكل هستيري بسبب عدم أخذ رسائل الفرق الطبية المحذرة من الآتي الأسوأ، وتركها وحدها في أولى صفوف الدفاع تواجه تداعيات فيروس، لم تعد المصالح المخصصة لكوفيد تستوعب المصابين المتوافدين بكثرة متجاوزين بكثير الطاقات والإمكانات المتوفرة.