انتشرت مخاوف وسط عائلات جزائرية في الأيام الأخيرة، بشأن ما يتداول حول وخز أطفال بإبر من مجهولين ومحاولات اختطاف بشكل ملفت للانتباه وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات توثق تفاصيل حوادث وخز يرويها ضحايا وأهاليهم..
عرف وخز أطفال بالإبر منحنا تصاعديا في الايام الأخيرة، وسجلت عشرات الحالات في عدد من الولايات مثل بومرداس، عين الدفلى، تلمسان، النعامة، البليدة وغيرها، ما زرع الرعب في نفوس عائلات جزائرية تخاف على ابنائها وفلذات أكبادها.
الجهات الرسمية تتحرك..
باشرت مصالح الدرك الوطني، تحقيقات في قضايا وخز أطفال بإبر مجهولة المحتوى والمصدر بولايات عديدة منذ الأسبوع الفارط، أسفرت عن توقيف مشتبه فيهم وتقديمهم أمام العدالة.
وورد في بيانات صادرة عن نيابات جمهورية في ولايات مختلفة أن مصالح الضبطية القضائية تحركت وفتحت تحقيقات في حالات وخز بالإبرة لأطفال متمدرسين بالطور الابتدائي من طرف مجهولين للكشف عن أسباب ودوافع هذا الفعل الإجرامي.
وفي انتظار استكمال التحقيق الابتدائي وتوقيف الفاعلين وكشف أسباب ودوافع هذا الفعل الإجرامي، الذي يستهدف فئة من المجتمع تحظى بالحماية القانونية والقضائية الواسعة، دعت الجهات القضائية، الأولياء للمساهمة في وضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة، من خلال تحسيس أبنائهم بضرورة الحذر من أي شخص غريب يتقرب منهم مع الإخطار الفوري للجهات المختصة بأي حالة مشابهة حتى يتسنى لمصالح الأمن التدخل بصفة فورية.
منشورات مضللة تغزو التواصل الاجتماعي
وبعد تعرض أطفال إلى وخز إبر من مجهولين، غزت منصات التواصل الاجتماعي منشورات قدمت تفسيرات لا أساس لها من الصحة ولم تثبت لحد الساعة بشكل رسمي.
وتحدثت منشورات زرعت الرعب في نفوس الأطفال وأوليائهم، عن أسباب غير رسمية لوخز أطفال بإبر، فُسرت على أنها سحر أسود وشعوذة تستهدف أطفال الجزائر، وقدم متفيهقون تفسيرات دون الاعتماد عن دلائل وبراهين تُثبت ما يقال وما قيل.
وانتشرت على نطاق واسع منشورات تتحدث عن وفاة طفلة بولاية بسكرة بعد تعرضها للوخز بإبرة من مجهول.
مخاوف عائلات جزائرية
ترى أخصائية العلاج النفسي، الدكتورة عائشة شباكي بوضياف، أن وخز الأطفال بالإبر حدث جديد في الجزائر انتشر بسرعة في الأيام الأخيرة.
تشير الدكتورة عائشة شباكي بوضياف، في حديث لـ “الشعب أونلاين”، إلى أن “منصات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في زرع الخوف والهلع لدى العائلات الجزائرية خاصة الأولياء وبنائهم المتمدرسين بسبب ما يتداول بشأن وخز أطفال بأبر من طرف مجهولين”.
وتوضع الأخصائية بالقول: “من الناحية النفسية الهلع الذي يصيب الأطفال وأوليائهم سيعود بالضرر عليهم، لأن الولي سيعطل كل مشاغله ويرافق ابنه إلى المدرسة خوفا من تعرضه لمكروه، خاصة في ظل ما يروج له حول السحر بسبب الوخز بالإبر، وتأثير عليه على الطفل بشكل سلبي مستقبلا”.
وتؤكد بوضياف أن “حرص الأولياء الكبير على أبنائهم سيؤثر سلبا على نفسية الطفل وينتج عنه خوف وقلق دائم بسبب خطر لا يدركون مصدرهم وسيبقى وخز الأطفال بالإبر هوس يلاحق التلاميذ جراء ما يسمعونه ويرونه” .
وفي هذا السياق، أكدت الأخصائية النفسية أنه يتعين على الأولياء، “الحذر من أي آلة حادة تحتوي دما وُخز الطفل بها، إذ أنها يمكن تحمل أمراض متنقلة أو عدوى” .
وبشأن ما يروج له حول الغرض من وخز الأطفال بالإبر على أنه سحر أسود واختلاط الدم بفيروسات خطيرة، تقول الأخصائية إن كثيرين يبحثون عن الشهرة عن طريق هذه المواضيع من خلال تفسيرات تهويلة.
وتقول الدكتورة شباكي: “من الناحية العلمية لا يمكن الجزم بأن وخز الطفل بإبرة سحر ، ولا يوجد دليل علمي قاطع في هذا الشأن”.
وتوضح أن المنشورات التي غزت منصات التواصل الاجتماعي بشأن هذا الموضوع تؤثر سلبا على الجانب النفسي للعائلات الجزائرية سواء الأولياء أو الأبناء، لأن كثرة التفكير في هذا الأمر يؤدي إلى وسوسة واضطراب نفسي مع مرور الوقت.
وتدعو المختصة الأولياء والأساتذة إلى “عدم حشو مخ الطفل بأفكار سوداء وتحذيره بشكل ملائم وليس تهويلي إضافة إلى التواصل مع مختص نفسي يساعد الطفل على القضاء على الهلع والخوف الذي يتعرض له” .
منشورات “فيسبوكية” غرضها زرع الخوف..
يشدد مدير المدرسة القرآنية “سيدي قاسم ” تابعة لمديرية الشؤون الدينية بمدينة نقاوس ولاية باتنة، عادل بوغرارة، على أهمية “عدم الانسياق وراء ما يتداول بمنصات التواصل الاجتماعي، خاصة ما تعلق بتفسيرات وخز الأطفال بالإبر على أنها سحر”.
وقال الشيخ بوغرارة، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، إنه “يتعين على الإنسان أن يتحصن بدينه وعدم ينساق وراء ما ينشر بصفحات فايسبوك”.
وأشار محدث “الشعب أونلاين” إلى أن “الأشخاص الذين يقولون ان وخز الأطفال بإبر سحر وسيؤثر سلبا على حياتهم يزرعون الرعب والهلع في نفوس الناس”.
ونبّه الشيخ إلى أن “هذه التفسيرات قد تكون مقصودة لزرع الخوف وسط العائلات الجزائرية وإيهامهم بالسحر لسرقة أموالهم بطرق غير مباشرة “.
وشدد بوغرارة على “أهمية الحذر من هذه الخزعبلات التي تنشر بمنصات التواصل الاجتماعي بشأن وخز الأطفال بإبر من مجهولين، إلى أن يتبين أمر موثوق من الجهات الرسمية والمؤهلة للحديث في مثل هذه القضايا”.
وأوضح أن “مصالح الأمن الوطني تقوم بتحقيقات في الأمر ولا يوجد لحد الساعة أمر يثبت أن وخز الأطفال بالإبر سحر أو مرض معد”. ويرى مدير المدرسة القرآنية “سيدي قاسم “، أن “ما ينشر بمنصات التواصل الاجتماع مجرد شوشرة وخزعبلات يجب عدم الانسياق وراءها”.
ودعا المتحدث إلى “تحري المعلومة قبل نشرها أو الانسياق وراءها والحرص دائما على مصدر المعلومة والتي يجب أن تكون من طرف جهات رسمية أو علماء موثوق بهم”.
أوامر وزير التربية للمحافظة على سلامة التلاميذ
وفي سياق ذي صلة، أمر وزير التربية، في ندوة وطنية بمقر الوزارة بالمرادية، عبر تقنية التحاضر المرئي، الخميس الفارط، بمباشرة عمليات تحسيسية لفائدة التلاميذ بإشراك أوليائهم، لأخذ تدابير الحيطة والحذر للمحافظة على سلامة التلاميذ.
وأكد الوزير، حسب بيان الوزارة اليوم السبت، على أهمية والانخراط في هذا المسعى وجعل الأولياء شريكا فعليا في أمن وسلامة المتمدرسين بمحيط المؤسسات التعليمية وجوارها، بشكل يضمن تأمين اليقظة الجماعية ويجعل من كل وليّ حاضر بمحيط المدرسة معنيا أخلاقيا وتضامنيا بسلامة جميع التلاميذ. وحضرت إطارات من الإدارة المركزية ومديرو التربية، أشغال الندوة، التي خُصّصت لإسداء تعليمات وتوجيهات وجب التقيّد بها.