ينقسم أعداء السلام والاستقرار في العالم حسب تصنيف المكان إلى صنفين في الداخل والخارج، لكن أعداء الداخل أو ما يطلق عليهم «الخونة» هم محل الحديث هنا لأنّهم أشد خطرا في كل الأحوال على مصالح الدول وشعوبها، لأن أعداء الخارج يعوّلون عليهم بشكل أو بآخر لتحقيق مآربهم الخبيثة، كلما رأوا أن مصالحهم في خطر.
هذا التعامل الخبيث في العلاقات الدولية بات أكثر شراسة في وقتنا الحالي والأمثلة على ذلك كثيرة، وبعض الشعوب تشاهد مسلسل خيانة أنظمتها لها يوميا، لكنها تبقى مكتوفة الايدي ومكبلة بتشريعات ديكتاتورية، شارك في وضعها ما يصطلح عليهم بأعداء الداخل.
الوضع في الجارة الشقيقة ليبيا مثال حي على ذلك، لأنه كلما اقترب الأشقاء من التوصل لطريق مختصر لحل الأزمة السياسية، ارتفعت أصوات أعداء السلام في الداخل قبل الخارج، كان آخرها ما حدث في منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس منذ أيام قليلة، حيث عملت أطراف دولية على تحريك المياه الراكدة وزرع الفتنة بين فواعل الداخل بعد إحساسها بتراجع نفوذها وهي تعمل على إجهاض التوافق.
لن نتناول هنا تفاصيل الحوار السياسي، ولكن سنتحدث عن ما حدث خارج قاعة المفاوضات، وهو طبعا ضروري لكشف بعض الحقائق التي باتت تتردد وسط الشعب الليبي من تلقي أطراف مشاركة لرشاوى لتأجيج الوضع وانتهاج سياسة التفرقة. وما يؤكد هذا، مطالبة 11 منظمة حقوقية وأهلية الأمين العام للأمم المتحدة والبعثة الأممية للدعم في ليبيا ومكتب النائب العام في طرابلس بفتح تحقيق جنائي عاجل في هذه القضية التي عرفها حوار تونس.
المنظمات أكّدت في بيان رسمي، أن عملية اختيار المشاركين في الحوار، كان يجب أن تتمتع بقدر أكبر من الثقة، إلا أن ما حدث كان عكس ذلك، لأن أصحاب المصالح توقعوا حل الازمة وبالطبع انتهاءها يعني نهاية مصالحهم، ولهذا يحاولون منذ أيام إشعال الفتنة بعد إخمادها باتفاق جنيف في 23 أكتوبر الماضي.
لكي تحظى نتائج الحوار بالقبول والاحترام لدى الليبيين، فضلاً عن العواقب الوخيمة المحتملة على فرص تحقيق السلام وإجراء الانتخابات، يجب القضاء على أعداء السلام في الداخل أولا وقبل كل شيء.