عودة نشاط استيراد المركبات وقبيل أشهر معدودات عن تصنيع أول مركبة بمصنع السيارات «فيات» بوهران، يفرض الحديث عن سوق المناولة نفسه هذه الأيام، والذي يعد قاعدة أساسية للتصنيع؛ فبين متفائل بقدرات صنّاع قطع الغيّار المحليّة على تغطية حاجيات سوق صناعة المركبات واستيرادها، وبين المنادين بضرورة فتح المجال أمام استيراد قطع الغيار الأصلية بصفة أكثر تنظيما، نجد سوق المركبات أمام تحديّات على أكثر من صعيد لتكون عند حسن تطلعات وآمال المواطن في سوق مركبات دون ذكريات وأخطاء الماضي.
يعتبر عدد المناولين في مجال قطع غيار المركبات قليلا، مقارنة بما ينتظر الجزائر من تحديات في ميدان صناعة وتركيب السيارات واستيرادها، في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع انفراج أزمة استيراد قطع غيار المركبات الأصلية والتي تشير تصريحات إعلامية لمتعاملين محليّين عن قرب انفراجها، بعد أن أوضح المدير العام لوكالة «برومو صالون»، نبيل باي بومزراق، في ندوة صحفية على هامش افتتاح صالون تجهيزات السيارات «إيكيب أوتو»، بداية هذا الأسبوع، «أنّ المتعاملين شرعوا في التسجيل عبر المنصة الرقمية للوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية لاستيراد قطع الغيار من الخارج».
ويعتبر حال قطاع المناولة الصناعية من حال القطاع الصناعي في الجزائر، والذي لا تتعدى مساهمته في الناتج المحلي الخام 5٪ رغم كل الإمكانات والمقومات المتوفرة.
وكشف رئيس المجلس الوطني الاستشاري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، عادل بن ساسي، في تصريحات سابقة، أن إعادة بعث نشاط المناولة هو بمثابة استثمار من شأنه تقليص فاتورة الواردات بقيمة 1 مليار دولار في مجال قطع غيار المركبات.
ويرى متابعون للشأن الصناعي بالجزائر، أن الضرورة الملحة اليوم للنهوض بقطاع المناولة وقطع الغيار، تتمحور حول إقرار قوانين ونصوص تنظيمية جديدة تتكيف مع تحديّات البلد في تصنيع المركبات محليّا، فالقوانين السابقة كانت من بين الأسباب التي أجهضت مشاريع صناعة المركبات وحيادها عن حلم المواطن في رؤية صناعة حقيقة للمركبات ببلده.
يرى العديد من المتابعين أن غياب الجزائر عن استيراد المركبات لثلاث سنوات متتالية قد فوّت عليها مواكبة الكثير من التكنولوجيا الحاصلة في مجال المركبات اليوم، إذ يرى هؤلاء أن السيارة أصبحت بمثابة الحاسوب الذي يسير على أربع عجلات، بالإضافة الى الثورة التي تشهدها صناعة السيارات الكهربائية، ما يتطلب نظرة جادّة استشرافية في هذا النوع من المركبات.
في هذا الشأن، يقول بلقاضي مسعود البشير، ممثل عدة شركات أجنبية متخصصة في تجهيز ورشات صيانة وتصليح المركبات وتوفير أجهزة تشخيص السيارات والمسح الضوئي، إن شركة «أوتيل» باشرت تكوين ممثليها بالجزائر في مجال السيارات الهجينة «هيبريد» التي تشتغل بمحرك بنزين وكهرباء،
في انتظار صدور دفتر الشروط الخاص بتوفير محطات التزويد بكهرباء السيارات بالجزائر والذي تعتزم الشركة، بحسب ممثلها، ولوجه بقوة.
وأضاف محدثنا، أن صناعة تجهيزات ورشات صيانة المركبات محليّا يتطلب حجما أكبر من السوق المحليّة الحالية وهو ما يعني أن التفكير في هذه الصناعة محليا يتطلب بعدا في النظر وشبكة توزيع خارج الجزائر. وأوضح بلقاضي، أن هذا النوع من الصناعة يرتبط بحجم الإنتاج، فكلما كانت كمية الإنتاج كبيرة كان هامش الربح كذلك، وفي حال الاعتماد على السوق المحليّة فهي لن تغطي تكاليف الإنتاج.
وأوضح بلقاضي مسعود البشير، أنه وفي الوقت الحالي فإن استيراد هذه التجهيزات هو الأفضل من الناحية الاقتصادية. وأشار إلى أن استيراد المركبات الجديدة لا يعني التخلي عن ورشات الصيانة، وعمل هذه الأخير سيتضاعف كلما ازداد حجم حظيرة المركبات بالجزائر.
وعن السيّارات الهجينة بالجزائر، أوضح بلقاضي أنه بالإمكان الاستغناء عن بعض المعدّات التي كانت تُعتمد في ورشات الصيانة محليّا، لكن أجهزة تشخيص السيارات والمسح الضوئي ستصبح ضرورة في كل الورشات، مع ضرورة تكوين عصري لمستعملي هذه الأجهزة.
من جهته، أوضح مسيّر شركة «فورص بلاستيك» المختص في صناعة قطع غيار ولواحق السيارات من المطاط والبلاستيك بالجزائر، بن بوط فؤاد، أن الجزائر خطت خطوة هامة في مجال دعم منتجي قطع الغيار ولواحق السيارات. كما ان وقف الاستيراد العشوائي ساهم في دعم المنتوج المحلّي، كاشفا عن أن شركته توفر ما يقدر بـ20٪ من حاجيات السوق المحليّة.
وأضاف بن بوط، أن شركته، الواقعة شرق الجزائر، توفر اليوم 6 ملايين وحدة من قطع الغيار ولواحق السيارات المصنوعة بمادتي المطاط والبلاستيك سنويا.
وكشف أن الهدف المسطر للمؤسسة يصبو الى بلوغ إنتاج 10 ملايين وحدة خلال سنة 2023، وهو الهدف الذي يتماشى مع قدرات المؤسسة ومتطلبات السوق، خاصة عقب عودة نشاط الاستيراد وصناعة المركبات محليّا. وأوضح محدثنا، أن شركته حازت على شهادة «إيزو» في صناعة البطاريات سنة 2015 وتعمل اليوم على حيازة هذه الشهادة في مجال صناعة قطاع غيار ولواحق السيارات من المطاط والبلاستيك.