لم نكن نقصد إلى التحري عن مقدار عبوة الماء ذات اللترات الخمس، حين أفرغنا محتواها في عبوة شبيهة، تضمّن الملصق المثبت عليها، إعلانا أحمرَ اللون قانياً، يفيد بأنّ المنتِج (جزاه الله خيراً) تبرّع بلتر ونصف اللتر زيادة، احتفاء بشهر رمضان الكريم..
غير أن المفاجأة جاءت سريعا، وإذا العبوة صاحبة الملصق (الكريم) تمتلئ كاملة بمحتوى العبوة (أم خمس)، ليتّضح أن صاحبنا المنتج (عفا الله عنّا وعنه) اكتفى بالإعلان فقط، ولم يضف ما وعد به على الملصق..
وقد يكون واضحا أن الإعلان عن (زيادة كذا) و(إضافة كيت)، مجّاناً، في مادة «الماء» بصفة خاصة، خاطئ من أساسه؛ ذلك أنّ «الماء» (بما هو أصل الحياة) غير قابل للبيع، ولا للملكية الخاصة، ولا لـ(الاحتكار)، وهذا لا يمنع الدّول جميعا من الحرص على مواردها المائية، والمحافظة عليها بالتشريعات التي تحفظ حقوق أبنائها، وعلى هذا يكون الأصل أن الواحد من الناس لا يدفع مقابل «الماء» حين يشتري قارورة أو عبوة، بل لا يدفع مقابل الماء حين يدفع فاتورة «سيال» أو «الجزائرية للمياه»، وإنما يدفع مقابل «الخدمة» التي أوصلت إليه الماء، والناس جميعا يدفعون مقابل الفواتير، كي يضمنوا للشركات المختصة ما يتيح لها مواصلة خدماتها، تماما مثلما يدفعون مقابل القوارير والعبوات، كي يضمنوا للمنتج القدرة على مواصلة إنتاجه. فإذا قال الواحد منّا (أشتري الماء) أو (أدفع فاتورة الماء)، فإن المقولة محض بلاغة..
وقد يكون واضحا كذلك، أن المنتج صاحب العبوة (الكريمة!!) يعتقد أنّه يتاجر بـ»الماء»؛ لهذا راهن على إعلان (الزيادة المجانية) كي يكون له عونا على العبوات المنافسة، ونسي أن يصدّق إعلانه، تماما مثلما نسي القول المأثور الجزائري: (اللي يبيع الما، يموت اعمى).. ولله في خلقه شؤون..