من يتعرّف على «نعم الجزائر» الطبيعية، وخصوصا الجوانب المهدورة منها، وفيها، سيقول حتما: نحن أغنياء حدّ التخمة.. لكننا لا نرى غير ما يأتي من الموانئ والمطارات..
في زمن البحث عن بدائل تنموية وخيارات طاقوية ومداخيل أخرى غير مداخيل المحروقات وضعتنا في فوهة اختلال مالي فظيع، بدأ من كانوا يبحثون عن فرصة لطرح فكرة جديدة، واقتراح بديل تنموي أو طاقوي، يتقدمون واجهة «نحن هنا»، من خلال وسائط جديدة، ومنتديات ومقترحات، تسوق لها الجامعة، والجمعية المتخصصة، وخبراء لا يسارعون لـ»تأميم» هذه الصفة، مثلما يفعل من تعودوا على استعراض عضلات فكرية وسياسية، ولما تطالبهم بالملموس، يهربون إلى سور كركلا، ويقولون: إن شاء الله..
في الجزائر، ثروات جاهزة يمكن أن تدر عليها ملايير الدولارات، في مواسم محدودة زمنيا، مثلما يقول خبراء في التنمية والاستفادة من الخيرات الطبيعية التي لا تكلف أكثر من مقابل لتجميعها، وتوظيبها ونقلها، مثل الترفاس الجزائري وهو من أجود أنواع الكمأة، الذي يطيب له الانتشار بطول وعرض 200 مليون هكتار، شمال البلاد، من تبسة إلى تلمسان ومن شمال الصحراء إلى تخوم ولايات الشمال..
في تقدير خبراء الفطر وأسواقها الدولية، الجزائر منتجة لما يعادل 10 ملايير دولار منه، لكن هذا الإنتاج ينتهي في معالف الكباش أو «يبور» في البرية، ولا يستفيد منه أحد..
ما يحدث للغابات الذي حرك الحكومة وأمر الرئيس تبون بمعاقبة كل من تسول له نفسه العبث بها، وحرقها، كشف للمهتمين بما يضيع من خيرات غابية جوانب لم يكونوا يفكرون فيها، مثل ثمارها المطلوبة جدا في الأسواق الأمريكية والأوربية، على غرار «الحلموش» (ثمار الريحان) مثلما يحلو لأهل شرق البلاد نعته، والكيلوغرام الواحد منه يساوي 700 دولار.. مع أنه في بلادي يضيع مع رأس كبريت مجرمة..
وأشياء أخرى طبيعية، طبعا، لا تعد ولا تحصى، يعرفها أساتذة أفنوا حياتهم بالمعهد الفلاحي في الحراش، ويعرفون كيف نستثمر فيها، متى ركزنا على ما هو متاح، و»مجاني» في الطبيعة، وكيفية تحويله إلى «مايد إن آلجيري»..