لا شك ان قطاع الخدمات تطور في زمننا هذا تطوّرا رهيبا، ولم تعد الحال كما كانت في زمان (خلّص ومن بعد ريكلامي)، أين كان الموظف بالشباك يقابل الناس (مشنّفا)، ويتكلم كأنه جلمود صخر لا يحطه السيل من عل، ويكاد لا يخاطب الناس إلا بأرنبة أنفه.. ٱه.. كانت أياما عصيبة عانى الجزائري فيها الأمرّين، وعالج الأهوال لمجرد الرغبة في دفع مستحقات الفواتير، أو استخراج وثائق يحتاجها.. كانت أياما مضت وانقضت، وصارت ذكريات مرّة لا يتمنى أحدٌ عودتها..
ولسنا نبالغ في شيء إذا قلنا إن قطاع الخدمات مجملا انتقل من الظلمات إلى النور منذ اقتحمت الرقمنة الحياة اليومية، فصار الواحد من الناس قادرا على قضاء مصالحه من داره، دون حاجة إلى التنقل، ولا إلى التزاحم في الطوابير، بل إن عمال مؤسسات الخدمات أنفسهم صاروا (يفرحون) حين يستقبلون بعض الزبائن، وصار الزبون يستحي من شدّة ما يحس به من عناية فائقة.. ومع هذا، تبقى بعض النقائص التي ينبغي الحرص على تجاوزها، إذ ليس يعقل أن تعدّ مؤسسة جميع أسباب تقديم خدمات راقية، ثم تعجز عن إرسال رسالة نصية صغيرة، تبلّغ الزبون بموعد الدفع مثلا، فهذه لا تكلف شيئا، بل إنها الشهادة التي تثبت للزبون بأن المؤسسة حريصة على مصلحته..
ونعلم أن فكرة الرقمنة في حدّ ذاتها تحتاج إلى بعض الوقت كي تتأصل، ولكن هذا لا يصلح للاعتذار عن النقص، خاصة حين يكون في متناولنا تجاوزه، لأننا في هذه الحال، نكون في وضع بائس للغاية يسمى (نقص القادرين على التمام).. وهذا عيب لا يُجارى..