حققت منطقة وادي ريغ الممتدة عبر أقاليم ولايتي توقرت والمغير خطوات هامة في مجال إنتاج التمور وتطوير هذه الشعبة الإستراتيجية من حيث الكمية والنوعية، لتفتح بذلك آفاق واعدة نحو التصدير.
ويمثل نشاط زراعة النخيل الطابع الرئيسي لسكان هذه المنطقة حيث تفوق المساحة الإجمالية المخصصة له بولايتي توقرت والمغير 38.000 هكتار والتي تشكل أكثر من 85 بالمائة من إجمالي المساحة الفلاحية.
ويصل تعداد ثروة النخيل بالولايتين إلى حوالي ثلاث ملايين نخلة تنتج مختلف أصناف التمور وفي مقدمتها دقلة نور بنسبة 70 بالمائة، فيما يتوزع باقي الإنتاج على الأصناف الأخرى من بينها الغرس (عجينة التمر) والدقلة البيضاء.
و قد ساهمت مختلف البرامج التنموية التي وضعتها الدولة ضمن خطط دعم وتطوير هذه الشعبة الإستراتيجية في تعزيز مردودية إنتاج محاصيل التمور بمنطقة وادي ريغ كما ونوعا، حيث بلغت كمية الإنتاج المحققة برسم حملة الجني الفارطة أكثر من 2 مليون قنطار بواقع 1.042.711 قنطار بولاية توقرت و1.018.400 قنطار بولاية المغير، حسب معطيات مصالح القطاع.
و شهد إنتاج التمور بولاية توقرت هذا الموسم ارتفاعا مقارنة بالموسم الفلاحي المنصرم قدر بنسبة 87ر2 بالمائة، فيما سجل في المقابل استقرارا في الإنتاج خلال ذات الموسم بولاية المغير المجاورة، حسب مديرية المصالح الفلاحية بالولايتين.
و تحرص ذات المصالح بالولايتين على تفعيل كافة آليات الدعم الفلاحي المتاحة التي من شأنها تشجيع الانخراط في هذه الشعبة وتطويرها والرفع من مردودية إنتاج التمور بالمنطقة.
و كشفت مديرة المصالح الفلاحية بالمغير, بلعقبي وردية, عن توسيع للمساحات المخصصة لزراعة النخيل خلال السنوات الأخيرة قوامه 5 آلاف هكتار.
و من جهتها, تعكف مصالح القطاع بتوقرت على تنفيذ برنامج بنحو مليار دج لدعم عمليات غرس النخيل على أوسع نطاق وحفر آبار السقي عبر مختلف بلديات الولاية.
وفي ظل انتعاش شعبة التمور وتزايد الاهتمام والطلب على هذا المنتوج الفلاحي في الأسواق الوطنية والعالمية, برزت تجارب ومشاريع واعدة في مجال توضيب وتحويل التمور ومشتقاتها، حيث تحصي ولايتا توقرت والمغير مالا يقل عن 23 مؤسسة مصغرة ناشطة في الصناعات التحويلية للتمور إلى جانب 17 متعاملا اقتصاديا في مجال التصدير.
و سجلت مصالح التجارة بالولايتين خلال سنة 2022 تصدير أكثر من 7.500 طن من التمور (صنف دقلة نور) إلى عدة دول على غرار السنغال والنيجر وموريتانيا وكذا بعض دول الشرق الأوسط.
و تبرز في هذا المجال مؤسسة “رويسي” لإنتاج وتحويل التمور ببلدية جامعة (المغير) التي استطاعت اقتحام مجال التصدير منذ 2017 وولوج بتمور وادي ريغ إلى مختلف الأسواق العالمية، حيث بلغت كميات التمور المصدرة سنويا من طرف هذه المؤسسة إلى 700 طن من تمور دقلة نور إلى عدة دول أوروبية أبرزها روسيا.
و أكد صاحب المؤسسة, سلامي رويسي, أن تمور دقلة نور تعد من أكثر التمور رواجا وطلبا في الأسواق العالمية نظرا لجودتها العالية ومذاقها المتفرد. ويتطلع ذات المستثمر على المدى القصير إلى تعزيز قدرات الإنتاج ورفع كميات التصدير واستهداف أسواق جديدة وذلك من خلال تطوير وحدات الإنتاج والتصنيع والرفع من كفاءة اليد العاملة وتدعيمها بأكثر من 100 عامل جديد في القريب.
كما يعد الشاب سليمان بوخالفة من بلدية سيدي عمران بدائرة جامعة وهو مسير مؤسسة ”الروابي” للتمور ومشتقاتها, من النماذج الطموحة في مجال الاستثمار في إنتاج وتحويل التمور ومشتقاتها.
كما يعد الشاب سليمان بوخالفة من بلدية سيدي عمران بدائرة جامعة وهو مسير مؤسسة ”الروابي” للتمور ومشتقاتها, من النماذج الطموحة في مجال الاستثمار في إنتاج وتحويل التمور ومشتقاتها.
ورغم حداثة مؤسسته التي أنشأها في 2019 في إطار جهاز تسيير القرض المصغر، إلا أنه تمكن من تصنيع منتوجات ذات جودة رفيعة من التمر ومشتقاته على غرار عسل التمر ومسحوق التمر.
ويتأهب ذات المستثمر لخوض قريبا تجربة تصدير شحنة من منتوجه إلى كندا كأول عملية تصدير له.
ومن جهته, يرى بن المنور حاج أحمد, وهو مستثمر في مشتقات التمور ببلدية الزاوية العابدية بولاية توقرت, أن الاستثمار في الشعبة “جد مثمر” بالنظر للقيمة الغذائية والاقتصادية لهذه المادة الغذائية التي يتزايد الطلب عليها باستمرار، الأمر الذي شجعه لاقتحام هذا النشاط منذ 2015.
ومكنت الخبرة التي اكتسبها السيد بن المنور في هذا النشاط مع مرور السنين في أن يبدع في إنتاج عدة أنواع من التمور ومشتقاتها على غرار مسحوق التمر (الطمينة) والفرينة وقهوة نواة التمر و منتوجات أخرى تحضر كخليط غذائي مع القمح الصلب.
و أشار الى أن الفرص التي حظي بها من خلال مشاركاته في عدة معارض وطنية ودولية ساهمت في الترويج أكثر لمنتجاته والتعرف عن كثب على طرق وأشكال التوضيب والتعليب وكيفية عرض المنتوج وفق معايير المعمول بها عالميا.
ويجري حاليا تجسيد عدة مشاريع استثمارية لتطوير شعبة التمور بولاية توقرت، سيما في ما يتعلق بالصناعة التحويلية والتوضيب وغيرها من منشآت التبريد والتخزين، حيث تسجل الولاية لوحدها ما لا يقل عن 16 مشروعا من هذا النوع ما بين الدراسة والإنجاز، ما من شأنه إعطاء قيمة مضافة وقفزة نوعية لهذه الشعبة بالمنطقة والتي يراهن عليها في دعم الصادرات الوطنية.
وأوضح مدير الصناعة لولاية توقرت, حسين همال, أن وادي ريغ تمثل بيئة مثالية للاستثمار في هذا المجال بالنظر لخصوصية المنطقة التي تتميز بطابعها الفلاحي وكذا القدرات الهائلة التي تتوفر عليها في إنتاج التمور.
وإلى جانب الامتيازات التي توفرها الدولة من خلال صندوق دعم الصادرات, تعمل الغرفة الولائية للتجارة و الصناعة لوادي ريغ على ضمان المرافقة والمساعدة اللازمة للمصدرين سيما في ما تعلق بإشراكهم في المعارض الدولية بغية فتح أسواق جديدة لمنتجاتهم، مثلما شرح الأمين العام للغرفة, سليمان عبد الحميد.