أفاق السّادة “الباركينغورات” من سباتهم الشّتوي، وعادوا إلى الانتشار عبر الشّوارع والأحياء، ليمعنوا في تلويث المحيط العام بممارسات دنيئة في جهرة النهار، دون وازع ولا رادع.. تارة يلبسون لبوس المساكين الذين تقلّبت بهم الحياة، كي يبرروا احتلالهم للأرصفة، وتارة يمتشقون السيوف والخناجر كي يفرضوا سطوتهم على الفضاء العام، وفي الحالين، يجد المواطن المغبون نفسه أمام خيارين.. الدّفع أو التعرض لما لا تحمد عقباه..
ولعل يكون واضحا أن (سيدنا باركينغور) يعتقد في قرارة نفسه أنّه يمارس حقّه الشّرعي في الحياة؛ ذلك لأنه فوّت على نفسه حقه الشرعي بمقاعد الدراسة، ما يعني (بالنسبة إليه طبعا) أن (الأشرار الذين تعلّموا وعملوا) ينبغي أن يدفعوا عنه ثمن تقاعسه وكسله وحمقه..
ولقد سبق لمصالح الأمن أن تكفلت بـ(السادة الباركينغورات)، ووضعتهم عند حدّهم وفقا للقانون، ويبدو أنهم وطّنوا في أنفسهم أن الأمر مجرّد حملة مرّت، فعادوا إلى ضلالهم القديم، وأطلقوا العنان لمضايقة المسالمين من الناس، دون أن يضعوا في حسبانهم أن القانون الذي ردعهم أوّل مرة، ما يزال ساريا فاعلا، بل دون أن يخطر لهم على بال أن الجزائر الجديدة لا يمكن أن تكون مرتعا لـ(البلطجية والسّراق)، بعد أن أعدّت أسباب الحياة الكريمة، فوفّرت منحة البطالة، وفتحت مراكز التكوين، وأتاحت كلّ سبل الكسب المشروع، ولم تترك للباركينغور والمضارب غير الشرعي وغيرهما من الباحثين عن الربح السهل، سوى القانون الصارم، ليتكفل بأسقامهم، ويحمي المجتمع من بؤسهم..
إن فكرة (باركينغ الشارع) مؤذية جدّا، وأذاها لا يتوقف عند المواطن وحده، وإنما يمتد إلى قطاعات استراتيجية مثل السياحة، فيدمّرها تدميرا، وليس من حلّ سوى تطبيق القانون بصرامة، وصدق المثل الجزائري القائل.. (اضّرْبُو.. يعرف مَضَّربُو)..