في أجواء طبعها الاحتجاج على الوضع الاجتماعي والاقتصادي الكارثي الذي يشهده المغرب، طالبت التجمعات الحاشدة للطبقة العاملة بالمملكة، مساء أمس الاثنين، برفع الاجور و تحسين القدرة الشرائية، في ظل تخبط تام للحكومة و فشلها الذريع في التعاطي مع الازمة.
وسط اجراءات أمنية مشددة، شارك المغاربة في وقفات ومسيرات دعت إليها نقابات في الرباط وعدد من المدن، بمناسبة عيد العمال، مرددين هتافات داعية للحد من ارتفاع الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعيشون للعام الثاني على التوالي تحت وطأة الغلاء الفاحش، ورافعين لافتات تطالب بالرفع من الأجور وإنصاف العمال وتلبية حقوقهم.
وخلال المظاهرات التي نظمت تحت شعار “لا لتدمير القدرة الشرائية والمس بمكتسبات التقاعد والإخلال بالاتفاقات الاجتماعية”، أبرزت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن الحكومة -وخلافا لكل الوعود والبرامج الانتخابية- “عملت على تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية”.
ونبهت الى أن قانون الذي يسير المال العام “يتضمن كل أنواع الاختيارات الاقتصادية والمالية الطبقية الهادفة إلى المزيد من تركيز الثروة في يد حفنة صغيرة تجمع بين السلطة والمال، و امتيازات ودعم لا مشروط للرأسمال الريعي الاحتكاري، مقابل المزيد من التفقير في حق أوسع فئات الشعب، واللامبالاة تجاه ما يعيشه المغاربة من غلاء مهول في أسعار المواد الأساسية، و ارتفاع معدل التضخم، وتزايد عدد الفقراء بما يفوق ثلاثة ملايين شخص، وتزايد أعداد العاطلين، و ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، وتردي منظومة الصحة العمومية”.
فالأزمة -تضيف النقابة- “لازالت مستمرة، ما يجعلنا نتخوف من الآتي، خصوصا عند استحضار الانعكاسات الاجتماعية لهذه السياسات اللاشعبية، وهذه المخططات الهادفة إلى تصفية الخدمات العمومية وتفكيك الوظيفة العمومية والإجهاز على المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة وعموم المواطنين والمواطنات”.
ولفتت إلى أن الدولة عملت على “إغلاق المجال السياسي وإفساده وربطه بالريع والفساد والولاء، وصناعة الأحزاب والنخب على المقاس، بما يبقي وضعية الاستبداد والممارسة الصورية للديمقراطية بواسطة انتخابات فاسدة، وصناعة الخرائط السياسية والمؤسسات الشكلية التي لا علاقة لها بالإرادة الشعبية، مع الإبقاء على المقاربة الأمنية الجاثمة على أنفاس المواطنين، والقامعة لكل أشكال التعبير والرأي والاحتجاج والحريات الفردية والجماعية”.
وأبرزت ان الحكومة الحالية تمثل “الوجه الحقيقي لاختيارات الدولة القائمة على الجمع بين السلط من جهة، والجمع بين السلطة والمال من جهة أخرى، وما يمكن أن ينتج عن هذا الجمع من مفاسد سياسية واقتصادية تنعكس على الواقع الاقتصادي والاجتماعي”.
وفي سياق متسم بالغلاء الذي أضحى مقلقا، خاصة في ظل اعتباره “معطى هيكليا لن يتم التخلص منه قريبا”، طالبت اتحادات عمالية بالعمل على إعفاء بعض السلع الأساسية من الضريبة على القيمة المضافة بهدف خفض الأسعار.
ومن هذا المنظور، قالت الجبهة الاجتماعية المغربية إن الطبقة العاملة “تعاني من قهر البورجوازية والليبرالية المتوحشة، المتحكمة في السياسة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وبالتالي تزداد فقرا، في الوقت الذي تفاقم فيه الباطرونا ثرواتها”.
من جهته، وصف الاتحاد الوطني للشغل في المغرب، الحكومة ب”الفاشلة” وبأنها “حكومة الريع والمستثمرين وتضارب المصالح، وليس التي تحافظ على مصالح الشعب والعمال، وبالتالي لم تف بما جاء في تصريحاتها الحكومية”.
وبنفس المناسبة، قال حزب النهج الديمقراطي إن الحوارات الاجتماعية، “كما تريدها حكومة الباطرونا، تهدف بالأساس إلى فرض السلم الاجتماعي على الشغيلة بأبخس ثمن و استغلال، و استعباد الطبقة العاملة من طرف الرأسمالية المتوحشة”.
وطالب الحزب بتوقيف موجة الغلاء عبر إجراءات ملموسة وعاجلة، والزيادة العامة في الأجور والتعويضات والمعاشات، وفقا لغلاء المعيشة، داعيا الحكومة الى تطبيق قوانين الشغل و الإيفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاقاتها مع النقابات، وتوقيف موجة التسريحات . كما دعا إلى احترام الحريات العامة وحقوق الانسان و إطلاق سراح كافة المعتقلين.