أكد أساتذة محاضرون، في ندوة “التسامح والتعايش في عهد الخلافة العثمانية بالجزائر”، اليوم الأربعاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، أن الدولة العثمانية لم تكن قائمة على عنصر عرقي، انتهجت سياسة التسامح الديني والتعايش السلمي في عهدها، وكانت دولة عالمية لا تضاهيها إلا الإمبراطورية الرومانية.
قال الدكتور شكيب بن حفري، أستاذ قسم الحضارة العثمانية بالجزائر، ورئيس مركز البحوث في العلوم الاجتماعية بالبليدة، أن ثقافة التعايش السلمي في ظل الخلافة العثمانية على مدار 6 قرون جلبت أنظار الباحثين والمؤرخين الغربيين، الذين كتبوا عن التنظيم الاجتماعي للمجتمع الجزائري وكيف كانت تعيش مختلف الطوائف من مسلمين، مسيحيين ويهود، في تناغم رغم اختلاف اللغة والدين والعرق، وكانت أربعين دولة تقريبا تحت الحكم العثماني.
وأكد بن حفري، أن الدولة العثمانية كانت مرجعا لكثير من الأقليات المضطهدة في الوقت الذي كانت فيه نهضة أوروبية، ونظام القومية الذي قام بتطهير عرقي وديني وتمسيح لسكان الأندلس، وذكر بما قام به الإسبان في أمريكا اللاتينية بقتل وتشريد السكان الأصليين والقضاء على حضارتهم.
وأوضح المحاضر أن الدولة العثمانية اعتمدت في التنظيم الاجتماعي نموذجين هما إدماج الأقليات بكل علمائها ودياناتها ونموذج الإنصهار، بحيث حافظت على عاداتهم وديانتهم رغم تعدد عرقهم ودينهم واللغوي، وأخذت من المرجعية الحضارية الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي في نشر ثقافة التسامح والتعايش الديني، التي تشرها السلاطين العثمانيون. وأبرز أن الدولة العثمانية لم تكن قائمة على عنصر عرقي والدليل هو أن بعض المسيحيين اشتغلوا بالصرافة وميزانية الدولة، بحيث قربت منها كل من هو قادر على تقديم خدمة ومنفعة للدولة ومعظم البايلربايات كانوا من أصل مسيحي.
وأعطى نماذج لمسيحيين كانوا أسرى في الجزائر، منهم ميغال دي سارفنتاس، الذي انبهر للنظام الاجتماعي القائم على التعايش بين مختلف الأعراق والأديان في عهد الخلافة العثمانية.
وانتقد الباحث غالي غربي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة المدية، الهجمة الشرسة لبعض المؤرخين الأوروبيين، التي طالت الدولة العثمانية من نعوت وأوصاف بأنها دولة استبداد ضد رعاياها، وقال: “هذه الهجمة الشرسة مردها أن هذه الدولة كانت تمثل أخر دولة إسلامية استطاعت الوقوف الند للند مع الدول الأوروبية”.
وأكد غربي أن فرمان السلطان محمد الفاتح، هو أساس ما يسمى اليوم بمبادئ حقوق الإنسان، وأن هذا السلطان هو أول من وضع أسس التعامل مع غير المسلمين وأرسى ثقافة التعايش والتسامح الديني، في شكل فرمانات وتنظيمات تنظم أوضاعهم في الدولة العثمانية.
وتطرق أيضا إلى التسامح الديني وثقافة التعايش السلمي المشترك في نظر الأوروبيين.
وأكد عمار بن خروف، أستاذ التعليم العالي بجامعة الجزائر 02، أن أهم مواقف سلاطين الدولة العثمانية والقرارات التي اتخذوها خلدتهم في التاريخ بجعل كل الأقوام تعيش على أراضيها.
ووصف بن خروف، إفتراءات عض المؤرخين الغربيين، والعرب الذين تأثروا بهم، بأن فترة الحكم العثماني كانت أسوء الفترات في الجزائر، بأن هذه الأحكام تفتقد للنزاهة والموضوعية، وقال: ” سلاطين الدولة العثمانية كانت لهم مواقف مشرفة، لم يجبروا أحدا عن التخلي عن لغته واستبدالها باللغة العثمانية”، مثلا.