ألقى وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم اليوم الأربعاء، كلمة له عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد أمام الدورة غير العادية الـ21 للمجلس التنفيذي للإتحاد الإفريقي، التحضيرية لأشغال الدورتين الـ13 والـ14 غير العاديتين لمؤتمر رؤساء الدول و الحكومات للإتحاد الإفريقي، المتعلقتين على التوالي، بمنطقة التبادل الحر القارية الإفريقية و بموضوع إسكات صوت الأسلحة في إفريقيا المزمع عقدهما يومي 5 و 6 ديسمبر 2020.
وقال بوقدوم في كلمته “تعد القمتان غير العاديتين لإتحادنا والتي نحن بصدد التحضير لها، فرصة ثمينة لبلورة رؤية واضحة حول الخطوات المستقبلية التي من شأنها تسريع وتيرة تحقيق مشروع إسكات صوت الأسلحة وتفعيل منطقة التبادل الحر القارية”.
في هذا الإطار، اسمحوا لي أن اتقدم ببعض الملاحظات فيما يخص مشروعنا الرامي لتخليص قارتنا من ويلات النزاعات والحروب.
أولا، يجب الإعتراف بالجهود المبذولة من قبل الإتحاد الإفريقي بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة وغيرها، في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل، والتي ترتبت عنها نتائج محمودة في كثير من مناطق النزاع في القارة الافريقية. ومما لا شك فيه، أن الاعتراف المتجدد بدور منظمتنا القارية وتفعيل مبدأ “الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية” بالتعاون مع شركائنا، كان له الأثر البالغ في تحقيق هذه النتائج.
ثانيا، ونحن على مشارف نهاية عام 2020، نسجل ببالغ الأسف تجدد بؤر التوتر المسلح في قارتنا وكذا المحاولات المتكررة لتغييب دور منظمتنا القارية ومنعها من الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها فيما يخص قضايا افريقية.
في هذا الإطار، يشكل الوضع في الصحراء الغربية خاصة التطورات الخطيرة التي شهدناها مؤخرا، مصدر قلق كبير بالنسبة للجزائر. فبالإضافة إلى المحاولات لفرض سياسة الأمر الواقع على أراضي عضو مؤسس لمنظمتنا، أدت التجاوزات المسجلة على مدنيين في منطقة الكركرات إلى فرض تحديات جدية من شأنها تقويض حالة السلم والأمن في المنطقة برمتها. يحدث هذا في وقت يتعرض فيه المسار السياسي للأمم المتحدة لحل القضية الصحراوية لحالة جمود غير مسبوقة، أدت إلى تفاقم معاناة الشعب الصحراوي في ظل غياب آفاق مفاوضات سياسية جدية لمواصلة العمل لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره.
أمام هذه التطورات الخطيرة، لا يمكن لمنظمتنا القارية التي كان لها الدور البناء في اعداد واعتماد مخطط التسوية الأممي أن تظل مُغيبة. وبالنظر للإخفاق الكامل لآلية الترويكا، يستوجب على مجلس السلم والأمن الافريقي تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه عملا بنص بروتوكول إنشائه.
ثالثا، لدينا اعتقاد راسخ أن تحقيق الوعد الذي قطعناه على أنفسنا سنة 2013 بعدم توريث أعباء النزاعات الحالية للأجيال القادمة مرهون أيضا بمواصلة مكافحة الارهاب وتجفيف مصادر تمويله بما في ذلك الامتناع عن دفع الفدية والعمل على إنفاذ القرارات الأممية القاضية بفرض حظر على الأسلحة والتصدي للتداول غير المشروع لها. كما يجب علينا أيضا تسريع وتيرة ضبط ورسم الحدود بين دولنا في ظل الاحترام الصارم لمبدأ الاتحاد الافريقي القاضي باحترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال.
رابعا، أود التأكيد على استعداد الجزائر لمواصلة جهودها الرامية لاستتباب السلم والأمن في ربوع إفريقيا وذلك عملا بمبادئ الإتحاد الإفريقي المنصوص عليها في المادة الرابعة من عقده التأسيسي. في محيطها الإقليمي، تواصل الجزائر مرافقة الإخوة في مالي لتفعيل بنود اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر وتسعى جاهدة لإنجاح المرحلة الانتقالية في هذا البلد الشقيق. كما تعمل الجزائر على دعم المسار الأممي لإيجاد حل للأزمة في ليبيا الشقيقة في إطار احترام سيادة الشعب الليبي ووحدة أراضيه.
في الأخير، يظل التأسي والوفاء لمثل الآباء المؤسسين لمنظمتنا القارية والالتزام الكامل بالمبادئ المنصوص عليها في العقد التأسيسي للاتحاد الإفريقي، المرجعية الوحيدة التي من شأنها الدفع بنا قدما نحو تحقيق افريقيا التي نريدها جميعا، قارة آمنة، متكاملة ومزدهرة”.