يصدح لسانه بكلمات جميلة موازنة ومعبّرة تهيم بالمتلقي في بحور الشعر الشعبي وأغوار القصيد الصوفي. تحظى موهبته باهتمام الأكاديميين ومحتوي الدراسات النقدية، كما يتألّق حرفه في عديد المحافل المحلية والوطنية والدولية.. إنه الشاعر الشعبي محمد رحال الذي يكشف عن موهبته وآرائه ومشاريعه لقراء “الشعب” من خلال هذا الحوار..
«الشعب”: بين الشاعر محمد رحال والشعر الشعبي والكلمة الموزونة قصة موهبة فذة، تغذت من سهوب صحاري بير العاتر، فذاع بريقها خارج المنطقة الحدودية.. ماهي المواضيع التي تلهم قصائدك؟
الشاعر محمد رحال: المواضيع التي تلهم قصائدي الشعرية هي مواضيع كثيرة تمسّ كل المجالات التي يعيشها المجتمع وتعالج قضاياه، تؤثر في كل شرائح فئاته الصغيرة والكبيرة، منها مواضيع اجتماعية، عاطفية، سياسية ووطنية.. غالبا ما كانت البيئة التي أعيش فيها لها الأثر الكبير في تطوّر موهبتي الشعرية.
من هم الشعراء الذين تأثرت بهم؟
في الحقيقة هذا السؤال يقودني إلى بداياتي الشعرية، طبعا تأثرت وقتها بأشهر شعراء منطقتنا في الشرق الجزائري أمثال الشاعر الكبير الحاج يونس بن سلطان والشاعر أحمد بن سعد، وبعدما دخلت المشهد الثقافي الذي اكتسبت من تجاربه كفاءات زادت في موهبتي الشعرية وتعرفت بها على قامات شعرية من كل الدول العربية..
تأثرت بمن كانت لي تجارب كبيرة معهم أمثال الشاعر الليبي معاوية الصويعي والشاعر التونسي بشير عبد العظيم والشاعر الأيقونة سيدي لخضر بن خلوف الذي يعتبر أهم رواد الشعر الملحون في الغرب الجزائري، وأيضا أحببت كثيرا الشعر الشعبي الحداثي فتأثرت بأهم رواده وهم الشاعر أحمد لمسيح والشاعر الزجال توفيق ومان.
يغلب على قصائدك الطابع الصوفي.. ما السر وراء هذا الانجذاب؟
نعم يغلب على قصائدي الشعرية الطابع الصوفي، وهذا يعود إلى طبيعة نشأتي في بيئة غنية بالتراث.. وحبي لهذا الطابع المتميز راجع لكوني من عائلة تعشق تراثها الشعبي وهي متيّمة به حدّ الجنون.
يبقى الشعر الشعبي بالرغم من أصالته وكثرة الصادحين به والمولعين بقصائده، مقصورا على البيئية البدوية والصحراوية، ولا يحظى بنفس الاهتمام الذي يمسّ الشعر العمودي أو الفصيح، ما هي أسباب ذلك في نظرك؟
صدقت.. يعدّ الشعر الشعبي من أشهر الأجناس الأدبية التي تؤثر علي الثقافة الوطنية والعالمية، ويعود هذا إلى أن الشعر الشعبي يعبّر أساسا عن عادات الشعوب العربية في كل تظاهراتها الضارب في عمق تاريخها والمقياس الشامل والأول للتعريف بكل هوياتها.. لكنه لا يحظى بنفس الاهتمام الذي يمسّ الشعر العمودي والفصيح وهذا ناجم عن تعدّد وكثرة مجالات وفضاءات الشعر الشعبي الثقافية، فالشعر الشعبي لا يشمل القصائد الشعرية فقط بل كل الميادين التي يدخل فيها الشعر الشعبي منها تاريخ الأدب الشعبي الشفهي والمحكي والتي رسخت قصص أجيال كثيرة عبر قرون وقرون.. بحوره وأغراضه وتعدّد أنماطه في مناطق مختلفة في كل العالم العربي وأيضا مجالاته الأخرى التي تؤثر عليه كالأغنية والتظاهرات الوطنية.. إضافة إلى اختلاف لهجات الشعر الشعبي من دولة إلى أخرى، المرهونة باختلاف عادات شعوبها وأعراف مجتمعاتها.. فالشعر الفصيح له لغة واحدة أما الشعبي فله لغات ولهجات كثيرة.
تحظى أعمالك الشعرية بالعديد من الدراسات النقدية، ما هي انعكاساتها على حرفك؟
نعم تحظى أعمالي الشعرية بالعديد من الدراسات النقدية والأكاديمية، وعلى رأسها تلك التي تشرف عليها البروفيسورة سليماني عواطف أستاذ محاضر درجة “أ” وعضو في الاتحاد الدولي للغة العربية التي قامت لحدّ الساعة بـ5 دراسات أكاديمية، منها “جمالية الإحياء والإبداع في شعر محمد رحال” و«جمالية التقبّل والإبداع في شعر محمد رحال”، التي كان لها الأثر الكبير علي تنمية كفاءاتي في الموهبة الشعرية.
كيف يمكن إنصاف الشعر الشعبي، هل من خلال التدوين، الملتقيات أو المهرجانات؟
يمكن إنصاف الشعر الشعبي من خلال جمعه في دواوين جديدة والاهتمام به وبكل ما يتعلّق بأصحابه، خاصة وأن الشعر الشعبي مرجع تاريخي تستمد منه كل الحضارة الثقافية لأنه الوحيد الذي جمع وعرّف بأحداث وطنية وعربية عبر قرون من الزمن، وشمل قصص ونصوص قد تصلح لتكون روايات تترجمها أفلام تبقى ميراثا ثقافيا لأجيال قادمة.
ويمكن أيضا إنصاف الشعر الشعبي من خلال إقامة مهرجانات وطنية وعربية وترسيم تظاهراته وملتقياته والمحافظة على ديمومتها من قبل وزارة الثقافة والفنون، إلى جانب إقامة جوائز رسمية قارة وليست مؤقتة مثل ما هو الشأن في الدول العربية الأخرى، وإدخال الشعر الشعبي في كل المؤتمرات الوطنية والدولية وإقامة ورشات تُدرسه في كل دور الثقافة ومؤسساتها. ويمكن التعريف بالشعر الشعبي من خلال إدخاله مجالات الدراسات الأكاديمية ومزجه بعلوم اللسانيات الحديثة والسيميائية والنظريات.
لك حضور قوي على مواقع التواصل الاجتماعي هل يخدم هذا موهبتك؟
بالفعل لي حضور قوي على مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لأننا في عصر التطوّر التكنولوجي والرقمنة وزمن السرعة، وهذا ما يخدم كثيرا موهبتي خاصة من باب التواصل مع قدر كبير من الجمهور والتعريف بأعمالي على أوسع نطاق باستخدام تطبيقات لها رواجا كبيرا جدا مثل “اليوتيوب”، حيث إن لي قناة خاصة وأيضا “الفيس بوك” وغيرها من مواقع التواصل الأخرى.
حدثنا عن مشاركاتك في المسابقات الوطنية والدولية؟
مشاركاتي كثيرة جدا في المجال الثقافي منها مسابقات وطنية وملتقيات وطنية وعربية ومهرجانات دولية، كان لها دور فعّال في التعريف بي وطنيا ودوليا.
فقد شاركت في مسابقة اليوم الوطني للكتاب والمسابقة الدولية للشعر الشعبي في السعودية، المسابقة الدولية للشعر الصوفي في مصر، المسابقة الوطنية للشباب في الجزائر.. وكان لي حضور مرات كثيرة في الملتقيات أذكر منها الأيام الأدبية الأولى للشعر الشعبي في ولاية الطارف، المهرجان المغاربي الدولي دوز، المهرجان الدولي للفروسية والشعر الشعبي، المهرجان الوطني للأغنية البدوية والشعر الشعبي في طبعته 14 بتيسمسيلت.
هل من إصدارات شعرية؟
ما زلت لم أقم بأي إصدار لرصيدي من القصائد، لكنني حاليا أحضّر لديوان شعري سيرى النور قريبا.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
هي كثيرة ومتعدّدة منها الترويج لمشاريعي من خلال الدراسات الأكاديمية، وإصدار ديوان شعري حقوقه محفوظة في الديوان الوطني لحقوق المؤلف، العمل على التعريف أكثر بكل مجالات الشعر الشعبي من خلال مشاريعه دراساته وفضاءاته في الملتقيات الوطنية والعربية وفي المهرجانات.