أسعار أضاحي العيد ارتفاعا غير متوقع في الجزائر، بنسبة تراوحت بين 20 و25 بالمائة مقارنة بثمنها العام الفارط، وهو ما يعكس تفاقم أزمة غلاء الأعلاف والاضطراب الذي تشهده هذه الشعبة الفلاحية والحيوانية الأساسية بالرغم من الإجراءات الحكومية المتخذة لتقويمها.
زيادة بين 20 و25 بالمائة مقارنة بالعام الماضي
لتسليط الضوء على وضعية تسويق الأضاحي هذه الأيام، استطلعت “الشعب” بعض أسواق ونقاط بيع المواشي بولاية الوادي، التي قامت بزيارتها في نفس التوقيت والمناسبة سابقاً، ورصدت وجود تزايد بأسعار كل الأصناف بما فيها الماعز، أوعزه كثير من المُربين والمَوّالين إلى ارتفاع أثمان الأعلاف والأدوية وتكاليف أخرى.
وقد تراوح سعر الكبش الذي يزن من 30 إلى 45 كلغ بين 50.000 و80.000 دج، في حين أن ثمنه بالمواسم الفارطة كان في حدود 40.000 و70.000 دج، أما الخرفان الأقل وزنا وسنا فتبدأ من 37.000 دج، وهي التي كانت بسعر 25.000 و30.000 دج في ما سبق من أعوام.
واستغرب عدد من المشترين وضعية الأسعار الحالية للأغنام، نظرا إلى شذوذها عن قاعدة العرض والطلب باستقرار الأثمان في مستويات محددة غير مريحة لكثير من القدرات الشرائية، بدليل وجود معروض مناسب بالأسواق ويزداد حجمه وأصنافه من يوم إلى آخر.
إلى ذلك، تفيد المعطيات المتواترة من بعض الموالين الذين قابلناهم في جولاتنا، ببداية تراجع الأسعار شيئا فشيئا مع اقتراب موعد العيد، نتيجة لتوفر معروض معتبر بالأسواق يقابله نقصا في الطلب من المشترين، كما أنّ دخول سلع الفلاحين والمربين الصغار عبر القرى الريفية في قادم الأيام وعرضها ضمن نقاط بيع محدودة عبر الطرقات والمحاور المرورية سيعزّز من فرضية الانخفاض المحتمل.
وفي ظل هذه الظروف، يطالب الموالون بإيجاد حلول سريعة لمشاكل تضخم أسعار الأعلاف من سنة لأخرى، واستحداث خطط ترتيبية جديدة لشعبة تربية المواشي، وتشجيع كبار الفلاحين والمربين على تنمية ثرواتهم من خلال زراعة المحاصيل العلفية كالذرة والشعير داخل حقولهم ومستثمراتهم، حتى يكون الإنتاج الحيواني بكل أصنافه ومشتقاته بأقل تكاليف وأثمان معقولة في المستقبل.
فتح 74 نقطة بيع كباش ببومرداس
وشهدت أسواق ونقاط بيع كباش العيد انفراجا ملحوظا خلال الأيام القليلة الماضية مقارنة مع الأسابيع السابقة بعد فتح فضاءات جديدة، وبداية حركة تنقل الموالين من الولايات الداخلية المعروفة بإنتاجها وتخصصها في هذا النوع من النشاط، حيث ساهمت هذه الحركية في زيادة نسبة العرض والوفرة في رؤوس الماشية بكل أنواعها بما فيها المعز، وهي العملية التي قسمت ظهر تجار المناسبات الذين حاولوا السيطرة على عملية البيع والشراء، وفرض أسعار خيالية صدمت المواطنين الذين استسلموا للأمر الواقع وفي أعماقهم غصة حرمان أطفالهم من أضحية العيد.
فرضت ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية المطرد ودون معايير تراعي شروط الممارسة القانونية للنشاط التجاري واقعا جديدا، لكنه لم يعد ثابتا في الميدان بسبب حالة الجشع التي يمارسها التجار يوميا على المواطن الذي لم يعد قادرا على مجاراة هذه التقلبات والزيادات اليومية في أسعار السلع المختلفة، وبالتالي كان منطقيا أن تطال هذه الآفة كل المنتجات الغذائية والفلاحية مع استغلال المناسبات الاجتماعية الهامة لفرض مزيد من الرسوم الجديدة على جيوب المواطن، فكانت مناسبة عيد الأضحى التي تعتبر شعيرة مقدسة للجزائريين فرصة ثمينة للباعة والمتلاعبين لفرض منطقهم، والانقضاض على أرباب الأسر والعائلات المتطلعة لإدخال الفرحة في قلوب أطفالهم، ونيل ثواب تطبيق هذه السنة الحميدة.
وقد حاول الباعة المتحكمون في أغلب الأنشطة التجارية بما فيها أسواق الماشية منذ نهاية شهر رمضانو حسب تصريحات بعض المربين والمتابعين لهذا القطاع التسويق لظاهرة قلة رؤوس المواشي وتراجع النشاط بسبب عزوف المربين والموالين نظرا لارتفاع أسعار أعلاف الحيوانات بما فيها التبن والأعلاف اليابسة نتيجة الجفاف، وبالتالي سيكون ارتفاع أسعار الأضاحي خلال مناسبة عيد الأضحى حسب روايتهم منطقيا وتحصيل حاصل لهذه الظروف والمتغيرات.
وهي الممارسات التي حاول تجسيدها الباعة منذ حوالي أسبوعين في بعض النقاط التي بدأت تظهر باحتشام عبر الطرقات والأسواق وحتى الفضاءات الفلاحية في عدد من المستثمرات، حيث تم فرض أسعار خيالية وفق ردود المواطنين تراوحت في المعدل ما بين 75 ألف دينار الى أزيد من 100 ألف دينار في سابقة أولى، فيما قدر البعض حجم الزيادات بـ 2 مليون سنتيم مقارنة مع الموسم الماضي.
أمام هذه الظروف والمتغيرات الجديدة التي عرفتها أسعار الكباش والماشية، تم تسجيل عزوف كبير من قبل المواطنين في بداية الأمر حسب ما رصدته “الشعب” من ردود وتعليقات بولاية بومرداس بسبب الارتفاع غير المبرر لرؤوس الأغنام وعدم قدرة العائلات على الشراء، في ظل تدني القدرة الشرائية أمام تزايد التكاليف الاجتماعية وتوفير حاجيات الأطفال خاصة ألبسة العيد، حيث وصلت درجة تأثير عملية المقاطعة من تخوف الموالين والتجار بالخصوص من تكبد خسائر كبيرة والتفكير في مراجعة الأسعار وبداية البحث عن حلول لإرضاء المواطنين، الذين يبحثون عن نوعية متوسطة وبأسعار مقبولة.
والملاحظ أن الساعات الأخيرة بولاية بومرداس شهدت حركة نشاط بيع الماشية والأغنام من كباش ومعز انفراجا، بعد نزول عشرات الموالين من الولايات الداخلية الذين ضاعفوا نقاط البيع عبر الطرقات وبأسعار معقولة مثلما وقفت عليه “الشعب” في بعض النقاط، وبأسعار تراوحت ما بين 45 ألف دينار الى 90 ألف دينار بغض النظر عن الحجم والميزان مثلما هو معروف في حديث المواطنين.
وعلّق أحد الموالين عن ظاهرة ارتفاع الأسعار التي تسببت في حرمان المواطنين من أضحية العيد بالقول “أن مشكل الأسعار المتداول لا يتحمله الموال أو مربي الماشية، الذي يعرض أسعارا في المتناول ولم تعرف زيادات كبيرة رغم ارتفاع الأعلاف والتكاليف، إنما المشكلة يتحملها تجار المناسبات الذين يستغلون مثل هذه الفرص لتحقيق الثراء على حساب المواطن، والدليل ما نقوم حاليا بعرضه من أسعار في متناول كل الفئات الاجتماعية أو “الزوالية”، حسب تعبيرهم.
أضاحي بالتّقسيط.. والشّراء لمن استطاع إليه سبيلا
وجد العديد من المواطنين بولاية تندوف أنفسهم هذه السنة أمام صعوبات كبيرة في الظفر بأضحية العيد، بسبب ارتفاع أسعار المواشي رغم وفرتها النسبية مقارنةً بالسنة الفارطة.
عودة المواشي بقوة هذه السنة الى أسواق الولاية لم تُسهم في كسر الأسعار التي تحطّمت أمامها جيوب المواطنين، أيقظت جشع السماسرة وصائدي الفرص لتعويض خسائرهم الناجمة عن قرار والي أدرار السنة الماضية.
ويرى ت – بوزيان الذي يشتغل موظفاً بأن عودة البيع العشوائي للأضاحي بولاية تندوف قد ساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعارها، مضيفاً بأن حالة “الفوضى المنظّمة” التي يشهدها سوق المواشي بالولاية شكّل سانحةً وفرصة ذهبية لـ “أشباه الموالين” والسماسرة للتحكم في الأسعار.
أضاف المتحدث قائلاً بأن سلسلة الوسطاء الممتدة من الموّال الحقيقي الى المواطن، لها تأثير كبير على ارتفاع أسعار الأضاحي، فترتفع أسعار المواشي بذلك وتنخفض على حسب طول السلسلة، داعياً الى ضرورة ضبطها مستقبلاً بما يضمن استقرار السوق ويراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
من جهته، أبرز ب – بوعزيز المتابع لتطورات السوق، بأن سوق المواشي بولاية تندوف يشهد حالة من الركود الممزوج بالترقّب، فالمواطن ينتظر انهيار الأسعار، في حين أن البائع ينتظر المشتري ليحسم أمره، وبين هذا وذاك، تواصل الولاية استقبال الشاحنات المحمّلة بقطعان المواشي القادمة من الهضاب العليا وتلك القادمة من ولاية أدرار على اختلاف مصادرها وأنواعها، غير أن الثابت الوحيد هو ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه وغير مبرر على حد تعبيره.
استطرد بوعزيز قائلاً بأن فئة كبيرة من صغار الموظفين من أصحاب الدخل الضعيف قد لجأوا الى فكرة اقتناء الأضاحي بالتقسيط، وهي فكرة مستحدثة بالولاية نظراً للأسعار الفلكية التي بلغتها المواشي خلال السنوات الأخيرة، مدفوعةً بانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
عادةً ما يتم عرض بيع الأضاحي بالتقسيط على صفحات الفيس بوك التي تحولت هي الأخرى الى أسواق مفتوحة لعرض المواشي خارج سلطان الرقابة الإدارية والصحية، كما أن هذه الصفحات باتت تشكل فرصة للإطلاع على المواشي وأسعارها دون الحاجة الى تكبّد عناء التنقل.
وشرعت محافظة مؤسسة “ناس الخير” بتندوف في تجسيد جملة من المبادرات الخيرية في إطار مساعيها الرامية الى تحقيق العديد من الأهداف الإنسانية والاجتماعية بالولاية، وهي مشاريع تهدف في الأساس الى تلبية احتياجات الفئات الهشة وتحسين ظروفهم المعيشية.
أطلقت مؤسسة “ناس الخير” بتندوف مبادرة “العيد للجميع”، وهي مشروع خيري فعّال لتعزيز التعاون والتضامن الاجتماعي وتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع، من خلال تمكين العائلات المعوزة من اقتناء أضحية العيد، و«زرع بذرة فرح في قلوب المحتاجين والعائلات المعوزة”.
تعتبر مبادرة “العيد للجميع” امتداداً لطبعات سابقة مشابهة، اختلفت في الشكل والحجم، إلا أن الثابت الوحيد فيها هو سعيها لتحقيق أقصى قدر من رفاهية المعوزين، وتجسيد أبهى صور التكافل الاجتماعي.
أشارت فاطمة الزهراء خليفة المحافظة الولائية لمؤسسة ناس الخير تندوف، إلى أن حملة “العيد للجميع” يهدف الى استقطاب المحسنين ورجال الأعمال، وإسعاد أكبر عدد من المعوزين يوم العيد، ونوّهت فاطمة الزهراء الى المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع المدني كبيرة، تتطلب منه احتضان هذه الفئات واحتوائها كأحد أهم الأدوار المنوطة به من أجل التخفيف من تداعيات الفقر.
وقالت بأن القوائم الرسمية للمعوزين تتغير كل سنة بتغير الأحوال المدنية والاجتماعية للعائلات، داعيةً الى المساهمة بقوة في هذه المبادرة من أجل رسم البسمة على أوجه المحرومين وإرجاع للعيد فرحته التي فُقدت منذ سنوات.
تيجيني منصوري: السّلعة متوفّرة لكن البيع “ثقيل”
تعرف أسواق المواشي بولاية النعامة هذه الأيام ارتفاعا محسوسا في أسعار أضاحي العيد خاصة بالأسواق الأسبوعية للمواشي كسوقي عين الصفراء والمشرية، اللذين يعدان من أكبر الأسواق على المستوى الوطني وعلى حد تعبير التجار أو الموالين: “السلعة متوفرة والسومة كاينة والبيع ثقيل”، أي قليل أو منعدم إذ وصل سعر الكبش ما بين 8 ملاين سنتيم إلى 15 مليون، الحولي ما بين 65 ألف دينار إلى 12 ألف، الحولي المتوسط ما بين 48 ألف دينار إلى 60 ألف، أما الحولية أو الرخلة والتي يكثر الطلب عليها خلال هذه المناسبة الدينية، فوصلت أسعارها ما بين 45 ألف دينار إلى 58 ألف والنعجة من 42 ألف دينار إلى 62 ألف دينار جزائري.
وأكد منصوري تجيني ممثل الفيدرالية الوطنية للموالين، أن أضاحي العيد بولاية النعامة هذه السنة تعرف وفرة في الكمية والنوعية، وأن ارتفاع الأسعار الذي أصبح يتجدد ويتكرر كل سنة يرجع إلى غلاء أسعار المواد العلفية وصعوبات تربية المواشي لكثير من الموالين خصوصا مع ظاهرة الجفاف التي تعرفها المنطقة.
كما أن الأسعار يتحكم فيها السوق، فالموال يوفر السلعة والأسعار تحركها الأسواق، كما أن هناك أنواع مختلفة من الموال، حيث يوجد المربي، السمسار أو التاجر الذي يعيد إعادة البيع، ويوجد كذلك المسمن أو ما يعرف بالمنطقة بـ “القراس”، فهذه التجارة تحركها عدة أطراف وليس الموال وحده ونحن كفدرالية نادينا ومنذ سنوات وزارة الفلاحة بتسطير برنامج يهدف إلى المحافظة على المربي بعدم بيع الخروف حتى يكبر شريطة أن تكون هناك مصارف او بنوك تساير.
وترافق هذا الموال من حيث اقتناء الأعلاف لأن الموال اليوم يوجد بين المطرقة والسندان، وكل الاتهامات موجهة له وهو أكبر ضحية حيث يسهر على تربية الخروف منذ ميلاده إلى أن يصبح كبشا، ويوجه إلى السوق من خلال إطعامه ورعايته صحيا، وفي الأخير يكون البيع حسب ما يحدده السوق وليس هو الذي تعب وسهر سنوات طويلة.
سلالة “تارقي سيداون”.. الخيار الأول
تشهد أسواق المواشي والفضاءات الأربعة المستحدثة لبيعها بعاصمة الأهقار، حركية معتبرة للمواطنين من أجل اقتناء أضحية العيد، رغم ما يتداول ويثار من ردود أفعال حول أسعارها المرتفعة عن السنوات الماضية، وتبرير ذلك بغلاء الأعلاف من طرف الموالين.
تتفاوت القدرة الشرائية لسكان الولاية من قاصدي مختلف الأماكن المخصصة لبيع المواشي في مختلف بلديات الولاية، فتختلف اختياراتهم في شراء الأضحية كل حسب مقدوره، لتجتمع في الأخير حول شراء واقتناء نوع واحد من سلالات الماشية وهي سلالة ما يطلق عليه بـ “تارقي سيداون”.
في هذا الصدد، تقول المفتشة البيطرية بمديرية المصالح الفلاحية تمنغست، الدكتورة سعيدة بن مسعود في تصريح لـ “الشعب”، أن هذه السلالة تارقي سيداون (Targui-Sidaou)،اشتهرت باسم Targuia لأن تربيته الأولى كانت من قبل الطوارق الذين يعيشون ويرتحلون في منطقة الصحراء على غرار الجنوب الجزائري، فهي متواجدة خاصة في ما يعرف بالجنوب الكبير مثل تمنغست، أدرار، تندوف، إيليزي، عين صالح، وكذا مابين دول كل من مالي ونيجر، وبين منطقة “ألفسا” المتواجدة في دولة ليبيا الشقيقة.
تضيف المتحدثة، تتميز وتتصف هذه السلالة بجسمها المغطى بالشعر عوض الصوف، والذيل الطويل الرفيع، كما تعتبر سلالة لاحمة بدرجة أولى، وذوق جيد ونقص في الشحم نظرا لرعيها في البر، مما يجعلها تسير لمسافات طويلة بحثا عن الكلاء، بفضل تكيفها بشكل جيد مع المناخ الصحراوي الحار المحلي، فهي سلالة مقاومة للعطش وحتى الجوع.
هذه الخصائص والميزات، تؤكد الدكتورة سعيدة بن مسعود أهلت لحوم هذه السلالة لاستلامها وتفضيلها لدى الساكنة المحلية، وتصديرها لباقي الولايات الشمالية الأخرى، خلال السنوات الأخيرة وفق قرار ولائي يقضي بتحويلها مذبوحة لتمكين مواطنو باقي الولايات من إستهلاك اللحوم بأسعار معقولة.
يذكر أن الولاية سجلت خلال سنة 2022 حسب الأرقام والإحصائيات المعلن عنها من طرف مصالح الفلاحة ومفتشية البيطرة، ذبح 47195 رأس ماشية، ما يعادل 9439 طن من اللحوم، في حين تم إستيراد 4339 رأس من نفس السلالة في إطار ما يعرف بتجارة المقايضة من دولتي النيجر ومالي.
المواطنون يرتقبون تراجع الأسعار
تسجّل سوق المواشي بولاية ورقلة بمناسبة اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك، نسب إقبال متفاوتة عبر العديد من نقاط بيع الأضاحي، ويرجع المواطنون والموالون أسباب ذلك إلى ما تشهده السوق المحلية من ارتفاع محسوس في الأسعار.
في الوقت الذي ما زال العديد من المواطنين لم يحسموا أمرهم بعد في شراء أضحية العيد نظرا لما تسجله سوق المواشي من ارتفاع محسوس حسبهم، يضطرهم إلى التردد بشكل يومي لمراقبة الأسعار، وإذا ما عرفت بعض الانخفاض حتى يتمكنوا من شراء أضحية العيد بالأسعار التي تناسبهم، يرى الكثير من الموالين أن حركية البيع والشراء ما زالت متواصلة، كما أن العرض قد يكون أكثر خلال هذه الأيام القليلة التي تسبق يوم العيد، علما أنه يجري حسبهم البيع بشكل عادي، حيث يسجل كل موال يوميا بيع أضحيتين أو أكثر على الأقل.
وفي استطلاع لأسعار الأضاحي، كشف الموالون أنها تتراوح ما بين 48 ألف دينار و65 ألف دينار بالنسبة للخروف أو النعجة، بينما أسعار الخرفان الكبيرة حجما والكباش فتبدأ من 90 ألف دينار، واعتبر بعضهم أن هذه الأسعار مناسبة إلى حد ما.
وبينما أشار البعض إلى أن هذا الارتفاع في الأسعار طبيعي بالنظر لغلاء أسعار الأعلاف، ذكر آخرون أنه من غير الممكن إرجاع أسباب ذلك إلى غلاء الأعلاف فحسب، مشيرين إلى وجود سماسرة يتحكمون في السوق يعدون من بين أسباب الارتفاع المسجل في سوق المواشي.
وينتظر أن يكون هذا الأسبوع فرصة لخفض الأسعار وتمكين جميع المواطنين من آداء هذه الشعيرة حسبما رجحه بعض الموالين، وهو ما أكد العديد من المواطنين بولاية ورقلة عليه، حيث فضل عدد كبير منهم التأني في اقتناء الأضحية هذه السنة وذلك حتى تشهد الاسعار بعض التراجع.
هذا ويذكر أن مصالح الفلاحة لولاية ورقلة خصصت من جانبها وتلبية للطلب على الأضاحي 12 نقطة للبيع من أجل خلق جو من المنافسة مع إمكانية اقتناء الأضاحي بأسعار معقولة أو متفاوتة تستجيب لإمكانيات مختلف المواطنين.
25 نقطة لبيع الأضاحي في برج بوعريريج
خصّصت مديرية المصالح الفلاحية بولاية برج بوعريريج، أزيد من 25 نقطة بيع الأضاحي، وأزيد من 49 فرقة بيطرية لمراقبة الأضاحي، تزامنا والعشر الأواخر من شهر ذي الحجة، على مستوى البلديات التابعة لإقليم ولاية برج بوعريريج من أجل تمكين المواطن من عملية التسوق بعيدا عن مظاهر الفوضى والعشوائية التي كانت تطبع عملية التسوق مع اقتراب إحياء هذه الشعيرة المقدسة، فيما تجاوزت أسعار الكباش بزيادات تراوحت ما بين واحد ونصف مليون إلى 2 مليون للرأس الواحدة.
عرفت أسعار المواشي عبر أسواق ولاية برج بوعريريج ارتفاعا محسوسا في أسعار الأضاحي، مقارنة مع السنوات الماضية، بزيادة معتبرة وصلت الى 2 مليون مقارنة مع السنوات الماضية، أرجعه المربون إلى غلاء تكاليف تربية المواشي، وكذا اليد العاملة التي تسهر على تربية هذا المواشي، وغيرها من الأسباب التي لطالما يتحجج بها باعة المواشي في تبرير هذه الزيادة مع اقتراب هذه إحياء هذه الشعيرة العزيزة على نفوس الجزائريين.
تنقلنا إلى السوق الأسبوعية لبيع المواشي على مستوى ولاية برج بوعريريج، الذي يقصده الباعة والمربون من مختلف المناطق على غرار الولايات المجاورة، على غرار ولاية سطيف والمسيلة، حيث وقفت “الشعب” على واقع أسعار الأضاحي، لمسنا خلالها وفرة في العرض بتوافد عدد معتبر من الأغنام، صاحبها ارتفاع مهول في أسعار الأغنام، لاسيما فئة الكباش منها التي تجاوزت الخطوط الحمراء بحسب المواطنين، وصلت إلى حدود 11 و13 مليون سنتيم.
ويرجع غلاؤها بسبب المعايير والشروط المتوفرة في هذه الأنواع من الأغنام، ترتبط في الأساس بالسلالة والوزن والعمر، ناهيك عن طبيعة لحومها التي تعتمد في نموها على الرعي في الأعشاب الطبيعية كالشيح والعرعار، وغيرها من الأعشاب المنتشرة في الأحراش والجبال، بحسب العارفين بهذا الشأن.
أما بالنسبة للخرفان الأقل من عامين، فقد تجاوزت أسعارها الافتتاحية 7 إلى 6 ونصف مليون، أي بزيادة معتبرة مقارنة مع السنوات الماضية، تصل إلى 3 ملايين، في حين وصل سعر النعجة الواحدة من 5.6 إلى 6 ملايين، أي بزيادة مقدرة بـ 2.5 إلى 3 مليون مقارنة بالسنوات الماضية.
وبالرغم من هذا فقد عرفت عملية البيع والشراء نشاطا مميزا مقارنة مع الأسابيع الماضية، في حين فضل بعض المشترية والمواطنين التريث إلى هذا الأسبوع، أملا في انخفاض الأسعار على أن يظفر بأضحية تتناسب مع قدراته المادية.
في ذات السياق، عمدت المصالح الفلاحية لولاية برج بوعريريج، بحسب ما أكده مدير المصالح الفلاحية لولاية برج بوعريريج، هواري دويبي، عن تجنيد مصالحه في مراقبة الأضاحي وتنظيم عملية البيع والشراء، من خلال تخصيص أزيد من 25 نقطة مخصصة لبيع الأضاحي، عبر البلديات التابعة لإقليم.
الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة: ضرورة تكثيف عمليات الرّقابة وتسقيف الأسعار
تشهد أسعار الماشية بمختلف أسواق ولاية مستغانم ارتفاعا، حيث يجد المواطن صعوبات في اقتناء أضحية العيد، فيما يرجع التجار ومربو الماشية إلى عدة عوامل على رأسها تضاعف أسعار الأعلاف.
يقول الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة في تصريح خص به “الشعب”، أنه “مع اقتراب هذا الموعد الديني ومتابعتنا اليومية لأسواق المواشي نلاحظ تصريحات بأسعار خيالية وارتفاعات جنونية لا تتماشى والواقع لا علاقة لها بقوانين سوق العرض والطلب”.
يضيف ذات المتحدث أن عملية الرقمنة الأخيرة والمتعلقة بتعداد وإحصاء رؤوس الأغنام تبين لنا أن العدد الحقيقي أقل بكثير مما كنا نتصور، كما نعتقد أن العدد أكثر من 29 مليون رأس، غير أن أرقام الإحصائيات الأخيرة تأكد أن العدد لا يتجاوز 17 مليونا رأسا، وهذا العدد طبعاً يؤثر على أسعار السوق ولكن ليس بهذه الدرجة.
وأشار لعلى بوخالفة إلى أن هناك من يتحجج بارتفاع أسعار الأعلاف، التي عرفت ارتفاعات خيالية وخاصة بعد الأزمة الصحية كورونا والصراع القائم حاليا بين روسيا وأوكرانيا وخاصة مادتي الذرة الصفراء والصويا المستوردين، لكن بالرغم من ذلك لا يمكن تبرير هذه الارتفاعات الجنونية لأسعار الأضاحي التي ترهق كاهل المواطنين.
كما يرجع الخبير الفلاحي السبب الرئيسي إلى الفوضى العارمة التي تتميز بها الأسواق حاليا، والتي يتحكم فيها الانتهازيون الذين يستغلون الفرص للربح السريع دون مراعاة الحالة الاجتماعية للمواطنينو وخاصة الفئة التي تستغل الظروف لاقتناء الكباش قبل أسبوع أو أسبوعين قبل العيد دون تسجيل مصاريف معتبرة وبالمقابل تضاعف الأسعار هذه الفئة لا علاقة لها مع أسواق المواشي.
إلى جانب ذلك تسويق الكباش بكل حرية على مستوى مستودعات وفي بعض الأحيان على مستوى فضاءات السكنات عبر أحياء المدينة دون رقيب وحسيب، هذا ما يسمى بالفوضى العارمة، حسب ذات المتحدث.
وأمام هذا الوضع الذي يتكرر كلما اقتربت مناسبة دينيةو يؤكد لعلى بوخالفة على ضرورة إعادة النظر في كيفية تسيير الأسواق مع تكثيف عمليات الرقابة وتسقيف مستويات الأسعارو وهذا معمول به على مستوى أغلبية دول العالم، التسقيف ليس كما يعتقد البعض بتحديد مستوى الأسعار بل تحديد مستويات معقولة تضمن حقوق البائع والمشتري لتفادي مثل هذه الظواهر الغريبة عن مجتمعنا الإسلامي.
كما يجب على السلطة محاربة هؤلاء الانتهازيين مع تكثيف الرقابة لغرض تطبيق القانون الصحي لضمان صحة المواطنين، ومحاربة ابتزاز عاطفة المواطنين وخاصة أصحاب القدرة الشرائية الضعيفة ومن الممكن خفض الأسعار خلال الساعات الأخيرة قبل العيد – يضيف ذات المتحدث – وذلك بغرض التخلص من هذه الكباش التي لم تكن المهنة الرئيسية لهؤلاء الانتهازيين صيادي الفرص.