تتعرض مدينة جنين ومخيمها بالضفة الغربية المحتلة منذ فجر اليوم الإثنين لأكبر عدوان صهيوني منذ عام 2002، حيث استخدمت خلاله قوات الإحتلال كل أنواع القصف الجوي والبري، مما أسفر استشهاد ثمانية فلسطينيين على الأقل و اصابة 27 آخرين، في وقت طالبت فيه دول ومؤسسات عربية وإقليمية، الأطراف الفاعلة والمؤثرة دوليا بالتدخل الفوري لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل الذي تزداد معاناته يوما بعد يوم.
شارك في هذا العدوان نحو ألف جندي والعشرات من الآليات المدرعة والمروحيات العسكرية التي أطلقت عددا كبيرا من الصواريخ على منازل ومبان داخل المخيم، في حين شرعت جرافات عسكرية ضخمة في تجريف مداخل المخيم.
وكانت قوات الاحتلال الصهيوني قد باشرت عدوانها على المدينة ومخيمها المكتظ بالسكان، بقصف منزل وسط المخيم، و أعقب ذلك قصف طائرات الإحتلال بالصواريخ عدة مواقع داخل المخيم وعلى أطرافه، و اقتحمته قوات كبيرة من جيش الاحتلال تقدر بنحو 150 آلية عسكرية ترافقها جرافات مدرعة.
وقطعت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الطرق التي تربط بين المدينة والمخيم، واستولت على عدد من المنازل والبنايات المطلة عليه، ونشرت قناصتها فوق أسطحها، وقطعت التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من المخيم.
كما تعمدت جرافاتها إلحاق أضرار جسيمة بممتلكات المواطنين وتدمير العديد من المركبات وتجريف طرق رئيسة مؤدية إلى المخيم وأخرى فرعية في محيطه, وهو ما أعاق وصول مركبات الإسعاف إلى بعض المنازل لإسعاف المصابين.
وتعليقا على العدوان الصهيوني الأوسع في الضفة الغربية منذ 2002، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن “ما تقوم به حكومة الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها جريمة حرب جديدة بحق شعبنا الأعزل”، مطالبا المجتمع الدولي بالخروج عن صمته المخجل والتحرك الجدي لإجبار الاحتلال على وقف عدوانه على شعبنا الفلسطيني ومحاسبته على كل هذه الجرائم.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أنها تجري اتصالات لحشد ضغط دولي لوقف الاعتداء على جنين ومخيمها, محذرة من حملة الاحتلال التضليلية للتقليل من جرائم حربه الحقيقية على جنين ومخيمها.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، بدوره إن جرائم الاحتلال في جنين ونابلس وغزة لن تجلب له الأمن، ما دام يعتدي على الشعب الفلسطيني، داعيا العالم إلى وقف العدوان على أهل جنين فورا والتصدي للمستوطنين ومحاسبة الكيان الصهيوني.
دعوات الى ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني
توالت ردود الفعل المنددة بالعدوان الصهيوني الجديد على مدينة جنين ومخيمها، وطالبت بالتحرك الجدي لإجبار الاحتلال على وقف عدوانه ومحاسبته على كل جرائمه، وبضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، طالبت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، لين هاستينغز، قوات الاحتلال الصهيوني بتأمين دخول طواقم الإسعاف إلى مخيم جنين لإنقاذ المصابين، و أعربت عن “القلق البالغ” من حجم العدوان الصهيوني في جنين ومخيمها، مشيرة إلى أن قوات الإحتلال قصفت بالطائرات مخيم جنين المكتظ بالسكان.
كما أدانت جامعة الدول العربية بأشد العبارات العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال على مدينة جنين, مطالبة المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن والدول الأعضاء لتحمل مسؤولياتهم في الوقف الفوري للعدوان الصهيوني, وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
من جهته، وصف البرلمان العربي العدوان على جنين ب”جريمة حرب ترتكب ضد شعب أعزل”، مطالبا بتحرك عربي و إقليمي ودولي لوقف هذا العدوان، ومحاسبة جيش الاحتلال وقادته على ما اقترفوه من جرائم بحق شعب أعزل يدافع عن قضيته و أرضه المحتلة.
الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي أدانت بدورها هذه الجرائم النكراء “التي تشكل امتدادا لسجل الجرائم و إرهاب الدولة المنظم” الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، داعية مجلس الامن الدولي إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني.
من جهتها، حذرت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية من “المخاطر الجسيمة” للتصعيد الصهيوني المستمر ضد الفلسطينيين، و”ما يؤدي إليه من تأجيج لحالة الاحتقان ومفاقمة معاناة الشعب الفلسطيني، وتقويض المساعي المبذولة لخفض التوتر في الأراضي المحتلة”.
وحذرت وزارة الخارجية القطرية – في بيان – من “تلاشي فرص السلام و اتساع دائرة العنف” بسبب التصعيد الصهيوني المتواصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما حذرت وزارة الخارجية الأردنية من استمرار دوامة العنف، ودعت المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف الاعتداءات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويعيد هذا العدوان إلى الأذهان اجتياح قوات الاحتلال الصهيوني لمخيم جنين في الأول من أفريل 2002 وحصاره نحو أسبوعين ثم قصفه بطائرات “إف-16” والمدفعية.
وخلفت تلك المجزرة أكثر من 500 شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ.