يرى الدكتور صالح لعبودي، نائب رئيس جامعة الجزائر 03 لعلوم الإعلام والإتصال، أن الإعلام ينبغي أن يكون قريبا من الواقع، يعكس اهتمامات واحتياجات المواطن كي يكون ذي مصداقية، ولا يدفع المواطن إلى الفضاء الأزرق بما يشكله من مخاطر وتهديدات.
يعتقد الأستاذ المتخصص في الإعلام والاتصال، في تصريح لـ”الشعب اونلاين”، أن الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في الإعلام، وتحدث عن وعي الطبقات الشعبية بضرورة الانتماء لهذا البلد والدفاع عنه، والوعي بضرورة التكفل بشؤون هذا المجتمع، وتوحيد المجهودات “مع بعض حتى نقضي على ما يُفسد ويُعرقل المسيرة التنموية، التي نطمح كلنا إليها”.
وقال: ” أعتقد أن هذا البلد عزيز علينا وكلنا نؤمن بضرورة التضحية كثيرا بضرورة تنميته، لكن ليس كل يتمناه المرء يدركه. السيادة الوطنية في أي معجم دولي تعني الثقة في النفس والتعبير عن الرأي”.
ويشير الأستاذ إلى أن الخدمة الإعلامية، التي تحترم البشر غير موجودة في العالم، يعطون الخبر ويقومون بتوجيه المستهلك، وهذا ما يسمى أزمة علمية، وقال: “قدم لي الحدث مثلما وقع وأنا أحلل. يجب احترام المستهلك”.
ويبرز محدثنا أن هناك آفات إجتماعية مثل ظاهرة العنف الاجتماعي، نقص مستويات الاحترام، تفكك الأسرة، انتشار المخدرات.. كلها ظواهر أدت إلى انعكاسات سلبية على السلوك والتآزر الاجتماعي. لابد على الإعلام أن يهتم بهذه الزوايا المظلمة.
ويشير الدكتور لعبودي إلى أن هناك ارتفاع في مستويات الأنانية، وما ننتظره من المسؤولين على مستوى الشأن الاجتماعي، فكل شخص يتكل على الوزارة لتعليم ابنه، أو على وزارة السكن لتمنحه السكن، ومفهوم العمل والانجاز والنجاح غائب من الناحية الإعلامية.
ويشدد على وجوب الإعلام تجنيد وتفعيل وإعادة تفسير الوظائف الاجتماعية للفرد، و-بحسبه- لا يمكن أن نتحدث عن المواطنة ونتلقى فقط الهبات، المواطنة الحقيقية هو أن نعمل وننتج وأن نتجند.
ويؤكد الأستاذ أن دور الإعلام أساسي وضروري في إحياء هذه الروح من جديد، لان كل الأمم والحضارات، بفضل هذا التآزر، تجاوزت المآسي مثل أوروبا بعد الحرب العالمية واليابان ومآسي القنبلة الذرية.
وأعطى محدثنا مثالا عن الشعب الياباني في تضحيته من أجل بلده، وقال: “الياباني عندما يقوم بإضراب يكون بعد أوقات العمل، من 10 ليلا حتى الثانية عشر وفي ظاهرة الانتحار الياباني عندما ينتحر عن طريق الكيروزشي، بمعنى العمل بجهد حتى الموت إرهاقا من العمل، وهذه قمة التضحية من اجل الوطن”.
ويضيف: “نتمنى أن لا تكون المسافة، التي تبعدنا عن هذه المستويات بعيدة. اعتقد باستطاعتنا ذلك لأننا نملك جامعات بأعداد كبيرة من الطلبة. نحن من المستهلكين للمادة الإعلامية بشكل واضح، فقط المطلوب اختراع وسائل جذابة للاستهلاك الإعلامي الموجود الآن”.
ويرى محدثنا أن هناك فجوة إعلامية حاليا ومنافسة شرسة على مستوى الفضاء الأزرق. يقول: “لأن الشباب يعتقد أن الإعلام الرسمي والتقليدي لا يعكس حياة الشباب، وبالتالي هذه زاوية مظلمة وجب أن ننيرها عن طريق الممارسةوإعادة النظر في أساسيات العمل الإعلامي الهادف، الذي يبني لنا وطنا نحتمي به ونسكنه لأنه يسكننا منذ القديم”.
الإعلام هو المسجل للذاكرة
في رد عن سؤال حول دور الإعلام في حماية الذاكرة الجماعية للجزائريين، يوضح الدكتور لعبودي أن القضية هي بسيكولوجية قبل كل شيئ، لأن المواطنين في مساراتهم الاجتماعية اليومية يشعرون أن هناك عوامل جذب، التي تعبر وتمثل اهتماماتهم بقدر ما يكون إعلام قريب بقدر ما تكون له مصداقية وتزداد درجة ومستويات تأثيره في الشارع وبالتالي الكرة في ميدان الإعلام، هذا شيء واقع، يضيف الأستاذ.
ويؤكد أنه على المستوى الرسمي الإعلام هو المسجل للذاكرة، وفايسبوك لم يكن أبدا المرجع التاريخي في كتابة التاريخ أو الحضارات أو تسجيل مسارات الأمم.
ويقول: “هى ردة أفعال وممارسات يومية لا ترتقي إلى المنهجية العلمية، التي نسجل بها الذاكرة وتبقى دائما من اختصاص الدوائر العلمية والمعرفية والرسمية، التي يفترض فيها أن تكون ذات مصداقية وقريبة من الواقع”.
ويشير نائب رئيس جامعة الجزائر03، أنه بقدر ما نقترب من الحقيقة والواقع ونحترم المواطن ومستوى وعيه، بقدر ما تكون لنا مصداقية وإعلام فاعل وفعال في خلق اللحمة التي تجمع ولا تفرق. أغلب الفضاءات الزرقاء لا تمثل الحقيقة بل تعمل على التفرقة، بينما الإعلام الحقيقي هو من يعمل على لم هذه اللحمة الاجتماعية وتوحيد القوى الاجتماعية التي تصنع الفارق في تنمية هذا المجتمع، يؤكد الأستاذ صالح لعبودي.