يعمل الديوان الوطني لسقي وصرف المياه “لونيد”، على تسيير الشح المائي للجزائر من خلال ضمان التسيير العقلاني لحاجيات الفلاحين من هذا المورد الحيوي، باعتباره مكلفا بجميع مهام الري الفلاحي في المحيطات المسقية، خاصة وأنه يسير حاليا 44 محيطا في الجزائر، بمساحة تفوق 290 ألف هكتار وتُسقى أغلبها من السدود بمساحة تقدر بـ 229074 هكتار.
أوضح رابح طلابولمة المدير العام الديوان الوطني لسقي وصرف المياه “لونيد” أن الجزائر تعيش حالة جفاف مائي منذ سنوات، وتعمل على التأقلم مع الوضع من خلال اعتماد وسائل السقي الحديثة وكذا استغلال المصادر غير التقليدية في السقي الفلاحي وتوجيهه، ناهيك عن المرافقة وتقديم النصائح لمستعملي الماء الفلاحي.
وأشار طلابولمة في تصريح لـ«الشعب” إلى أنه يتم العمل خلال الجفاف بمبدأ المفاضلة من خلال إعطاء الأولوية لمشاتل الأشجار باعتبارها ثروة لابد من المحافظة عليها، عبر إعطائها الجرعات التي تحتاجها من أجل تحقيق الإنتاج، وفي حال ازدياد قساوة حالة الجفاف يتم منح “جرعة الحياة “ لضمان إبقاء الأشجار على قيد الحياة لمدة سنة أو سنتين إلى غاية انفراج الوضع وإعادتها إلى الإنتاج من خلال منح جرعات طموحة من أجل الاثمار.
مشاريع واعدة لتوسيع المحيطات المسقية
في المقابل، هناك مورد متجدد ودائم يتم الاعتماد عليه واستغلاله من خلال إعادة استرجاع المياه المستعملة والمقدرة بحوالي 64% والتي تسترجعها محطات التطهير التابعة للديوان الوطني للتطهير “لونا” ومعالجتها وتصفيتها بهدف حماية البيئة أولا، ومن ثم القيام بالمعالجة الثنائية والثلاثية وتوجيهها لإعادة استعمالها من خلال مراعاة الجانب الصحي واحترامه، لضمان الصحة العمومية للعمال القائمين على العملية وكذا المستفيدين منها كالفلاحين وباقي المستهلكين لهذه المياه المعالجة.
وأكد المتحدث أن هذا الجانب منصوص عليه في ثلاثة مراسيم وزارية، الأول يعرف الجودة الفيزيائية والكيماوية للمياه المستعملة، والثاني يحدد الجودة الميكروبيولوجية، وأخيرا المرسوم الذي يسمح انطلاقا من النتائج السابقة بسقي كل المساحة أو جزء فقط منها، ما يؤكد -بحسبه- أن الجانب التنظيمي لإعادة استعمال هذه المياه جد دقيق.
وأشار المدير العام لـ«لونيد” إلى أنه بعد خروج هذه النصوص التنظيمية تم القيام بإنجاز مشاريع نموذجية ويتعلق الأمر بمحيط حناية بتلمسان والذي كانت نتائجه إيجابية جدا، وانطلاقا منا تم الاستثمار في مشروع آخر وهو محيط بوهران على مساحة 5600 هكتار يسقى من المياه التي تنتجها محطة الكرمة بوهران، وهو الآخر نجح وحقق نتائج جيدة.
وقال طلابولمة: “في حال التفكير في توسيع هذه المحيطات المسقية سيتم اقتراح تجهيز المحطات المكلفة بسقيها بالمعالجة الثلاثية بهدف انتاج الكميات المطلوبة من المياه من خلال إدخال الدراسة المتعلقة بالمعالجة الثلاثية في دراسة أي انجاز لمحيط مسقي جديد، على غرار محيط وهران الذي يتوفر على حوض يخزن 1 مليون و500 م3.”
وبخصوص ولاية سكيكدة، فقد تم اجراء توسعة لمحيط زيت العنبة، حيث يتوفر الشطر الأول على سماحة 3500 هكتار، وهو قيد الاستغلال منذ ثماني سنوات، وخلال السنة الجارية تم الانتهاء من انجاز الشطر الثاني على مساحة 3559 هكتار يسقى من سد زيت العنبة، وهذا لأن الشرق الجزائري معروف بالوفرة المائية، وفي كثيرا من الأحيان تتجاوز نسبة الامتلاء بسدود هذه الولاية النسبة الوطنية ما يسمح باستعمال الكمية الفائضة في سقي المحيطات.
يضاف إليها محيطات أخرى دخلت حيز الخدمة هذه السنة، فبالإضافة للشطر الثاني لمحيط زيت العنبة، هناك محيط تافليست بتلمسان الشطر الأول، مؤكدا وجود وفرة مائية بالسد، والحملة بدأت هذه السنة لاستغلالها من أجل نتائج جديدة.
وكشف المتحدث عن مشاريع أخرى تسمح بإنجاز محيطات جديدة على غرار محطة بن خليل بالبليدة، حيث يتم حاليا اجراء دراسة لإنجاز محيط مسقي على مساحة 3 آلاف هكتار، في انتظار استقبال نتائج هذه الدراسة مع نهاية السنة الجارية في حدود ديسمبر 2023، وفي حال كانت النتائج جيدة سيتم تسجيلها لاحقا.
وفي نفس السياق، ولإدارة شح المياه تحدّث طلابولمة عن حملات تحسيسية سنويا، تم الاكثار منها في السنوات السابقة عندما كانت تقنيات السقي الحديثة والمقتصدة للمياه جديدة، وغير معروفة، وحاليا فإن الفلاحين على دراية بأهمية هذه التقنيات سواء السقي بالتقطير أو الرش المحوري في تخفيف اليد العاملة، مشيرا إلى أن “لونيد” يتعامل حاليا مع عدد كبير من الفلاحين يتجاوز 12 ألف فلاح من أجل سقي مساحة 290 ألف هكتار والباب مفتوح للبقية.