أعرب سفير دولة فلسطين لدى الجزائر فايز محمد أبو عيطة، عن جزيل الشكر باسم فلسطين شعبا وقيادة، للرئيس تبون وللجزائر، عن آخر مبادرة، وليس الأخيرة، بالتبرع من أجل إعادة إعمار مخيم جنين، مؤكدا أن الرئيس تبون استطاع أن يخترق الحصار المضروب على فلسطين ويعزّز صمود شعبها الأبي بمواقف عملية في أكثر من مناسبة.
“الشّعب”: تظل الجزائر ثابتة على موقفها تجاه القضية الفلسطينية وداعمة للصمود والتضحيات التي يقدمها الفلسطيني، وتعزز موقف الجزائر بتبرع الرئيس تبون لإعادة إعمار ما دمّره الكيان في حملته الفاشلة في مخيم جنين الأيام الماضية، كيف استقبلتم هذه المبادرة وكيف كان رد فعل أهلنا في فلسطين؟
السفير فايز محمد أبو عيطة: بداية أتقدم بجزيل الشكر والعرفان باسم الشعب الفلسطيني كلّه للرئيس عبد المجيد تبون وللجزائر. ففي الوقت الذي يدير بعض الأشقاء ظهورهم لقضية فلسطين، نجد الجزائر أوّل الملتزمين بهذه القضية، وتقدم الدّعم لفلسطين سياسيا ومادّيا وتعزّز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه.
الجزائر أوّل الملتزمين بالقضية ودعمها لفلسطين يعزّز صمود الشعب على أرضه
مبادرة الرئيس تبون تقوي الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال
بالنسبة للموقف الأخير للرئيس الجزائري، والجزائر عامة، فليس بغريب على الجزائر أن تقدم هذه المواقف للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، والحقيقة أن هذا الموقف العظيم أثلج صدور الشعب الفلسطيني؛ لأنه يؤكد الموقف العظيم والثابت والدائم للجزائر، والذي اعتاد عليه الشعب الفلسطيني من الجزائر، وفي خضم هذه المعاناة والاستهداف من قبل الاحتلال الصهيوني، ومن قبل قوات الاحتلال الغاشم، لمخيم جنين ومدينة جنين، تأتي هذه المكرمة والمساعدة، وهذه المنحة من الرئيس الجزائري، وبالتالي نحن نقدّر له هذا الموقف الذي يؤكد على عظمة الرئيس والشعب الجزائري الذي يعتبر أن القضية الفلسطينية قضية جزائرية وقضية للأمة العربية والإسلامية، ولا مجال لترك الشعب الفلسطيني وحيدا في هذه المعركة.
هذا الموقف ليس الأول من نوعه من قبل الجزائر، ومع تمادي الاحتلال الصهيوني في حملته ضد الاحتلال، هل تتوقعون مواقف مشابهة أخرى من طرف الجزائر؟
الجزائر تتابع الشأن الفلسطيني عن كثب، والرئيس عبد المجيد تبّون بمواقفه المعهودة، يعتبر القضية الفلسطينية قضية جزائرية، وخلال هذا الاهتمام بالقضية، وجد الرئيس الجزائري أنّ الشعب الفلسطيني الذي يقدّم الشّهداء والجرحى، يقاوم محاولة استهداف لوجوده، فقرّر تقديم هذه المنحة لإعادة بناء المخيم الذي دمرّه الاحتلال، وإعادة بناء مدينة جنين التي يسعى لتدميرها الاحتلال، وبالتالي، فهذا الموقف ليس بسيطا بالنسبة للشعب الفلسطيني، فمن شأنه تقوية الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الصهيوني وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهذا ليس بالأمر الهيّن، فالقضية الفلسطينية تعتمد بالدرجة الأساسية على صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، لأن الصراع مع هذا الاحتلال صراع وجود، وأنا على قناعة راسخة أن الجزائر تتابع كل التطورات في القضية الفلسطينية، ولن تدخر جهدا، ولن تبخل في سبيل دعم القضية.
رئيس الوزراء الفلسطيني تحدث عن “شبكة الأمان المالية” ودعا الأشقاء العرب إلى تفعيلها، ما تعليقكم على ذلك؟
فيما يخص “شبكة الأمان المالية”، فقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية على فرض حصار على الشعب الفلسطيني في زمن إدارة ترامب، وللأسف الشديد، هناك الكثير من الدول العربية أوقفت مساهماتها لدعم الشعب الفلسطيني، وعندما تطالب القيادة الفلسطينية بتوفير شبكة أمان مالية لدعم الشعب الفلسطيني، فذلك حتى يتمكن الفلسطينيون من مواجهة الحصار، وأنا أقول بشكل واضح وصريح: الجزائر الملتزم الأول بالقضية الفلسطينية على كل المستويات، وهي من الدول القليلة التي استمرت في دعم موازنة دولة فلسطين وتوفير شبكة أمان مالية فلسطينية، والمبادرة الأخيرة للرئيس تبون، حينما قرّر تقديم منحة لمدينة ومخيم جنين تقدّر بثلاثين مليون دولار، فهذا تأكيد على إصرار الجزائر على الوفاء بالتزاماتها، وهو ما يحيلنا على الاستنتاج بأن الجزائر تلتزم قوميا وعربيا بقرارات جامعة الدول العربية في ما يتعلق بفلسطين، كما أن الرئيس الجزائري يخصص جزءا من مقدّرات الشعب الجزائري خدمة للقضية الفلسطينية، وهو يعني أن الجزائر ملتزم أول بالقضية، ودعمها على كل المستويات كالسياسي والإعلامي والوطني والقومي والاقتصادي، كما يمكن القول إن هذا له دلالة واضحة بأن الجزائر شريك في فلسطين في مرحلة التحرّر والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهي حتمية تاريخية ستتم بفضل الدعم الذي تتلقّاه فلسطين من الجزائر يضاف إليها دعم الشعوب العربية بغض النظر عن تخاذل بعض الأنظمة.
بالحديث عن الدعم والحصار الذي يفرضه الكيان المحتل ومن يدعمه، كيف هو الوضع الاقتصادي في فلسطين؟
فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في فلسطين، فهو صعب على كل المستويات، فهنالك حصار مالي يفرضه الكيان المحتل، وللأسف الشديد، الولايات المتحدة الأمريكية، على القيادة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني، من أجل ثني القيادة الفلسطينية على التمسك بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهي عملية ابتزاز، لأن القيادة والشعب الفلسطيني يتمسك بحقوقه وفي مقدمتها الدفاع عن النفس، فلا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الجرائم التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني، كما لا يمكن أن نتركه وحده في هذه المعركة، وبالتالي، فهم يحاولون فرض هذا الحصار المالي من أجل “خنق” الشعب الفلسطيني، ومن هذا المنبر أجدّد لكم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه.
الرئيس تبون أكد – في أكثر من مناسبة – على ضرورة الانتقال نحو خطوات عملية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بصورة تتجاوز مستوى الخطابات السياسية، هل تعتبرون مبادرته في التبرع لإعادة إعمار مخيم جنين إحدى صور الخطوات العملية التي يقصدها الرئيس في خطاباته؟
الجزائر قولا وعملا تنفّذ التزامها تجاه القضية الفلسطينية، فعندما تقول إنها تدعم فلسطين، فهنالك الكثير من المواقف العملية التي تؤكد التزام الجزائر بدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وليس فقط قرار التبرع لإعادة إعمار مخيم ومدينة جنين، وإنّما أيضا في كل مناسبة تؤكد الجزائر دعمها للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية خاصة في الأمم المتحدة. وأغتنم الفرصة لأذكر بأن الجزائر أحيت ذكرى النكبة 75 هنا بالجزائر بشكل رسمي في عمل غير مسبوق على كل المستويات، فهي الدولة الوحيدة التي تقوم بإحياء هذه الذكرى، وهو دليل آخر على التزامها بالقضية الفلسطينية، والجزائر شريك مع الشعب الفلسطيني في الدفاع عن مقدساته، ومهما قلنا فلن نفيها حقّها، فالرئيس الجزائري استطاع في زمن الحصار الذي تتعرض له القيادة والشعب الفلسطيني أن يحدث هذا الاختراق من خلال هذه المواقف العملية لمواجهة الحصار الصهيوني والأمريكي الظالم للشعب الفلسطيني، وبالتالي، فهذا تعزيز للوجود الفلسطيني على أرضه، نحن نقدّر هذا الاختراق.
كيف يمكن لعضوية الجزائر بمجلس الأمن أن تخدم القضية الفلسطينية؟
فيما يتعلق بنيل الجزائر مقعدا غير دائم في مجلس الأمن، هذا يعني أنه كان عملا كبيرا يؤكد مكانة الجزائر على المستوى الدولي، وهي استحقت الموقع بعد انتخابها بالأغلبية السّاحقة، وهو استحقاق للجزائر لما تمثّله من مكانة على المستويين العربي والدولي، ووجود الجزائر على هذا المستوى سيعطي للقضية الفلسطينية زخما كبيرا، لأن الجزائر ستستغل هذا المنبر لدعم فلسطين والدفاع عنها، ومواجهة كل الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني، ونسأل الله أنه وفي ظل تبوإ الجزائر لهذه المكانة الدولية والهامة في عضوية مجلس الأمن، أن تتمكن فلسطين خلال هذه الحقبة من الحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدّة وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة.
هل ترون أنّ الكيان يستغل الفرصة في انشغال الهيئات الدولية ووسائل الإعلام بصراعات وأزمات دولية على أكثر من صعيد لمحاولة تنفيذ مخططاته الاستيطانية؟
الكيان الصهيوني يقوم بهذه الجرائم تحت غطاء أمريكي، للأسف الشديد، وهذا ما يقوي الاحتلال، وبالتالي، هو يستغل الصراعات الموجودة في العالم كالأزمة الأوكرانية وغيرها، ليقوم بهذه الاعتداءات والانتهاكات والجرائم، وحملة التطهير العرقي التي يمارسها أيضا بحق الشعب الفلسطيني، سواء في القدس أو في غيرها من المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية، والشعب الفلسطيني يواجهها، ولن تثنيه هذه العربدة الصهيونية عن التمسك بحقوقه، ولن تثنيه هذه الجرائم الوحشية التي تمارس في حقه أو هذه الانتهاكات الصارخة حتى ينال حقه كاملا في العودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة إن شاء الله.
في الأخير هل بالإمكان أن تطمئننا عن أحوال أهلنا في مخيم جنين بعد الأحداث الأخيرة؟
أولا أريد أن أقول بصراحة فيما يتعلق بمخيم جنين ومدينة جنين، فهنالك استهداف مباشر لكل الأراضي الفلسطينية، ولكن بشكل خاص، الكيان الصهيوني يريد أن يخمد جذوة مقاومة الشعب الفلسطيني، ولكن أنّى له ذلك، فمخيم جنين صامد، وكذلك مخيم جباليا، ومثلهما مخيم الأمعلي وبلاطا وكل المخيّمات.. حتى في الشتات، مخيم برج البراج والعين الحلوة وغيرهم.. كلّهم صامدون، وستبقى هذه المخيمات شاهدة على أكبر جريمة ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، من عملية تطهير وتهجير قسري برعاية بريطانية إمبريالية غربية منذ عام 1948، وستبقى الشاهد الحيّ على الجرائم الصهيونية، وسيبقى الشعب الفلسطيني متمسكا بأرضه حتى تنتهي هذه المعاناة.