حدث أن فكر كاتب السطور في رفع بعض الغبن عن نفسه، فاختار أن يضيف إمضاء زوجته المصون إلى حسابه البنكي، حتى يمكّنها من الوصول إلى مقدّرات العائلة دون عناء، إن حدث وقدّر الله مانعا.. فاصطحب (مولات الدار) إلى البنك، وعرض فكرته على واحدة من الموظفات الكريمات، فأبدت شيئا من الامتعاض، ثم قدمت له الوثائق التي ينبغي التعامل معها، وتمّت عملية ملء البيانات، وتحضير التوثيقات بسرعة كبيرة، غير أن الموظفة إياها نظرت إلى (الوريقات) باشمئزاز، وقالت: تنقص شهادة الإقامة..
وبما أن كاتب السطور متابع جيد لكل ما يصدر من قوانين، فقد تجرأ وقال إن صاحبة الجلالة «الإقامة»، لم تعد مطلوبة إلا في ملف بطاقة التعريف وجواز السفر؛ ما يعني أن الموظفة يمكن أن تجنبنا عناء التنقل إلى مصلحة الحالة المدنية للحصول على وثيقة لا جدوى منها، وهنا انتفضت الموظفة وثارت وهاجت وامتقع لونها، وقالت إن واجب البنك التأكد بأن السيدة تقيم مع صاحب الحساب في نفس المنزل، على أساس أن البنك مطالب بالحفاظ على مصالح زبائنه، وكأن هؤلاء يمكن أن يأتوا بأي كان من الشارع، كي يضيفوا توقيعه إلى حساباتهم، وعلى (البنك الحنون) أن يحافظ لنا على (الحبّات)، فهو يخاف علينا، ويحرص على أداء واجبه بمنتهى الأناقة..
طبعا.. لم يتمكن كاتب السطور من إضافة توقيع زوجته إلى حسابه، فالموظفة كانت صنديدة، ويبدو أنّها صاحبة خبرة في البيروقراطيات التليدة، لهذا، لم يجد حاجة في تحقيق فكرته، خاصة بعد أن منّ الله على الجزائريين بالبطاقة البنكية، فصار يمكن للواحد من الزبائن أن يسلم البطاقة ورقمها السّري لزوجته، دون حاجة إلى توقيع، ولا إلى شهادة إقامة..
الرقمنة يا ناس.. الرقمنة هي القفز العالي على البيروقراطية..