يؤكد رابح شيخ شيوخ، مستشار وأمين عام الغرفة الاقتصادية السويسرية، على ضرورةالاستثمار الحقيقي في الشباب الجزائري المقيم بالخارج من الجيل الجديد للجالية الجزائرية بالمهجر، من خلال منح كافة التسهيلات وإرساء قواعد متينة للتواصل بينهم وبين السلطات في البلاد، بغية الاستثمار في البلاد، والمساهمة في بناء اقتصاد قوي، بعد أن أدى الجيل الذي سبق واجبه من خلال الدعم المالي للعملة الصعبة، وتقديم مساعدات غير مباشرة للوطن، مشددا على ضرورة مواكبة التطورات الحاصلة في العالم من التسريع في رقمنة التعاملات المالية بالبنوك، ومحاربة البيروقراطية لإنجاح جذب افراد الجالية المقيمة بالخارج بغية الاستثمار في الوطن، والإسهام في بناء اقتصاد قوي.
الشّعب: على ضوء المتغيرات الحاصلة بالجزائر، بفتح عهد جديد واهتمام الدولة بأبنائها في الخارج، من خلال إجراءات وتحفيزات،في رأيك، ماهو دور الجالية الجزائرية اليوم في بناء الاقتصاد الوطني والمساهمة في تعبيد طريق الإقلاع الاقتصادي؟
رابح شيخ شيوخ: نستطيع اليوم أن نقول، وبكل فخر، إن الجيل الماضي، أي أبناءجيلي، ساعد ودعّم اقتصاد البلاد بطريقة غير مباشرة من خلال المساهمة فيالتحويلات المالية نحو البلاد، حيث تقدر أرقام بعض المؤشرات والمعطيات المتوفرة لدينا، أن الجالية تساهم بأكثر من200 مليون اورو كتحويلات مالية نحو البلاد، وهذا خلال فترة الصيف فقط، وتعتبرقيمة مضافة للخزينة العمومية، بالإضافة إلى ذلك، هناك من أفراد الجالية مناقتنى بأمواله الخاصة العقار والسكنات، دون الاستفادة منمساعدات الدولة، فالجالية الجزائرية في المهجر، دعمت بطريقة غير مباشرةالاقتصاد الوطني، أما الاستثمار الأكبر بالنسبة لنا اليوم، والذي يجب أن تعمل السلطات العليا في البلاد على تحقيقه،يتعلقبتحفيز الجيل الجديد على الاستثمار وتشجيعهم على ذلك، فالفرصة مواتية لدعم أبنائنا.
كيف يمكن النجاح في مواجهة ذلك التحدي على أرض الواقع؟
قبل ذلك، أود أن أذكر لكم نموذجا عن الشباب الجزائري في الخارج،شخصيا أعرف عشرات الجزائريين الذينولدوا بالخارج، أي من الجيل الحالي، وقدأصبحوا اليوم مستثمرين فيالجزائر وأغلبهم شباب، وخير دليل على ذلكوكنموذج، نذكر أن أصغر مستثمر جزائري بفرنسا لا يتجاوز سنه17سنة، ويملك مؤسسته الخاصة، حيث تولى جده تسجيل الشركة باسمه، ويوظف حاليا250 عاملا، وهو يسعى اليومللاستثمار في الجزائر،لذلك نطالب بتسهيل كل الإجراءات الإدارية، حيث يجب الإشارة إلى غلاء العقار وكمثال على ذلك، فقد أنشأت شخصيا شركة في البرتغال سنة 2008 في اطار احياء وتعزيز الديناميكية بين الجزائر ولشبونة، وخلال ثلاث أسابيع استطعت فتح مؤسسةذات طابع أوروبي.
هل تملك مؤسسة بالجزائر ؟
قمت بإنشاء مؤسسة فيما مضى، منذ سنوات،لكن لم ير مشروعي النور،وكنت الأول الذي أعلن عن فتح مؤسسة لتسيير النفايات وقتها، في وقتتمكن العديد من الشباب الناجحمن إنشاء مؤسساته في مبادرات شخصية،لذلك أشدد على أن الاستثمار عملية غير معقدة، فلو نجلب3بالمائةفقط من أفراد الجالية للبلاد، سيعتبر نجاحا كبيرا، لأن جاليتنا تملك النظرة الشاملة،فعندما ينجزون مشاريعهم، سيصدرون الإنتاج بثقة نحو الأسواق الخارجية.
جيلنا قدم التحويلات المالية كدعم غير مباشر للاقتصاد، أما اليوم، فإننا نعملعلى هذا الأساس لدفع أبنائنا للاستثمار في الجزائر، لذلك، لابد من الاستثمار في فئة الشباب لتطوير مشاريعهم بالبلاد من أجل إرساءاقتصاد قوي، وأغتنم هذه الفرصة لدعوة المنظمات الاقتصادية المتواجدة بالجزائر من أجل توجيه دعوة للجالية للمشاركة فيالفعاليات الاقتصاديةوالملتقيات الكبرى المقامة في الجزائر حتى تكون على صلة بكل جديد.
استحدثت الجزائر مستشارين اقتصاديين على مستوى القنصليات؟ما رأيك في دورهم؟
اذكر أنني أتعامل معهم منذ سنة، وأشير إلى أنهم كفاءات وكلهم آذان صاغية للمستثمرين وكذا الراغبين في دخول السوق الوطنية، وهذا أمر نثمنه، في انتظار تعزيز عملهم من خلال مرافقة المستثمرين ومساعدتهم داخل أرض الوطن، ويجب أنلا يقتصر عملهم على إعطاء المعلومة فقط، إذ أطالببتفعيل دور ولاة الجمهورية في هذا المجال، لتمكين المستثمرين من الجالية، من التواصل مع السلطات في البلاد وتسريع إجراءات الاستثمار من خلال وضع بوابة لتسهيل التواصل، تتوفر على كل المعلومات، ..فمثلالو أردت الاستثمار في الصحراء لابد من دخول بوابة تتوفر على معلومات حول الاستثمار في الجنوب، يعني إعطاء معلومات حول المكان والتخصص للاستثمار.. يجب أيضا تسريع فتح فروع بنكية في الخارج، وفي أوروبا تحديدا، .مع تفعيل الرقمنة في فتح الحسابات البنكية.
أصدرت الجزائر قانون للاستثمار لاستقطاب المستثمرين بالخارج وداخل الوطن، كيف ترى هذا النص بالنسبة لأفراد الجالية؟
قانون الاستثمار الجديد جيد، يخدم المستثمر،في انتظار تفعيل الإجراءات ميدانيا، لكن أقول أنه لابد من أن تكون هناك إجراءات رقمية تحفز الجيل الصاعد الذي يريد أن يفتح شركات ناشئة عن بعد،لذلك نطالببفتح قنوات حوار مع الشباب،خاصة “ستارتوب”،حيث انهم يستطيعون إقناع الشباب الأوروبي بالاستثمار بالبلاد نظرا لشبكاتعلاقاتهم،وهذا كله يندرج ضمن إطارإنجاح المشروع وتمتين جسور الارتباط بين إفراد الجالية ووطنهم وإشراكهم في الحياة الاقتصادية.
تحدثت عن فتح قنوات حوار مع الجيل الحالي لأفراد الجالية في المهجر.. ماذا تقترح؟
يجب فتح قنوات تتولاها السلطات المحلية،على غرار الولاة عن طريق المكلف بالاقتصاد على مستوى الولاية، حسب خصوصية المنطقة لتقديم المعلومات الاقتصادية والتسهيلات الإدارية مع خلق منتدى اقتصادي جزائري أوروبي في كل بلد، مثلا منتدى جزائري سويسري، أو ألماني وغيره، مع دعم هذه المبادرات من قبل ممثلي القنصليات الجزائرية بالخارج،وهذا كله من أجل المساهمة في إنجاح وبناء اقتصادوطني نفتخر به جميعا ويشارك فيه جميع الجزائريين دون استثناء من داخل وخارج الوطن،ونحن هنا للمساهمة مع أي مؤسسة تخدم الدولة الجزائرية.