هي جالية مؤثرة كبيرة التعداد، بل هي جالية تضم الإطارات والأدمغة وأصحاب الشركات الرائدة في بلدان متقدّمة، أدركت أن بناء الجزائر الجديدة، يحتاج انخراط جميع أبنائها بالداخل والخارج في مسار التنمية الاقتصادية، فكل شيء تغير اليوم، لأن الثقة والأمان أكبر جسر يعبر منه المستثمرون من جاليتنا في المهجر، فصاروا يروّجون بشكل تلقائي وعفوي للمنتوج الجزائري، ويسهمون في توسيع مجالات السياحة، وفي كل ذلك، الجالية مستعدة للتدفق بقوة في مجال الاستثمارات، بعد أن أثبتت تجارب مستثمرين نجاحها وتصدير منتجاتها نحو أسواق خارجية.. هذا ما أكده رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير أمين بوطالبي الذي بدا متفائلا بمستقبل انخراط الجالية في الرهانات التنموية.
بدا أمين بوطالبي، رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، جد متفائل بمستقبل قيام الجالية الجزائرية بالمهجر بدور غير مسبوق في تنمية الاقتصاد الوطني، ووصفها بقوله إنها جالية مؤثرة جدا، ومعروف أنها متمركزة وتتواجد في مواقع مهمة على مستوى العديد من الدول، ذلك أن كثيرا من الجزائريين يحتلون مناصب مرموقة في شركات عالمية كبرى حسّاسة، على غرار “غوغل” و«آبل” وكذا العديد من الشركات التي تؤثر في مجال التكنولوجيا العالمية مثل “بوينغ” و«ميكوسوفت”.
اهتمام بالسياحة والفلاحة والتصدير
ويرى بوطالبي، أنه من أجل أن تستغل الجزائر هذه الفرصة الكبيرة والمتمثلة في الاستفادة من الطاقات الكامنة، ينبغي مرافقة الجالية في ظل وجود اهتمام كبير وسط أفرادها من أجل اقتحام عالم الاستثمار في بلدهم، على خلفية تسجيل نجاح كبير من أفراد الجالية الذين تمكنوا من تحقيق أرباح معتبرة، ونجحوا في الجزائر، سواء كان ذلك عن طريق شركاتهم أو عبر التجارة في بلدان غربية. لكن الفرص المتوفرة في الجزائر حاليا جعلتهم يفكرون جديا في الاستثمار ببلدهم بكل جهودهم، على اعتبار أنه في بعض الأحيان، يسجل وجود أجانب يتطلعون لعمل شراكة مع شريك جزائري للدخول إلى الأسواق الجزائرية، وهذا ما تمّ الوقوف عنده بالنسبة لعدد منهم، لذا نجد أن هناك من صار يستثمر في السياحة والفلاحة ومجالات التصدير، وهذا مهم جدا، لأن العديد من أفراد الجالية عندما يتقصى السوق ويقف عليها، ليبدأ الترويج للسلع والمنتجات الجزائرية.
وبخصوص حجم القيمة المضافة التي يمكن أن تقدّمها الجالية الجزائرية بالخارج، خاصة من إيرادات العملية الصعبة، أكد أمين بوطالبي أنه لو تدخل الجالية الوطنية بقوة للاستثمار وإنتاج الثروة، فإنها ستحقق إنجازات ضخمة تساهم في التنمية الاقتصادية، وتكثيف المشاريع الاستثمارية، وفي سياق متصل، تحدث بوطالبي عن وجود اهتمام كبير لدى الجالية للاستثمار، خاصة في ظل الٍإرادة القوية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وتشجيعات من الحكومة تتمثل في استعداداها لتقديم تسهيلات للجالية في بناء الجزائر الجديدة، خاصة وأن الخطاب الرسمي للدولة الجزائرية، يؤكد دائما أنه لا ينبغي أن تبقى الجالية بالمهجر بعيدة عن الجزائر، علما أن رئيس الجمهورية يحرص خلال كل زياراته إلى الخارج على لقاء الجالية، ويستمع إلى انشغالاتها، ويوجّه لما ينفع، علما أن الجالية حاليا صارت أكثر ثقة، ولديها اهتمام بالاستثمار ومنجذبة نحو الرؤية الجديدة للجزائر، مشيرا إلى وجود مؤشرات وبوادر إقلاع اقتصادي كبير جدا، وهذا ما أقنع الجالية، أنه من الضروري الانخراط في هذا المسعى الهام للجزائر.
وتحدّث رئيس المركز العربي والإفريقي للاستثمار والتطوير، عن القناعة الراسخة حول ضرورة أن يكون هناك عملا كبيرا وتنسيقا فعليا لا ينقطع بين الجالية الوطنية وسفاراتنا بالخارج، كما وقف عند جهود الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار بالجزائر، من خلال القيام بنشاطات ترويجية في العديد من الدول، من بينها روسيا، قطر، الإمارات، بلجيكا، فرنسا، اسبانيا وسويسرا، وفي كل دولة، تلتقي بالجالية الجزائرية، وفي مختلف لقاءاتها تحث الجالية من أجل الانخراط في مسعى بناء الجزائر الجديدة والاستثمار بقوة من أجل بناء اقتصاد متطوّر ومنسجم، خاصة أن جزائريي المهجر بإمكانهم نقل العلوم والتكنولوجيا، وفوق ذلك كل من لديه علاقات مع شركات أجنبية بالخارج، يمكن أن يستقطب العديد منها والمساهمة في ترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات.
تجارب استثمارية ناجحة
وتطرّق بوطالبي إلى مختلف الإجراءات التحفيزية المتاحة في الوقت الراهن، على اعتبار أن الجزائر وفّرت أمرا مهما جدا، يتعلق بمنح المغتربين التمتع بحقوق الموظف الجزائري والاشتراك في الضمان الاجتماعي ونظام التقاعد، وهذا مهم جدا، أي يقرب المغترب من بلده من جهة، ويكرس الأمان والثقة من جهة أخرى، وهذا من شأنه أن يرفع من اهتمام الجالية للاستثمار في مختلف المجالات، خاصة ما تعلّق بتصدير المنتوج الجزائري، ويعتقد بوطالبي أن ما لا يقل عن 40 بالمائة من الجالية، تفكر حاليا في نقل التكنولوجيا والصناعة عبر إقامة المصانع، لأن هناك من المهاجرين من استثمر وحقّق أرباحا كبيرة وأسس شركات نجحت في التصدير واستحدثت مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، ومن ثم، ساهمت بقيمة مضافة مهمة.
وعلى ضوء تقديرات رئيس المركز، فإنه يسجّل رقما مهما للجالية الوطنية بالخارج، حيث وصفها بـ«الجالية القوية ذات نوعية”، وقال إنها مؤثرة، لأن معظم أفرادها إطارات، لذا فهم مؤثرون في العالم، فالطاقات التي هاجرت في السابق، وبحثت عن فرص، نجحت واستقرت ووصلت إلى مكانة مرموقة في الخارج، واليوم تبحث الجالية عن الثقة وموطن أمان وبيئة تتمتّع فيها بالارتياح، لذا يمكنها أن ترفع من حجم الابتكار وتحقق تألقها محليا ودوليا، وهذا مهم جدا بالنسبة لها، ولا يخفى أننا نجد جزائريين يترأسون أكبر الفنادق، ويترأسون أكبر شبكات الاتصالات في العالم .. خلاصة القول.. الجزائر قادرة على تعزيز قدراتها بجاليتها المهاجرة.