يرتقب أن تنتهي اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، والتي تشمل مياه الصحراء الغربية بشكل غير قانوني، غدا الاثنين، في ظل غياب كلي لأي مؤشرات تدل على مفاوضات مرتقبة في الأفق مأجل تجديد محتمل، ما يعني توقف نشاط السفن الأوروبية في المياه الصحراوية، في انتظار قرار نهائي من محكمة العدل الأوروبية حول الموضوع، نهاية العام الجاري.
وتكاد اتفاقية الصيد البحري تلفظ أنفاسها، في وقت تصب كل التصريحات الأوروبية في خانة “صعوبة وعدم إمكانية تجديدها”، وهي التي دخلت حيز التنفيذ في 18 جويلية 2019 رغم قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في ديسمبر 2016، والذي أكد أن الصحراء الغربية والمغرب “منطقتان منفصلتان ومتميزتان”.
وأتى قرار المحكمة في أعقاب معركة قانونية قادتها جبهة البوليساريو، على اعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، لوضع حد لهذه الاتفاقات غير الشرعية.
وضرب نظام المخزن قرار محكمة العدل الأوروبية عرض الحائط، من خلال الإمضاء على الاتفاقية مع دول النادي الأوروبي، الأمر الذي سمح لـ 128 سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي بالصيد بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية للصحراء الغربية المحتلة، بعد تعليق نشاط هذا الأسطول منذ 14 جويلية 2018.
كما سبق أن ألغت محكمة الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2021، اتفاقية الشراكة في مجال التجارة والصيد البحري، بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تشمل الصحراء الغربية بطريقة غير شرعية، وحكمت لصالح جبهة البوليساريو، كون الاتفاق أبرم دون موافقة شعب الصحراء الغربية، غير أن المجلس والمفوضية الاوروبيين استأنفا القرار في ديسمبر من نفس العام.
ورغم الفوائد المالية التي تجنيها الرباط جراء نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية المحتلة، إلا أن أهمية الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي والتي تشمل الصحراء الغربية المحتلة، تكمن في خلفيتها “السياسية أكثر منها المالية”، حيث يسعى نظام المخزن، عبر سياسته التوسعية واستغلال الثروات الصحراوية، إلى أن يثبت “صدق” روايته المتعلقة ب”سيادته” المزعومة على الصحراء الغربية، و أن المياه الإقليمية الصحراوية إنما “تقع ضمن نطاقه الجغرافي”، حسب المرصد الدولي لمراقبة موارد الصحراء الغربية.
تصريحات أوروبية متشائمة..
وقال المفوض الأوروبي للبيئة والمحيطات والصيد، فيرجينيوس سينكيفيسيوس، إن تمديد اتفاقية الصيد البحري مع المملكة المغربية، أمر “صعب ومعقد”، نظرا للقرار الذي يرتقب اتخاذه، قبل نهاية العام الجاري، من قبل محكمة العدل الأوروبية.
ولفت سينكيفيسيوس إلى أن “قرار المحكمة الأوروبية بإلغاء اتفاقيات التجارة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في سبتمبر 2021 ، بسبب إبرامها دون موافقة الشعب الصحراوي، يعقد الوضع العام”.
كما سبق للمفوضية الأوروبية أن أكدت، شهر جوان الماضي، عدم وجود مفاوضات لتجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب، في انتظار حكم محكمة العدل الأوروبية المقرر نهاية السنة الجارية.
وفي السياق، دعا المفوض الأوروبي، شهر مارس الماضي، إلى دراسة سبل إيجاد فرص جديدة للصيد ضمن اتفاقية الاتحاد الأوروبي وموريتانيا، بالنظر إلى أنه قد يكون “من المستحيل تجنب توقف أنشطة الصيد” التي تقوم بها سفن الاتحاد الأوروبي، والتي تعود أغلبيتها إلى إسبانيا، في مياه الصحراء الغربية المحتلة.
كما شهدت قبة البرلمان الأوروبي رفع عدة أصوات منددة بنهب الموارد الطبيعية للصحراء الغربية و إدراج المياه الإقليمية الصحراوية المحتلة ضمن الاتفاقيات المبرمة بطريقة غير قانونية، حيث شدد برلمانيون على التزامهم بالشرعية الدولية ودعمهم التاريخي لمطالب الشعب الصحراوي الشرعية في الحرية والاستقلال، والدفاع عن حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
جدير بالتذكير أن فصول نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية المحتلة، ومن بينها الثروة السمكية، من خلال الاتفاقيات والبروتوكولات التنفيذية المبرمة بين نظام المخزن والاتحاد الأوروبي، تمتد إلى أكثر من 35 سنة، أي منذ 1988.
إبرام اتفاقيات شرعية أو المضي في أخرى غير قانونية
وتجد دول النادي الأوروبي نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، في ظل قرارات محكمة العدل الأوروبية، حسب ما قدمته جبهة البوليساريو، إما الاستمرار في دعم “قرصنة المغرب” للثروات الطبيعية في المياه الإقليمية للصحراء الغربية أو اختيار طريق الشرعية الدولية.
وكانت جبهة البوليساريو، وعلى اعتبارها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، قد اقترحت خلال اجتماع تاريخي، عقد في 7 يوليو بلاس بالماس، بجزر الكناري (إسبانيا)، البدء في منح تراخيص صيد مباشرة لمدة عام واحد للصيادين الإسبان.
وخلال هذا اللقاء الذي عقد بين ممثلي قطاع الصيد البحري الكناري وجبهة البوليساريو، تحت شعار: “تشييد جسور ونسج شبكات حوار من شأنها أن توحد مصالح قطاع الصيد البحري الكناري وشعب الصحراء الغربية”، تم مناقشة السيناريوهات المتوقعة بعد انتهاء العمل باتفاق الصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
و أبدى ممثل الجبهة في إسبانيا، عبد الله العرابي، مرة أخرى “إرادة جبهة البوليساريو الحازمة للتفاوض على جميع الجوانب المتعلقة باستغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية، مع الأخذ في الاعتبار وجود الإطار القانوني الذي يسمح بالنشاط الاقتصادي على الأرض، على الرغم من حالة الاحتلال”.
و اتفق ممثلو قطاع الصيد البحري الكناري وجبهة البوليساريو، حسب البيان الختامي للاجتماع، على ضرورة “تعزيز قنوات الاتصال بشكل يتيح الخوض في الحلول التقنية الممكنة التي تفيد الطرفين”.
ووصف الصيادون الكناريون، عرض منح التراخيص الذي قدمته جبهة البوليساريو للصيد في مياه الصحراء الغربية، “بالمهم و المثير للاهتمام”، و أبدوا “استعدادهم لاستكشاف جميع الاحتمالات التي يتم تحديدها بمجرد وضع الشروط الجديدة للإطار القانوني المعمول به، من أجل ضمان الصيد في المياه الاقليمية الصحراوية”.
من جهته، أكد محامي جبهة البوليساريو أمام المحاكم الاوروبية، جيل ديفيرز، أن الصيد في المياه الصحراوية الخاضعة ل”تراخيص” مغربية قد انتهى، بعد رفض المفوضية الأوروبية تجديد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب كونها تخرق القانون، موضحا أن تراخيص الصيد التي ستقدمها جبهة البوليساريو “تحافظ على الحصص وجميع المعايير التي تم تطبيقها في إطار الاتفاقية مع المغرب وتضمن سلامة أولئك الذين يصطادون في مياه المنطقة الخالصة للصحراء الغربية”.