أكد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، في كلمته خلال المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة باسم رئيس الجمهورية، أن الجزائر قد تحولت من بلد عبور للمهاجرين واللاجئين إلى بلد استقرار. وذكر جملة من الأسباب التي ساهمت في هذا التحول، منها الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الذي تشهده الجزائر منذ عقدين من الزمن على الأقل، كما أشار إلى أن موقع البلاد الجغرافي الاستراتيجي المطل على البحر الأبيض المتوسط ومقابل الدول الغربية التي تجذب المهاجرين يساهم في جعل الجزائر وجهة جاذبة للمهاجرين.
يرى الدكتور أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مصطفى منصوري، أن الدول الأوروبية أنانية بشكل رهيب فيما يخص مسألة الهجرة غير الشرعية أو غير النظامية، فما تعيشه العديد من الدول الإفريقية من فقر وغياب للتنمية وحتى حروب، سببه الرئيسي هو السياسة الغربية في إفريقيا طيلة عقود، لا سيما فرنسا، فهذه الأخيرة مثلا تحصل على اليورانيوم من النيجر وهي تستغل هذه الثروة منذ العام 1971، مع العلم أن 70٪ من البيوت المضاءة بالكهرباء في فرنسا تستخدم الطاقة النووية في إنتاجها، وعليه، فيما تضيء النيجر باريس تعيش نيامي في الظلام والتخلف والفقر، وهنا لب المشكلة، فالغرب يبحث عن مصلحته فقط، ولا يكلف نفسه أي جهد في تنمية البلدان التي يستخرج منها الثروات الطبيعية على الأقل، أو الاستثمار فيها لخلق مناصب شغل تحد من هجرة السكان.
الجزائر خصصت مليار دولار لتنمية إفريقيا خبراء: حلول تنموية واقتصادية حقيقية ومقاربة جادة
ويضيف الدكتور منصوري متسائلا: ماذا عن ليبيا؟ الغرب كان المتسبب في حالة الفوضى غير المسبوقة التي عاشتها ليبيا خلال العقد الماضي والمستمرة الى اليوم، بعد تدخله العسكري الهمجي غير المدروس، ما تسبب في فوضى إقليمية تأثرت بها حتى الجزائر مع الانتشار غير المسبوق للأسلحة، وما وقع في ليبيا كان له تأثير مباشر على تفاقم الهجرة غير الشرعية وزيادة نشاط المنظمات التي تتاجر بالبشر، وبالتالي، فالمسؤولية على من تقع هنا؟ بالتأكيد الغرب هو المسؤول الأول والوحيد في هذه الأزمات التي تعيشها إفريقيا.
الجزائر أصبحت بلد استقرار للمهاجرين
في السنوات الأخيرة، أصبحت الجزائر واحدة من الوجهات للمهاجرين القادمين من الساحل جنوب الصحراء (صعوبة تحديد الأرقام)، وهذا يعود جزئياً إلى استقرار البلاد على الصعيد الاقتصادي والأمني والسياسي، ما جعلها وجهة محبّذة للمهاجرين. ومع ذلك، تنشط شبكات الهجرة غير الشرعية والمشتغلة في مجال الاتجار بالبشر، وهو أمر دفع بالجزائر للتأكيد على أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة. لذلك، تؤمن الجزائر بضرورة إتباع مقاربة تنموية شاملة ومستدامة لمعالجة هذه المشكلة، تساهم في احتواء هذه الظاهرة في مراحلها الأولى.
إن التحديات المتعلقة بالهجرة والتنمية هي مسألة معقدة وشاملة تتطلب التعاون والعمل المشترك بين الدول الإفريقية والدول الأوروبية، وهذا ما أكدت عليه الجزائر في أكثر من مناسبة، بما في ذلك تحسين الشروط المعيشية وتنمية البنية التحتية في الدول الإفريقية، وتحفيز الاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية التي تدعم فرص العمل وتقليل الهجرة غير النظامية.