عاشت الولايات الـ11 المتضررة من حرائق الغابات 48 ساعة استثنائية، وما تزال الجهود مستمرة لإخماد النيران على مستوى 13 بؤرة بـ7 ولايات، في مقابل ذلك تم توقيف 14 مشتبه فيهم بإضرام النيران بغابات بجاية ومشتبهين (2) آخرين متهمين بحرق منطقة الأخضرية، حيث سيحاكمون بتهمة ارتكابهم لأعمال إجرامية، تسببت في سقوط أرواح بريئة ناهيك عن الأضرار المادية.
بجاية، من بين الولايات الأكثر تضررا من حرائق الغابات، تليها كل من البويرة، جيجل ضمن قائمة الولايات الأوسع رقعة، وتسببت الرياح المعتبرة في انتشار أوسع لألسنة اللهب التي شهدتها هذه المناطق، وامتد بعضها إلى القرى المأهولة بالسكان، ما أدى إلى تسجيل وفيات وجرحى، فيما تم إجلاء المواطنين لاسيما ببلدية فناية بدائرة القصر، وبلدية زبربر بدائرة الأخضرية بعد وصول الحرائق إلى حواف المنازل.
وما تزال الجهود مستمرة لإخماد الحرائق من طرف أعوان محافظة الغابات رفقة زملائهم من الحماية المدنية وأفراد الجيش الوطني الشعبي، على مستوى 7 ولايات حسب ما أكدته وزارة الداخلية والجماعات المحلية في بيان لها حول تطور الوضع بخصوص الحرائق المندلعة.
دور فعال لأفراد الجيش
وحسب المدير العام لمحافظة الغابات جمال طواهرية، جاءت التدخلات الأولية من طرف أعوان المحافظة بالوسائل الموجودة باعتبارهم الأقرب للمحيطات الغابية بمجرد إعلان أبراج المراقبة تسجيل حرائق، لتتم التدخلات الحقيقية مع وصول كل الوسائل خاصة فرق إخماد الحرائق المختصة التابعة للحماية المدنية، وكذا أفراد الجيش الشعبي الوطني.
من جهته، أكد سعيد سي علي، مدير حماية الثروة النباتية لـ«الشعب”، أنه لحد الساعة لم يتم تحديد المساحة المتضررة من النيران، مشيرا إلى أن أعوان محافظة الغابات رغم إخماد الحرائق، إلا أنهم سيبقون بمواقعهم لمدة 24 ساعة أخرى من أجل مراقبة الوضع.
وأكد أن محافظة الغابات تعمل بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للفضاء التي تقوم بمسح مختلف المواقع التي مسّتها النيران، خاصة وأن هناك أشجارا مثمرة، كما أن هناك بعض البؤر التي ما تزال مشتعلة، وبالتالي، هناك عمل كبير ينتظرهم لتحديد حجم الأضرار.
وسجلت طائرة “Be-200s” من طراز “كنادير” التابعة للقوات الجوية الجزائرية، فعاليتها في إطفاء حرائق بجاية بعد أن حطّت بمطار عبان رمضان بالولاية، وهي التي تملأ خزانها من البحر بسعة تفوق 12 ألف لتر تعمل بالتنسيق مع مراكز الاتصال للحماية المدنية لتحديد بؤر الحرائق من أجل إخمادها بدقة.
ونفس الأمر بالنسبة للحوامات التابعة للجيش الوطني الشعبي، فقد أدت دورا كبيرا في إخماد النيران، بعد أن تملأ خزاناتها من المسطحات المائية القريبة من مواقع الحرائق، ولقد كانت محل إشادة كبيرة من المواطنين بعد أن تابعوا دقة رميها للمياه على بؤر النيران المشتعلة وإطفائها مباشرة.
تحذير من تغليط الرأي العام..
نبّهت صفحات على منصات التواصل الاجتماعي إلى عدم الانسياق وراء بعض الفيديوهات لحرائق السنة الفارطة، والتي من شأنها أن تزرع الرعب والخوف واليأس وسط المواطنين بهذه الولايات المعنية بالحرائق، داعية إلى التحلي برباطة الجأش والالتزام بإرشادات السلامة وتدابير الوقاية والابتعاد عن المناطق الجبلية.
وأكدت صفحات أخرى أن 90 بالمائة من مقاطع الفيديو المتداولة حول حرائق الغابات، لا أساس لها من الصحة، وتعود لأعوام سابقة، هدفها جلب المشاهدات وزعزعة وتغليط الرأي العام داخل الوطن، مذكرة أن الجزائر منذ شهر جوان لم تسجل أي حريق إلا مؤخرا، ومؤكدة تسخير كل الوسائل اللازمة بما فيها الجوية من أجل إخمادها.
موجة حر قياسية ورياح “شهيلي” عقّدت الوضع
وكانت الداخلية قبل أيام قد أعلنت تفعيل حالة التأهب القصوى تحسبا لمواجهة نشوب حرائق في الغابات تزامنا مع موجة الحر المستمرة منذ أسابيع، حيث أن موجة الحر القياسية التي عرفتها الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة لامست 50 درجة مئوية بعدة مناطق، مع ارتفاع في نسبة الرطوبة ورياح ساخنة يعرفها الجزائريون بـ«الشهيلي”، ولم يعد الأمر مقتصرا فقط على ولايات الجنوب، بل صنعت ولايات الشمال هذه السنة الاستثناء.
وكان الديوان الوطني للأرصاد الجوية، عبر نشريات خاصة، يرفع مستوى التنبيه حول الطقس، وكانت آخر نشرية يوم الأحد الفارط، حيث رفع التنبيه إلى اللون الأحمر من المستوى الثالث محذرا من موجة حر عبر عدة ولايات تتجاوز الـ48 درجة، بأغلب الولايات.
التضامن الاجتماعي يسجّل بصمته من جديد
في المقابل، بدأت دعوات الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا الجمعيات، لجمع المساعدات والتبرعات من مياه معدنية وأفرشة وأغذية سهلة الحفظ، بهدف توجيهها للمتضررين من الحرائق، صانعين بذلك صورا جميلة من التضامن والتآزر الاجتماعي المعروف به الجزائريون خلال الأزمات وحدوث النوازل.