أطلق مشروع الحظائر الثقافية الجزائرية قناته المتخصصة الافتراضية على يوتيوب. وستعمل هذه القناة على التعريف بحظائر الجزائر الخمس، وما تزخر به من تراث بيئي وثقافي، وجهود حماية وحفظ التنوع البيولوجي والتراث الثقافي المادي واللامادي. من جهة أخرى، تنظم المديرية الوطنية للمشروع دورة تكوينية في الاتصال الرقمي لفائدة المكلفين بالإعلام بالمؤسسات ذات العلاقة، بُغية تعزيز قدراتهم الاتصالية لاستخدام فعال لوسائل الاتصال الجديد.
كما أشارت إليه «الشعب» نهاية الصائفة الماضية، أطلقت المديرية الوطنية لـ»مشروع المحافظة على التنوع البيولوجي ذي الأهمية العالمية والاستعمال المستدام لخدمات الانظمة البيئة في الحظائر الثقافية بالجزائر»، المعروف اختصارا بـ «مشروع الحظائر الثقافية الجزائرية»، أطلقت فعليا قناتها على اليوتيوب، تحت مسمّى «تراث الحظائر الثقافية الجزائرية Patrimoines des Parcs Culturels Algériens».
تهدف هذه الخطوة الاتصالية الجديدة إلى التعريف بتراث الحظائر الثقافية الجزائرية الخمس، وتجربة الجزائر الاستثنائية في تسيير هذا التراث وفق مبدأ «عدم الفصل بين الطبيعي والثقافي». كما تسلّط الضوء على جهود وزارة الثقافة، من خلال الدواوين الوطنية المسيّرة للحظائر الثقافية، والمديرية الوطنية للمشروع، في مجال تثمين حماية وحفظ التنوع البيولوجي والتراث الثقافي بشقيه المادي واللامادي، خاصة وأن هذه السنة مخصّصة لبث وتثمين نتائج هذا المشروع، الذي عمل، منذ انطلاقته العملية في عام 2014، على توثيق تراث الحظائر الثقافية، بموادّ سمعية بصرية حول العديد من المواضيع ذات العلاقة بالتنوع البيولوجي، والتراث الثقافي، والعمل العلمي والميداني لفِرق المشروع بالحظائر الثقافية.
وتتضمن هذه القناة الموضوعاتية فقرات منها حصص وروبورتاجات موجهة إلى جميع الفئات، سواءً الباحثين المهتمين بالتراث، أو الجمهور العام داخل الوطن وخارجه، لتسويق صورة الحظائر الثقافية على الصعيدين الوطني والدولي، خاصة وأن هذه الأقاليم تحتوي على العديد من العناصر الطبيعية والتراثية المصنفة عالميا، على غرار السبيبا، الإمزاد، المناطق الرطبة كاهرير افيلال اسقراسن، مع الفن الصخري المتواجد بالحظيرة الثقافية للتاسيلي ن ازجر المصنفة موقعا عالميا مختلطا.
وكانت المديرية الوطنية لمشروع الحظائر الوطنية الجزائرية قد أطلقت، الصائفة الماضية، مناقصة محدودة خاصة بإطلاق قناتها على اليوتيوب، وانقسم ملف الترشح حينها إلى قسمين، إداري يتعلق بهوية المؤسسة المترشحة التي يجب أن تكون متخصصة في المجال، وقسم ثان في شكل مقترح تقني ومالي.
سكينة أيّوب..راعية ماعز ومصوّرة فوتوغرافية
من الفيديوهات المنشورة على القناة الحديثة النشأة، نذكر فيديو «سكينة أيّوب: مواطنة بيئية في قلب الأهقار»، الذي جاء في شكل بورتريه مختصر من قرابة 10 دقائق، لسيّدة ريفية بسيطة، وجدت نفسها مشاركة في مساعي وطنية ذات أبعاد دولية لحماية التراث الثقافي البيئي.
ولكي نفهم سياق الفيديو، نشير إلى أن تميّز الحظائر الثقافية فرض انتهاج نظام إدارة إقليمي مبتكر، ركيزته إشراك الساكنة المحلية في تسيير مواردهم البيئية الثقافية. ومن هذا المنطلق قد وضعت مديرية المشروع، على مستوى المواقع ذات الأولوية بالأهقار، أول شبكة من النساء الريفيات، تمّ إشراكهن في متابعة التنوع البيولوجي. ومن بينهنّ السيدة سكينة أيّوب، ابنة المنطقة، التي صارت «مسهّلة» للمشروع..هذه السيّدة التي تعيش حياة بسيطة، تعلّمت بمساعدة العاملين في مديرية المشروع كيف تستعمل آلة تصوير رقمي، تصوّر بها الحيوانات والنباتات البريّة التي تصادفها في يومياتها، وهي الطريقة التي تمّ بها إشراك عدد من الرعاة في العملية.
«وظيفة» سكينة الجديدة أعطت بُعدا آخر لحياتها، كما جعلت والديها (الأب إبراهيم أيوب والأم تهيارت أمروان) فخوريْن بها، وهو ما صرّحا به في الفيديو، فإلى جانب الفائدة المعنوية من خلال المساهمة في حماية التراث البيئي الثقافي، فإن ذلك يدرّ على سكينة فائدة مادية ودخلا يساعدها وعائلتها على مصاعب الحياة. ومن أجمل ما قالته سكينة: «كما تعلّمت أنا التصوير، فإنني أعلّمه صديقاتي وأبنائي، وأعلّمهم كيف يحمون بيئتهم».
للإشارة، تتوفر القناة على نسخة بالعربية وأخرى بالفرنسية لهذا الفيديو، كما تمّت، ونحن بصدد كتابة هذه السطور، إضافة نسخة باللغة الإنكَليزية.
أكثر من 30 دورة تكوينيّة
من جهة أخرى، ومواصلة في تجسيد استراتيجيتها الاتصالية، تنظم المديرية الوطنية للمشروع، من 8 إلى 10 ديسمبر عن طريق تقنية التحاضر عن بعد دورة تكوينية في الاتصال الرقمي لفائدة المكلفين بالإعلام للمديرية الوطنية للمشروع الدواوين الوطنية للحظائر الثقافية ووزارة الثقافة وبرنامج الامم المتحدة الإنمائي.
وفي هذا الصدد، أشارت نريمان صاحب، المكلفة بالإعلام على مستوى المديرية الوطنية لمشروع الحظائر الثقافية الجزائرية، في تصريح خصّت به «الشعب»، إلى أن هذه الدورة تهدف «إلى تعزيز قدرات ومهارات المشاركين في مجال الاتصال الرقمي، لضمان استخدام فعال لوسائل الاتصال الجديدة بمعايير صحيحة، للتعريف بالعناصر التراثية التي تزخر بها الحظائر الثقافية على الصعيد الدولي، وكذا تعلّم تقنيات تقييم مدى نجاعة الإستراتيجية الاتصالية عبر هذه الوسائط الجديدة». وأضافت: «مشروعنا يستثمر كثيرا في العامل البشري، من خلال التكوين وتعزيز القدرات، فهو يعمل بمقولة «التكوين هو أساس النجاحات أو المحرّك الأساسي للنجاحات»، حيث نظّم منذ انطلاقته العملية 33 دورة تكوينية، لفائدة 450 إطار من وزارة الثقافة والفنون، وكذا مختلف الشركاء، واليوم نبرمج هذه الدورة للتجسيد الفعّال لاستراتيجيتنا الاتصالية الرقمية، واستغلال كل الخصائص الإيجابية لوسائل الاتصال الجديدة، من تفاعلية وعالمية في خدمة تراث الحظائر الثقافية، فنعمل على التعريف بالحظائر الثقافية و تثمين تراثها والترويج لما تكتنزه من مقومات سياحية هائلة».
للتذكير، فإنّ مشروع الحظائر الثقافية الجزائرية مشروع وطني يسجل في إطار شراكة دولية بين الدولة الجزائرية ممثلة بوزارة الثقافة، وصندوق البيئة العالمي الممثل ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالجزائر. وكانت انطلاقة المشروع الفعلية عام 2014، ويعدّ تجربة رائدة في تسيير التراث البيئي الثقافي بإقليم الحظائر الثقافية، خصوصا بما حققه من مكاسب وإنجازات على المستويين العلمي والتقني، كان آخرها التمكن من رصد الفهد الصحراوي، المهدّد بالانقراض، بعد أكثر من عقد من الزمن.