تستمر القنوات الإعلامية الفرنسية الرسمية، وعلى رأسها قناة فرانس 24 الحكومية، في السعي لإحداث “الفوضى” وتبني معايير مزدوجة في تغطيتها للأحداث في المنطقة العربية، وفق ما مقتضيات المصلحة.
يثير التمييز الواضح والتوجيه المنحاز الذي تقدمه القناة الفرنسية، أثناء تغطيتها للحرائق التي شهدتها الجزائر، الأسبوع الماضي، تساؤلات حول الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من خلال التركيز الحصري على هذه الحرائق في الجزائر دون سواها، على الرغم من أن موجة الحرائق ضربت عدة دول في الوقت نفسه، وهو ما يحدث ضمن سياق موجة حر غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم نتيجة التغيرات المناخية.
أمر مقصود
يرى الدكتور أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبد القادر منصوري، أن ما قامت به القناة الفرنسية أمر مقصود، ويهدف إلى ما يطلق عليه تسمية “الفوضى الخلاقة” في العلوم السياسية. ومصطلح الفوضى الخلاقة أثير بشكل خاص في سياق السياسة الدولية.
وبالعودة إلى الحرائق التي عرفتها الجزائر في الأيام الماضية، بما هي نتيجة عادية لموجة الحر الكبيرة التي عشناها، مع سرعة إخمادها في الجزائر، وأعتقد أن الجزائر سبقت جميع دول حوض المتوسط في إخماد النيران، فقد وفرت إمكانات مادية وبشرية كبيرة، سواء من طائرات إطفاء أو أعوان الحماية المدنية، وكذلك التكفل بالمتضررين.
وكان الأجدر بهذه القنوات ـ يقول محدثنا ـ المعالجة الموضوعية من خلال التطرق الى الاحترافية في التعامل مع هذه الحرائق، على الرغم من أن حدوث حرائق كبيرة ليس شيئًا نادرًا، فحتى أكبر الدول في العالم لا تستطيع أحيانًا السيطرة عليها بشكل كامل. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يموت أكثر من 3000 شخص سنويًا جراء الحرائق، على الرغم من توفرها على تجهيزات وتكنولوجيا متطورة للتعامل مع تلك الحالات.
ازدواجية المعايير
خلال الأحداث التي شهدتها فرنسا بعد مقتل الشاب نائل على يد الشرطة، طالبت جهات رسمية فرنسية بفرض قيود على مواقع التواصل الاجتماعي، بزعم أنها تنشر مقاطع فيديو قد تزيد من تأجيج الأحداث. وعلى الرغم من أن أسباب ما جرى في فرنسا يتعلق بظروف اجتماعية حقيقية، ولم تكن محرضة من قبل أي أطراف خارجية، إلا أن السلطات الفرنسية اتهمت وسائل التواصل الاجتماعي بنشر الشائعات وتأجيج الأوضاع.
الأمر الغريب هو أن نفس وسائل الإعلام التي دعمت هذا الاتجاه بشأن وسائل التواصل الاجتماعي، تتعامل بطريقة مختلفة في معاييرها، عندما يتعلق الأمر بتغطية حرائق الجزائر. فعلى الرغم من أن الحرائق ظاهرة طبيعية تأثرت بها فرنسا نفسها، العام الماضي، وتسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، إلا أن هذه الوسائل الإعلامية تتعامل مع الأمر بشكل مختلف وتركز على جوانب محددة.
يبرز هذا، نقطة التناقض في التغطية الإعلامية، ويظهر أهمية تقديم التغطية بموضوعية وحيادية، دون تحيز أو انحياز، والتركيز على الوقائع والحقائق. ويُعَدُّ مثل هذا النهج الأكثر توازنًا ونقاءً في نقل الأخبار والأحداث للجمهور.
حماية الأمن الإعلامي ضرورة وليس خيارا
يقول الدكتور منصوري، إن ضمان الأمن الإعلامي للجزائر، في وقتنا الحالي، أصبح ضرورة وليس خيارا وهو مسؤولية الجميع، لأن الحرب في أرض المعركة تحتاج إلى دبابات وصواريخ، أما الحروب الإعلامية فهي تحتاج إلى وسائل إعلام قوية وصحفيين متمرسين من أعلى مستوى، وبحسب تصوره فإن قانون الإعلام الجديد جاء ليعالج هذا النقص الذي تعيشه الساحة الإعلامية في الجزائر.