ليس من ملمّة بالوطن، إلا ونجد أسود الجيش الوطني الشعبي في الصفوف الأولى، يقتحمون الأهوال ليكونوا إلى جانب شعبهم، ففي الأزمات، تأتي هباتهم التضامنية والإنسانية بردا وسلاما على المتضررين.. فلا حريق ولا فيضان ولا عاصفة ثلجية شتوية، إلا ويتقدّمون الصفوف، ويخوضون الصعاب مسلحين بأحدث التجهيزات التي صنعوها بأيديهم، فالصناعات العسكرية الجزائرية اليوم، اقتحمت جميع المجالات.. الأدوية، النسيج والجلود.. البنى التحتية.. القطاع الميكانيكي، ليتعدى أداء الصناعات العسكرية إلى خوض غمار الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.
قال الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، الخبير الاقتصادي، عبد القادر سليماني، في اتصال مع “الشعب”، بنبرة فخر ووطنية، أن رابطة “جيش- أمة”، رابطة مقدسة تعبر عن اللحمة بين الشعب وجيشه من أجل بناء جدار صدّ وجبهة داخلية منيعة، تصدت وستتصدى دوما للتآمر الخارجي على بلادنا مستهدفة أمنها القومي، في ظل النزاعات السياسية والتجاذبات الإستراتيجية التي عرفها العالم، عبر كل المراحل التي عرفتها أنظمته الاقتصادية والسياسية. ولقد تفاقمت في الآونة الأخيرة، بالنظر إلى تطور الوسائل التي أصبحت الدول تستعملها في صراعاتها التي لا تهدأ، حيث أصبحت حرب السنابل أقوى وأشرس من حرب القنابل، وأصبحت الحروب الإعلامية والهجمات الرقمية أكثر ضراوة لضرب استقرار المجتمعات.
الجيش والشعب.. لحمة وطنية
وأشار سليماني، إلى أن رئيس الجمهورية، خلال افتتاحه لمعرض الجزائر الدولي شهر جوان الفارط، كان قد نوّه بالتقدم الذي سجلته الجزائر في مجال الصناعات العسكرية، عند توقفه بجناح الجيش الوطني الشعبي، قائلا: “ليت الشهداء يرون ما وصلنا إليه اليوم وما حققه جيشنا من تقدّم..”.. إعجاب رافقه دوما اعتراف بجميل الصنيع وأداء الأمانة والبلاء الحسن الذي تشهد له جميع المواقف التي كان أفراد جيش التحرير صنّاعها وأبطالها. ففي خطوة لا يقدم عليها إلا الكبار – يقول المتحدث – أقر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، يوم الرابع أوت يوما وطنيا للجيش، تخليدا لبطولات وتضحيات جيش التحرير الوطني، منبت ومنبع الجيش الوطني الشعبي الذي جسّد أروع الأمثلة في الحفاظ على أمانة الشهداء، والوفاء لبيان أول نوفمبر، خاصة خلال العشرية السوداء، وما قدمه من تضحيات من أجل إعادة الاستقرار للبلاد، وما حققه من انجازات في المسار التنموي للبلاد، منذ الستينيات.
المجمعات الصناعية العسكرية والمؤسسات العمومية.. شراكة وريادة
وذكر سليماني أمثلة عن الانجازات التاريخية للجيش الوطني الشعبي، كطريق الوحدة الإفريقية والسد الأخضر الذي كان من إنجاز شباب الخدمة الوطنية، وبنى تحتية تساهم اليوم في بناء الاقتصاد الوطني من أجل جزائر مستقلة ذات سيادة وطنية متكاملة الأركان، بما فيها السيادة الاقتصادية التي حظيت بدعم كبير من الجيش الشعبي الوطني، من خلال نماذج ناجحة لتوطين الإنتاج الصناعي محليا والرفع من نسب الإدماج في مختلف الصناعات العسكرية، حيث يمتلك الجيش الوطني الشعبي، 19 شعبة مكّنت من تحقيق الاكتفاء المحلي بأسعار تنافسية وجودة عالمية أهمها، المؤسسة الجزائرية لصناعة المركبات ذات العلامة مرسيدس بنز، بعقود شراكة مع الشركة الوطنية للسيارات الصناعية رويبة، آبار استثمار PJS، الإمارات العربية المتحدة والشريك الألماني دايملر كشريك تكنولوجي. إضافة إلى الشركة الجزائرية لإنتاج الوزن الثقيل مرسيدس بنز، من أهم مهامها، تحديث وعصرنة مركب الإنتاج “صوناكوم” الرويبة، بشراكة مع مؤسسة تطوير صناعة السيارات والشركة الإماراتية للآبار، والشريك التكنولوجي دايملر/مرسيدس بنز. كما خطت المؤسسة العسكرية خطوات معتبرة في مجال صناعة النسيج والجلود، من خلال الشركة الجزائرية للأنسجة الصناعية والتقنية بمجمعاتها الجهوية السبعة، بباتنة، المسيلة، تلمسان، سبدو، ذراع بن خدة، سوق أهراس وبجاية. إضافة إلى فروع الشركة المتعدّدة المختصة في صناعة الألبسة، وآخر للبدلات الرياضية وبزات العمل، وكذا المؤسسة المركزية للبناء التي تعنى بتنفيذ أعمال البنية التحتية وتصنيع المواد والمدخلات ذات الصلة بنشاطها، إضافة إلى إنجاز الدراسات والقيام بعمليات تجديد عتاد الأشغال العمومية والتكوين في مجال الحرف، حيث تتلخص أهم خدماتها في الهندسة العمومية، أشغال عمومية ومطارات، إنجاز البنايات المصنّعة، نجارة الخشب ونجارة الألومينيوم، وصيانة الآليات. إضافة إلى مؤسسة صناعة الطائرات “الشهيد بومدال عابد” التي تقوم بصناعة الطائرات من نوع “زلين-142” و«سفير -43”، كما تقوم بمراجعة عامة ومتوسطة لهيكل الطائرات من النوعين المذكورين، إلى جانب مراجعة وتصليح المحركات، وتصنيع وصيانة عتاد المحيط التقني.
ونوّه سليماني بالدور الذي تلعبه القاعدة المركزية للإمداد، من خلال مهمتها الرئيسة المتمثلة في الإبقاء على جاهزية عتاد القتال، لقوام المعركة مع ضمان عمليات التصليح، التجديد والعصرنة. وفي المجال التكنولوجي، أبدى مركز الهندسة والتطوير في الميكانيك والإلكترونيك، تحكما عاليا في التكنولوجيات الحديثة، وكفاءة تقنية، إضافة إلى صرامة ونوعية الإجراءات والمستوى العالي للإمكانيات التقنية للمخبر، تسمح له بأن يكون شريكا موثوقا ومعترفا به، من خلال تقديم حلول قانونية أو إنتاجية، يقدمها مخبر المعايرة التي تضمّ أكثر من 100 عنصر قياس في تسع كميات هي، الضغط، الوزن، الكتلة، الحجم، الكهرباء، الأطوال، التردد، الحرارة والرطوبة.. مجالات واسعة وخبرة طويلة تسمح للمخبر أن يكون شريكا أساسيا في صناعات الطيران، البتروكيمياء، السيارات ومخابر الجودة.
حماية المؤسسات العمومية..
لقد حافظت المؤسسة العسكرية على الموروث والنسيج الصناعي الذي كان متواجدا بالجزائر بعقدي الستينيات والسبعينيات، استطرد سليماني، كما حافظت على القاعدة الصناعية للبلاد من خلال حمايتها للعديد من المؤسسات الوطنية على غرار “صوناكوم” “ديمكو”، مؤسسات البناء وغيرها، وإعادة بعثها من جديد من خلال شراكات مع الصناعات العسكرية، التي مكّنت من تحقيق الاكتفاء المحلي في عديد المجالات وتشبع السوق الوطنية من مختلف المنتجات والمدخلات التي تستعمل لصالح الصناعات المدنية. كما مكّنت الصناعات العسكرية من تقليص نفقات الخزينة العمومية بمليارات الدولارات، إضافة إلى تكوين جيل من الشباب وتمكينه من تكوين تقني وبيداغوجي وتكنولوجي عالي.. اليوم ـ يقول سليماني – الصناعات العسكرية تمكّنت من التموقع في صلب الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية بفضل حضورها القوي واحترافيتها، وأصبحت قاعدة يعوّل عليها في إنشاء نسيج مناولاتي، لفائدة الشباب من خلال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة، في مجالات قطع الغيار، ومدخلات مختلف الصناعات العسكرية، ما يخلق تكاملا بين القطاعين العسكري والمدني، ونسبة إدماج احترافي أثارت إعجاب العارضين الأجانب من الدول العربية والأوربية، بالطبعة الأخيرة لمعرض الجزائر الدولي.