شارفت الجزائر على الانتهاء من ضبط الترتيبات اللازمة لطلب الانضمام لمجموعة «بريكس». وتشير التقديرات الأولية، إلى قوة الملف الجزائري في شقيه السياسي والاقتصادي، المنسجم مع رؤية الدول الأعضاء لشكل وطبيعة العلاقات الدولية والتوجه نحو تعددية الأطراف.
شكل استقبال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، سفراء دول بريكس الخمس، المحطة ما قبل الأخيرة، التي تسبق النظر الرسمي من قبل هذه الكتلة الاقتصادية الناشئة في ملف طلب الجزائر الانضمام لها، خلال القمة المقررة بجنوب إفريقيا أيام 22 و23 و24 أوت الجاري.
وسبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن شرح وبإسهاب أهداف الجزائر من وراء سعيها دخول بريكس، من خلال لقاءات إعلامية أو أثناء الزيارتين التاريخيتين إلى روسيا والصين، أين حصل على دعم البلدين للطلب الجزائري.
وكشف الرئيس تبون، في آخر لقاء إعلامي له، بأن بلادنا أصبحت مساهما في بنك بريكس (بنك التنمية الجديد) بمبلغ 1.5 مليار دولار، بغض النظر عن الانضمام إلى المنظمة من عدمه.
وفي السياق، استمع السفراء، لدى لقائهم الوزير عطاف، إلى المنطلقات الأساسية التي حركت رغبة الجزائر في الانضمام إلى المنظمة، التي تأسست سنة 2009، وأيضا إلى المقومات السياسية والاقتصادية التي تجعل العضوية الجزائرية إضافة نوعية للتكتل.
وبحسب وزارة الخارجية، «اندرج الاجتماع لحشد مزيد من الدعم لترشح الجزائر لعضوية مجموعة بريكس، لاسيما من خلال تسليط الضوء على مقومات الترشح الذي يستند على إرادة سياسية قوية من لدن رئيس الجمهورية».
وأفادت بأن «الترشح يستمد خصوصيته من المبادئ والقيم والمراجع التي ترتكز عليها السياسة الخارجية لبلادنا وهي التي ما فتئت ترافع من أجل قيام نظام دولي متعدد الأقطاب وتعمل في سبيل تفعيل العمل الدولي متعدد الأطراف ودمقرطة العلاقات الدولية». تجدر الإشارة، في هذا الجانب، إلى الرصيد التاريخي الحافل للجزائر في النضال من أجل عالم متعدد الأقطاب ودمقرطة العلاقات الدولية، بدءاً من منظمة عدم الانحياز، وصولا إلى عديد المبادرات التي أطلقتها على الصعيد القاري.
وبادرت الجزائر، في وقت سابق، إلى جانب جنوب إفريقيا، نيجيريا، مصر والسنغال، بإطلاق النيباد (الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا)، سنة 2001، بحثا عن خلق التكامل بين أقوى اقتصادات القارة وتستهدف في عمقها التحرر من الهيمنة الاقتصادية.
وللجزائر، برأي مختصين، الخلفية التاريخية والسياسية لإضافة ثقل نوعي للمبادئ التأسيسية لبريكس، وهو ما عبر عنه الوزير عطاف أثناء استقباله للسفراء الخمسة، من خلال الإشارة إلى النضال السياسي المعروف للجزائر في سبيل إعلاء القيم والمبادئ التي قامت عليها ومن أجلها مجموعة بريكس».
وتطرق في المقابل، إلى الحركية الاقتصادية التي تشهدها في سياق الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية، والتي تجلت في المؤشرات الإيجابية للتنمية، ليؤكد أن هذه العوامل مجتمعة تعزز طموح الجزائر في تقديم مساهمة نوعية في نشاط هذا التكتل، بما يخدم «أهداف السلم والأمن والتنمية والرخاء إقليميا ودوليا».
ومنذ إعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، العام الماضي، عن رغبة الجزائر في الانضمام إلى تكتل بريكس، تفرع النقاش إلى عنصرين اثنين هما، استيفاء الشروط وعلى رأسها قيمة الناتج الداخلي الخام، وما ستجنيه من فائدة بعد تحقق الانضمام.
لكن وفي الجهة المقابلة، تتجلى مصلحة المجموعة في ضمان عضوية دولة بحجم الجزائر، ويكفي النظر إلى الجغرافية السياسية وتحديدا إلى موقع جنوب إفريقيا (أقصى جنوب القارة) وموقع الجزائر (أقصى شمال القارة) لإدراك الفوارق التي ستصنعها المجموعة في حال انتشارها على هذا النحو.
وتعتبر الجزائر بوابة رئيسة إلى سوق إفريقية بـ1.2 مليار نسمة، وعلى بعد أقل من ساعة من الزمن على حدود سوق الاتحاد الأوروبي بتعداد يفوق 450 مليون نسمة، ناهيك عن القدرات الاقتصادية الهائلة فيما يعرف بالاقتصاد الهيكلي، دون الحديث عن فرص الاستثمار.