أعلنت وزارة التعليم العالي أنها اعتمدت «الديوان الجزائري المهني للحبوب»، ومنحته صفة الممون الوحيد الأوحد لـ«ديوان الخدمات الجامعية»، بالمواد التي يتولى تسويقها، ووضعت الوزارة في بيانها سطرا شديد الصرامة، اختصت به مصالحها المعنية، كي تحرص على تطبيق مضمون الإعلان، فلا تفكر (ولو مجرد تفكير) في الحصول على البقوليات من ممون غير الديوان المعتمد..
وقد يبدو قرار الوزارة، لأول وهلة، عاديا، فالمسألة تنظيمية محض، والهدف ضمان تموين المطاعم الجامعية بما يكفل تقديم أفضل الخدمات للطلبة، غير أن الأمر – فيما نرى – يأخذ أبعادا أخرى إذا قرأناه في الظروف المحيطة به، ووضعناه في سياقات (واقع السوق) و(الهجمات الجديدة) التي حركها المضاربون غير الشرعيين بأقوات الجزائريين.. هنا.. يظهر جليّا أن وزارة التعليم العالي اتخّذت القرار الحازم الذي يجنّب ميزانيتها الوقوع بين براثن (الملهوفين) الذين تلاعبوا بأسعار البقوليات في عزّ الصيف، تحضيرا لإضرام نيرانها في الشتاء.. وظاهر أن حصر تعامل «الخدمات الجامعية» على ديوان الحبوب، قطع الطريق على (المنكر)، و«حرم» دهاقينه من سوق ثريّة للغاية.. هذه واحدة..
الثانية، وهي المثلى والفضلى، بحكم أنها تحيل إلى واقع مكافحة الفساد والمفسدين، وتشرح أدوات (كسر أضراس) المضاربين؛ ذلك أن قرار الوزارة استبق المحظور الممكن، ووضع له الحلّ الناجع قبل وقوعه، ما يعني تلقائيا أن «مكافحة» المفسدين والمضاربين انتقلت إلى مرحلة جديدة أكثر فعالية، إذ لم يعد أسلوب العمل يقتضي انتظار (وقوع الفاس في الراس) كي يتحرّك المفتشون والمراقبون ورجال الأمن، فيعيدوا الأمور إلى نصابها، لأن «المكافحة» صارت تقتضي تتبع كل كبيرة وصغيرة من أجل معالجة أي ثغرة يمكن أن يتسلّل منها الفساد.. وهذا انتقال عظيم كفيل بإقناع أشباه التّجار بأنّ أيام «الفساد» صارت معدودة..