يتوقّع رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير أمين بوطالبي أن تقوم الجزائر في المرحلة المقبلة بدور محوري رائد على ضوء الشراكات الإستراتجية الموقّعة، خاصة في عمق القارة السمراء، مما يسمح ببناء تعاون مكثف يبعث على الأمل ويكرس التنمية في القارة الإفريقية، وتطرق كذلك إلى اهتمام الدول بالجزائر كونها بوابة قارة غنية بالمواد البشرية والباطنية.
يقول رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير أمين بوطالبي، إن الجزائر في الفترة الأخيرة شهدت العديد من الزيارات الجد هامة دبلوماسيا واقتصاديا، على غرار زيارة رئيس الجمهورية في وفد رفيع المستوى إلى كل من روسيا والصين، ووقعت العديد من الاتفاقيات بشراكة إستراتجية بين دولتين مهمتين في العالم في وقت يتجه العالم للتكتل اقتصاديا، في ظل بروز تكتلات ورهانات اقتصادية جديدة في العالم.
تعدّد الشراكات وتنوّع الأهداف
يؤكد بوطالبي أن الجزائر صار لديها تأثير إفريقي مهم جدا في قضايا مهمة تخص الشأن الإفريقي، وعلى خلفية دورها الهام في تفعيل القضايا الإستراتجية وإحلال السلم والأمن داخل القارة السمراء خاصة بعد افتكاكها لمقعد غير دائم بمجلس الأمن، وهذا يعد إضافة كبيرة للدبلوماسية الاقتصادية والسياسية للجزائر، على اعتبار أنه من شأنه أن يمنحها إضافة قوية لتوسيع دائرة الشراكة الإستراتجية بين الجزائر والدول التي تنصهر في تكتل اقتصادي مثل الصين؛ لأن الجزائر كانت قد وقعت عدة اتفاقيات بعد زيارة الرئيس بوفد رفيع من رجال الأعمال إلى الصين، ومثلما سجل في عدة دول منها روسيا وقطر والبرتغال وإيطاليا وتركيا، وكانت كل هذه الزيارات ترمي إلى تفعيل شراكة استراتيجية، كما أبرمت عدة اتفاقيات بين رجال الأعمال في القطاعين العام والخاص.
ويصف بوطالبي الشراكة الإستراتجية التي أكد عليها رئيس الجمهورية، بأنها توسع دائرة العمل والتعاون بين هذه الدول وخاصة الجزائر بحيث أنها تلعب دورا مهما جدا مع أغلب الدول المؤثرة في العالم، لذا كانت زيارة دولتي إيطاليا والبرتغال مهمة في أوروبا وكذا وكذلك بالنسبة لجولة رئيس الجمهورية إلى قطر والصين وتركيا من أجل بعث دور الجزائر دوليا، ولعب دورها المحوري، واليوم السياسة الخارجية الجزائرية تستجمع كل قواها للعب الدور المنوط بها.
الجزائر تقترب من بريكس
ويحاول بوطالبي التذكير أن الجزائر تعد بوابة إفريقيا، وجدد هذا الاعتراف على الصعيد الخارجي في قمة روسيا، عندما أكدت روسيا أن الجزائر تلعب دورا كبيرا كبوابة لإفريقيا، وراهن الرئيس بوتين على دولتين في القارة السمراء ويتعلق الأمر بكل من الجزائر ومصر، كونهما دولتان تلعبان دورا مهما جدا، وكانت روسيا قد أبرمت العديد من الاتفاقيات في مجال تطوير الصناعة ووضع شراكات مهمة مع الجزائر في مجال الأسمدة والهدروجين ونقل التكنولوجيا والبنوك والتأمينات وغير ذلك، إلى جانب إبرام اتفاقيات عديدة مهمة مع الصين في مجال الاتصالات مع شركة هواوي، واتفاقية لإعادة تشغيل ميناء الجزائر الغرب وعدة اتفاقيات أخرى في استخراج الفوسفات والسكك الحديدية، قطاعات ستحرك العديد من الاقتصادات الإفريقية بين الشمال والجنوب وكذلك الطريق العابر للصحراء أو طريق الوحدة الإفريقية الممتد بين الجزائر ومدينة لاغوس، ويصل هذا الخط إلى داكار وابيجان ويربط الجزائر بدول مهمة بغرب إفريقيا، وأشار بوطالبي إلى ضخ الجزائر إلى نحو 1مليار دولار لبناء البنى التحتية للدول الإفريقية وقال أنه مبلغ مهم جدا لبناء شبكات الطرق وخطوط السكك الحديدية والمدارس وتوسيع الدائرة اللوجستكية بين الدول الإفريقية.
ووقف بوطالبي على اقتراب الجزائر من الانضمام إلى تكتل بريكس وكانت قد شاركت في بنك البريكس بـ1.5 مليار دولار علما أن بنك التنمية يضم 12 دولة.
الأمين العام لمنطقة التجارة الحرّة.. قريبا بالجزائر
وبالموازاة مع ذلك، يتطرق رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار، إلى مشاركة الجزائر بدور أساسي في تفعيل اللقاءات الإفريقية المهمة وفي إعادة ترتيب البيت داخل الاتحاد الإفريقي وساهمت في البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير بمبلغ معتبر، وكذلك تساهم في بناء علاقة تجارية مع البنك والأمانة العامة لمنطقة التبادل الحر وفي المراحل المقبلة ستشهد العديد من اللقاءات بين المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير مع البنك الإفريقي عبر تنظيم العديد من النشاطات التي تعزز التصدير إلى إفريقيا وعقد العديد من الملتقيات مع الأمانة العام لمنطقة التبادل الحر التجاري القاري الإفريقي، وكشف بوطالبي – في سياق متصل – عن زيارة مرتقبة للأمين العام للأمانة العامة لمنطقة التبادل الحر واو كيلي إيني، للجزائر والمركز العربي الإفريقي، وقال إنه شخصية مهمة جدا من جنوب إفريقيا، بعد أن قدم له دعوة للحضور فرحب بها، وقال إنه سيكون له الشرف الكبير أن يزور الجزائر والشركات الجزائرية ويعزز دعم الجزائر لبناء تجارة قارية وتحرير التجارة الإفريقية؛ لأنها أكبر وأهم سوق على خلفية أنه ثالث أهم سوق بعد الصين والهند، وأوضح بوطالبي أنه سوق موحد وتقوم الجزائر بدورها كبوابة إفريقية.
وبالنظر إلى السياق العالمي الراهن، يؤكد بوطالبي أن العالم في هذا الظرف يناقش إمكانية التعاون بصورة مباشرة مع مختلف دول العالم حيث أصبحت الدول تبحث عن آليات جديدة في التعاملات المالية، ليبتعد شيئا فشيئا عن الدولار، ويعتقد بوطالبي أن بريكس سيكون ثاني قوة اقتصادية بعد مجموعة السبعة، لأن دول بريكس ناتجها المحلي الخام عال، ونسبة نموها مرتفعة، كما يتوقع أن تكون لعضوية الجزائر مساهمة فعلية داخل المجموعة التي تتطلع للانفتاح على نحو 20 دولة تقدمت بطلب الانضمام.
ويعتبر رئيس المركز العربي الإفريقي أن الجزائر تخطو بخطوات مهمة والأهداف ستتحقق مستقبلا، وعلى اعتبار أن الجميع مجند من أجل دفع عجلة التنمية وبناء سلاسل اقتصادية وتجارية، كما ذكر إمكانية الاستفادة من الريادة التي تحققها الجزائر من خلال الدبلوماسية السياسية والاقتصادية، والسعي للمساهمة في العمق الإفريقي لإحلال السلم والأمن وتحقيق التنمية لأن الدول الإفريقية تتطلع لمرحلة جديدة من التنمية، وفي ظل سعي الجزائر على المساهمة في بناء العلاقة التجارية والاقتصادية الحقيقية بين دول الجنوب، وتربط تحدي جديد لبناء استراتجية جديدة وشراكة استراتيجية جديدة تبعث على الأمل والتنمية داخل العمق الإفريقي والاهتمام على العنصر البشري والموارد المحلية وتريد بناء شراكة استراتيجية وفق مبدأ رابح رابح تكون جميع الأطراف لها حقها،
ومن بين القطاعات الإستراتجية التي تسعى الجزائر لتوسيع نطاق شراكاتها سلط بوطالبي الضوء على كل من الأمن الغذائي والفلاحة والطاقة والهدروجين الأخضر والأسمدة والغاز والبترول والمعادن الطبيعية من حديد وبترول ويورانيوم والأتربة النادرة التي تمتلكها إفريقيا، وكذلك قطاع النقل والاتصالات لتحرير التحرك البشري داخل إفريقيا وتعزيز التعاون جنوب – جنوب في المراحل المقبلة وكل ذلك في مناطق التبادل الحرة القارية التي تعزز مكانة الجزائر لأنها مهمة في المراحل المقبلة لبناء علاقة تجارية بين كل الدول الإفريقية وتعزيز الحضور الإفريقي وتنمية الإنتاج المحلي الإفريقي.