رغم اعتقاد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة بأن إقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش سينهي الأزمة التي تسبّبت فيها هذه الأخيرة بلقائها المشؤوم مع نظيرها الصهيوني قبل أسبوع، فإن الواقع على الأرض يؤكّد غير ذلك.
ما زال الغضب الشعبي متصاعدا ضدّ هذه الخطوة التطبيعية المنبوذة، كما أن السّخط الجماهيري حوّل وجهته نحو حكومة الوحدة، وارتفعت أصوات المحتجين تطالب بإسقاطها، كما استغّل سياسيو شرق ليبيا خطيئة المنقوش التي لا تغتفر، ليعلنوا الحرب على الدبيبة وحكومته، ما يثير المخاوف من دخول هذه الدولة مرحلة جديدة من التوتّر والانقسام، وربّما – لا قدّر الله- من الاحتراب الداخلي.
حكومة الوحدة تنأى بنفسها عن خطيئة المنقوش
من مقرّ السفارة الفلسطينية في طرابلس، أعلن الدبيبة تجريم التطبيع ورفضه وإدانته لأي اتصال يجمع أي مسؤول ليبي مع ممثلي دولة الاحتلال الصهيوني، كما أكّد التزام ليبيا المطلق مع الشعب الفلسطيني في سعيه المشروع لنيل كامل حقوقه، وفي وقوف بلاده مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل إنهاء احتلال بلاده وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
ورغم خطوة الدبيبة التي ثمّنتها الخارجية الفلسطينية بإعرابها عن تقديرها لأهمية ومعنى حضوره شخصيًا لمقر سفارة دولة فلسطين، والإعلان عن تلك المواقف من على أرض دولة فلسطين، فإن معارضي الحكومة الوطنية الليبية، يصرّون على استغلال الغضب الشعبي لتفجيره في وجه الدبيبة بقصد الإطاحة به، حيث تم الدفع بجموع المحتجين للتجمّع أمام مبنى رئاسة الوزراء في العاصمة طرابلس والمطالبة بإسقاط حكومة الوحدة ورئيسها بتهمة الخيانة وترتيب اللقاء الليبي – الصهيوني في العاصمة الايطالية، روما.
والظاهر أن برلمان وحكومة شرق ليبيا وجداها فرصة ثمينة لـ«الإجهاز” على الحكومة المعترف بها دوليا، من خلال تأليب الشعب ضدّها. وقد دعا البرلمان كافة مؤسسات الدولة إلى عدم التعامل والتعاون مع حكومة الدبيبة والتعامل مع الحكومة المكلفة من طرفه إلى حين تشكيل حكومة جديدة تتولى قيادة البلاد نحو الانتخابات.
وطالب بالتحقيق مع حكومة الدبيبة بتهمة انتحال الصفة والفساد والتواصل مع جهات يحظرها القانون، ودعا إلى تشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للعمل على آلية تشكيل الحكومة الجديدة.
ويناهض مجلس النواب حكومة الدبيبة بعد أن سحب عنها الثقة في العام 2021، وكلف حكومة أخرى مكانها، غير معترف بها، تعمل من شرقي البلاد، في فيفري 2022.
وجراء ذلك، نشبت أزمة سياسية في البلاد حيث يرفض الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف عبر برلمان جديد منتخب فيما تجري جهود أممية وليبية لبلوغ تلك الانتخابات.
ضدّ الخيانة والتطبيع
تجددت احتجاجات المواطنين الغاضبة في ليبيا تعبيراً عن رفض الشارع الليبي لأي شكل من التعاون أو اللقاءات السرية أو المعلنة مع الكيان الصهيوني. وردّد المحتجون هتافات ضد التطبيع مع الكيان الغاصب، وداعمة للقضية الفلسطينية، مثل “بالروح بالدم نفديك يا فلسطين”، ورفعوا العلم الفلسطيني.
كما قام متظاهرون بإحراق العلم الصهيوني، في مدينة الزاوية وفي تاجوراء، عقب الأنباء عن اللقاء التطبيعي مع الاحتلال.
المتظاهرون في تاجوراء شرقي ليبيا أغلقوا شارعاً رئيساً احتجاجاً على اللقاء التطبيعي، كما هددوا بتصعيد الموقف والاتجاه إلى طريق السكة.