بافتتاح البرلمان رسميا دورته الجديدة الاثنين بغرفتيه، يتوقع أن تشهد الأسابيع القادمة جدول أعمال برلماني مكثف. يأتي في مقدمة هذا الجدول عرض حصيلة أداء الحكومة خلال السنة الحالية أمام ممثلي الشعب، وفقا لأحكام الدستور الفعّالة، بالإضافة إلى استكمال مناقشة العديد من مشاريع القوانين.
من بين المشاريع يتصدرها مشروع قانون الإجراءات الجزائية الجديد، الذي تم مناقشته بالفعل في الدورة البرلمانية السابقة على مستوى المجلس الشعبي الوطني من قبل لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات. وقد تم أيضا الاستماع إلى وزير العدل حافظ الأختام، خلال الدورة البرلمانية العادية في شهر جوان الفارط.
ومن المتوقع أن تستمر اللجان المتخصصة في مجلة الأمة في مناقشة مشروع القانون وتحسينه، خاصة مع تأجيل النظر فيه إلى الدورة البرلمانية الحالية التي تفتتح اليوم.
من بين الجوانب الرئيسية التي يتضمنها المشروع الجديد، تبسيط إجراءات التقاضي وإنشاء آليات لحل القضايا البسيطة بهدف تخفيف الضغط على النظام القضائي والأطراف الاخرى (المتقاضي)، إضافة إلى ذلك، يتعامل المشروع مع بعض النقائص التي ظهرت في الأداء القضائي خلال العقد الأخير. ويتضمن مشروع القانون عدة محاور رئيسية، وتشمل ما يلي:
المحور الأول: حماية المسؤولين المحليين.
المحور الثاني: تحسين إدارة القضايا الجزائية ورقمنة الإجراءات وتبسيطها :
ستتضمن هذه الأحكام تقليل الإجراءات ربحا للجهد والمال من خلال تجنيب الاطراف محاكمة طويلة الأمد ومعقدة الاجراءات وفعالية في تحقيق العدالة خلال التنفيذ الفوري للعقوبة.
المحور الثالث: إصلاح محكمة الجنايات.
المحور الرابع: تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة في محكمة الجنح.
المحور الخامس: تعزيز حقوق الأفراد وحرياتهم:
من بين أهم الإصلاحات إقرار الحق في استئناف جميع الأحكام تجسيدا لأحكام الدستور وقرار مجلس الدستوري المؤرخ في نوفمبر 2019.
المحور السادس: إعادة تنظيم الأقطاب القضائية الجزائية لمواجهة الإجرام الخطير.
وبتقدير الدكتور محمد براهمي، الأستاذ في القانون الدستوري، يُعتبر مشروع القانون الجديد المتعلق بالإجراءات الجزائرية خطوة شاملة إصلاحية، لا تهدف إلى تغيير جذري لما هو موجود حاليا بل تسعى لتحسينه وإصلاحه. وهذا ينطبق بشكل خاص على تحسين إدارة القضايا الجزائية ورقمنة الإجراءات وتبسيطها، والتي تأتي ضمن إطار المشروع الرقمي الشامل للحكومة الجزائرية. الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو تخفيف الأعباء على الجهات القضائية والأطراف المشاركة في القضايا.
بالإضافة إلى ذلك، يهتم المشروع بمواجهة الإجرام الخطير من خلال تمديد مدة التوقيف لغرض البحث والحبس المؤقت وفقًا للمعايير السابقة، مما يمنح جهات التحقيق والتحري أكبر فعالية في القيام بمهامهم. هذا يهدف إلى عدم جعل العامل الزمني عائقا يعيق إجراءات الكشف عن الحقيقة، وهذه الخطوة تعتبر أمرا بالغ الأهمية، حيث تعالج مشكلات تواجهها الجهات المختصة في العمل القانوني بشكل متكرر.
وبشكل عام، مشروع القانون الجديد يتضمن محاور عديدة جاءت لمعالجة العديد من المتغيرات الجديدة والتي تواكب تطور المجتمع والمرحلة الجديدة التي تعيشها الجزائر، لاسيما مسألة ربح الوقت وتقليل التكاليف المتعلقة بالتقاضي وشفافية أكثر في العمل القضائي، كذلك هذا النص الجديد حسب الدكتور براهمي يهدف إلى تحسين إدارة القضايا الجزائية وتحقيق رقمنة الإجراءات، وذلك من خلال تعزيز الحقوق والحريات وتعزيز مبدإ الأمن القانوني. بالإضافة إلى ذلك، يسعى النص إلى مكافحة الجرائم الخطيرة بفعالية أكبر. وليس ذلك فقط، بل يشمل أيضا إصلاح المحكمة الجنائية ومراجعة الأحكام التي تتعلق ببعض المحاكم الجنائية.
ويقصد بقانون الإجراءات الجزائية مجموعة القواعد القانونية الشكلية والإجراءات القانونية للدعوى العمومية، كما يحدد القانون مهام الأجهزة القضائية مثل النيابة العامة وقاضي التحقيق وإجراءات الدعوى القضائية.