اعتبر العقيد المتعاقد والخبير الأمني، أحمد كروش، تطبيع المملكة المغربية علاقاتها مع الكيان الصهيوني، منتظرا وليس مفاجئا نظرا لحملة التطبيع التي شرع بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه الحكم، وطبيعة العلاقات الصهيونية-المغربية التي دائما ما كانت تطفو على السطح.
وصف كروش في حوار مع “الشعب أونلاين” اعتراف ترامب بمغربية الصحراء الغربية بالقرار العائلي الذي يخدم أجندة الصهاين وليس له لا يمثل قرارات الدولة الأمريكية لأن قوانينها السارية لا تعترف بتبعية أو سيادة المغرب على الصحراء الغربية.
وأكد الخبير الأمني أن هذه الخطوة من الرئيس الأمريكي لن يكون لها أي تأثير على الأمن القومي الجزائري، في حين ستسمح بإطالة أمد الصراع في المنطقة وإعادة النزاع إلى ما كان عليه قبل سبتمبر 1991.
ترامب يعلن عن موافقة المغرب والكيان الصهيوني على تطبيع العلاقات بينهما، ما دلالة ذلك؟
أعتقد أن هذا الإعلان لم يكن مفاجئا لكل متتبع لما سمي بصفقة القرن التي أعلن عليها الرئيس الأمريكي ترامب، لدى وصوله إلى البيت الأبيض وأسند هذه المهمة إلى صهره جاويد كوشنر اليهودي المتصهين، وكان ترامب آلة مطيعة بيد نتنيايو يطبق كل ما يملى عليه من طرف العصابة الصهيونية، حيث أضحت توقيعاته سخية يعطي ما لا يملك للصهاينة، اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة بلاده إليها ، كما اعترف للكيان كذلك بضم الجولان، والضفة الغربية وتعطيل المفاوضات بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية، وعمل بكل ما في وسعه أن يقيم علاقات تطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني وسبق وأن أعلن أن خمس دول عربية جاهزة للتطبيع مع العدو الصهيوني، وفعلا بمجرد الإعلان رأينا هرولة منقطعة النظير إلى تطبيع كلي من دول عربية مع العدو الصهيوني دون ادنى مقابل للشعب الفلسطيني، رغم أن للعرب مبادرة سلام منذ 2002 سميت بمبادرة الأمير عبد الله ولي العهد السعودي في تلك الفترة تنص أنه لا اعتراف ولا تطبيع مع العدو إلا بتحقيق شرط حل الدولتين وفق حدود ما قبل 1967 والقدس الشريف عاصمة لدولة فلسطين وعودة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.
هذه المبادرة لم يرد عليها الكيان الصهيوني إلى اليوم، وذهب العرب للتطبيع دون تحقيق أي شرط من الشروط، أما بالنسبة لنظام المخزن فمنذ مدة كانت هناك تسريبات إعلامية أمريكية وصهيونية أفادت أنه فيه اتفاق لاعتراف متبادل يتم بموجبه أن يطبع نظام المخزن مع العدو الإسرائيلي وتعترف الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب بسيادة المخزن على الصحراء الغربية، لهذا لا القرار ولا التوقيت كان مفاجئا في هذا الإعلان، وبوادره قرأناها منذ أن خرق نظام المخزن اتفاقية وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو في 13/11/2020.
ما علاقة اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء الغربية في هذا التوقيت ؟
يمكن القول ما علاقة اعتراف ترامب بمغربية الصحراء، فهذا كما قلنا يدخل في إطار تبادل اعتراف أي كان اعتراف بمقابل أن تخرج العلاقات المغربية الصهيونية إلى العلن وأن تقام علاقات رسمية لتشجع دول عربية أخرى أن تدخل في حضيرة التطبيع، لأن العلاقة الصهيونية مع المخزن موجودة وقائمة ومرات تطفو على السطح وهناك زيارات متبادلة بين المسؤولين علنية أحيانا وكذلك التعاون الاستخباراتي والعسكري والاقتصادي والثقافي.
الرئيس الأمريكي لما جاء إلى البيت الأبيض وضع نصب أعينه مصلحة الكيان وطبق لها كل ما طلبته منه، وجعل من القضية الفلسطينية-الصهيونية قضية عائلية وكلف صهره المتصهين بإدارة الملف، عكس أن كل القوانين الأمريكية التي لا تعترف بتبعية أو سيادة المغرب على الصحراء الغربية فالاتفاقيات الأمريكية المغربية التجارية كانت لاتشمل المناطق المحتلة.
في اعتقادي أن ترامب قدم خدمة إلى الشعب الصحراوي من دون أن يدري بربط القضية الصحراوية بالقضية الفلسطينية، فالقضية الصحراوية كانت مغيبة إعلاميا عن الشعوب العربية والإسلامية وحتى الدولية فربطها بالقضية المركزية للشعوب العربية والإسلامية لهذا قد أعطاها صدى إعلامي مكافئ للصدى الإعلامي للظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وإن كلا الشعبين يتعرضان لنفس طبيعة الاستعمار الاستيطاني.
كيف سيكون انعكاس هذه الخطوة على الأمن القومي الجزائري، لا سيما وأن بعض دول الخليج فتحت قنصليتها في العيون المحتلة؟
إن فتح قنصليات في الأراضي المحتلة لن تغير في الوضع القانوني للصراع في الصحراء الغربية وتبقى قضية تصفية استعمار وهذا يعطي الشرعية للشعب الصحراوي للدفاع عن حقوقه بكل الوسائل الممكنة من أجل تحرير أرضه واستقلاله، ولا تغير كذلك شيء في الميدان ، فكل هذه الدول التي فتحت قنصليات في الأراضي المحتلة لم تكن تعترف يوما بالدولة الصحراوية ولا تقدم لها معونات حتى انسانية.
أما انعكاساتها على الأمن القومي الجزائري فكذلك لا ارى لها أي تأثير اللهم إلا بإطالة أمد الصراع في المنطقة وإعادة النزاع إلى ما كان عليه قبل سبتمبر 1991 أي قبل مجيء بعثة المينورسو بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
ولذلك إن الجار للجزائر هي المملكة المغربية والصحراء الغربية وموريتانيا من الناحية الغربية وليس الدول التي فتحت القنصليات، والجزائر استطاعت أن تحمي حدودها وأمنها الداخلي طول سنين هذا الصراع ولنقل منذ الاستقلال.
الحدود مشتعلة ما تداعيات هذا الواقع على الجيش الوطني الشعبي؟
الجزائر عاشت سنين الإرهاب وحاربته بمفردها دون إعانة من أحد بل كان هناك من يزيد في دعم الارهاب سواء ماديا أو معنويا سياسيا أو بالفتوى، لكن الجيش الجزائري وبمؤازرة كاملة من شعبه استطاع هزيمة الإرهاب في ظل أزمة اقتصادية خانقة في تلك الفترة، وكذلك انقسامات سياسية حادة، كما استطاع الجيش الوطني الشعبي حماية الحدود الجزائرية في ظل ما سمي بالربيع العربي الذي أشعل المنطقة.
وبفضل تضحيات أبناء الجيش والحس الوطني الذي يتمتع به الشعب الجزائري أفشل كل محاولات اختراق للحدود، أو التأثير على اللحمة الداخلية للشعب الجزائري رغم أن الجزائر كانت تعيش أزمة سياسية، فالجيش استطاع أن يرافق الشعب في التغيير السلمي في الداخل واستطاع حماية الحدود.
والأن والحمد لله الجيش الوطني يتمتع بقدرا قتالية واحترافية عالية وتجهيز وتسليح من أحدث التكنولوجيا، فلا اعتقد أن أحد يفكر حتى في تجربة مع الجيش الجزائري.