كشف المعهد المغربي لتحليل السياسات في تقرير له عن انخفاض عام لثقة المغربيين في أداء حكومتهم وذلك لعدة عوامل، أبرزها تردي الوضع الاقتصادي لشرائح واسعة من المواطنين بسبب الارتفاع الفاحش في الأسعار، اضافة الى استشراء الفساد في الادارة.
الدراسة، التي شارك فيها العديد من الخبراء الاقتصاديين وتحمل عنوان “هل الثقة السياسية في المغرب في تراجع؟”، أفضت الى تراجع الثقة في حكومة عزيز أخنوش إلى 43 في المائة خلال سنة 2023، بعدما كانت 69 في المائة السنة الماضية.
وأرجع الخبير الاقتصادي المغربي رشيد اوزار، وهو احد الباحثين الذين اشرفوا على إنجاز الدراسة، تراجع الثقة في حكومة اخنوش الى ثلاثة عوامل، أولها يتعلق بالوضع الاقتصادي الذي تسير عليه المملكة، حيث عبر أكثر من 70 في المائة من المستجوبين عن عدم رضاهم تماما عن التوجه الاقتصادي العام للبلاد التي تعاني أزمة خانقة جراء ذلك، نتج عنها غلاء في المعيشة.
اما العامل الثاني المتسبب في تراجع ثقة الشعب في الحكومة المخزنية بشكل ملفت، فيتعلق بضعف تواصل الجهاز التنفيذي مع الرأي العام، حيث أن “تواصل المسؤول العمومي بصفة عامة ضعيف جدا”، يشرح المتحدث.
المعطى الثالث والذي لا يقل أهمية، يتعلق بالفساد المنتشر حيث أن -يضيف رشيد اوزار- “غالبية المغربيين يرون أن معدلات الرشوة والفساد مرتفعة، وفي الآن نفسه يقولون إن جهود الحكومة في محاربة الفساد ضعيفة جدا”.
واعتبر الخبير أن النتائج المتوصل إليها تحمل رسائل واضحة للمسؤولين وصناع القرار، لأجل اتخاذ حلول ناجعة للمشاكل السياسية والاقتصادية المتفاقمة، بشكل يسمح بتحسين مستوى الثقة لدى عموم المواطنين.
وكانت المعارضة البرلمانية قد طالبت في وقت سابق من الحكومة بوقف سياسة “الآذان الصماء” وتقديم حلول جذرية للمغربيين من أجل حماية قدرتهم الشرائية، بدلا من نهج “سياسة الترقيع”.
واكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، إن حكومة أخنوش “عمقت أزمة الثقة بين المغربيين والسياسة، بعدما فشلت في حماية القدرة الشرائية للمواطنين”، مطالبا إياها بالحفاظ على مصالح البلاد والمواطنين بدلا من التهرب من المسؤولية.
من جهته، قال الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، أن “حكومة 8 سبتمبر” لم تلتزم بوعودها الانتخابية، الأمر الذي يساهم في تعميق أزمة ثقة المغربيين في السياسة.
وأضاف أوزين إن الحكومة تراجعت عن العديد من المكتسبات السابقة، مؤكدا على ضرورة إشراك جميع الجهات المنتخبة في القضايا التي تهم الشعب، بدلا من اتخاذ قرارات انفرادية.
وشدد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية على ضرورة أن تحقق الحكومة “العيش الكريم وتحفظ ماء الوجه وتصون كرامة المواطنين”.
للإشارة، فقد جر نواب حزب العدالة والتنمية، حكومة أخنوش للمساءلة من جديد أمام البرلمانيين على خلفية الارتفاعات المتكررة التي شهدتها أسعار المحروقات خلال شهر اغسطس، وتأثير ذلك على القدرة الشرائية للمغربيين، حيث طالب رئيس
المجموعة النيابية للحزب، عبد الله بوانو، بمثول وزيرة الاقتصاد والمالية، أمام نواب الشعب المغربي وتقديم التوضيحات اللازمة حول أسباب وتفاصيل الزيادات المتواصلة في الأسعار.
وأضاف النيابي المغربي إن “أسعار المحروقات قد عرفت خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعا مضطردا في السوق المغربية، مما انعكس على أسعار المواد الأساسية التي عرفت لهيبا، في وقت تعرف فيه أسعار المحروقات استقرارا في السوق الدولية”.
واسترسل قائلا: “نظرا للتأثيرات السلبية لهذه الموجة من الارتفاعات غير المفهومة وغير المبررة، خاصة مع الصمت الحكومي، أطلب منكم عقد اجتماع للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، لمناقشة آثار الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين والإجراءات التي ستتخذها الحكومة في هذا الصدد”.
وتتواصل بالتالي الأصوات المغربية المنددة بتفاقم الأزمة الاجتماعية في المملكة، بسبب تجاهل حكومة المخزن خطورة الوضع الذي آلت إليه الأسر المغربية، وسط دعوات للتعجيل بالتدخل لوضع حد لاستمرار ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، تفاديا لما قد يترتب عنه من احتقان متزايد على مستوى الجبهة الاجتماعية.