تحتضن مختلف القاعات التابعة للمركز الجزائري للسينما عبر كافة التراب الوطني، وعلى مدار أسبوع كامل عرض فيلم “زهرة الصحراء”، الذي أشرفت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي على عرضه الشرفي، السبت، بقاعة السينيماتيك بالجزائر العاصمة.
يسلّط فيلم “زهرة الصحراء” على مدار 22 دقيقة من الزمن وحشية جرائم فرنسا الاستعمارية، من خلال قصة إنسانية مستوحاة من عمق المأساة التي تسببت فيها التجارب النووية في الصحراء الجزائرية.
وتشكّل القصة مرآة تعكس معاناة أهل منطقة رقان في الأيام القليلة التي سبقت 13 فيفري من عام 1960 تاريخ انفجار أول قنبلة من التجارب النووية الفرنسية بقوة تضاهي خمس مرات قنبلة هيروشيما.
تطرّق الفيلم القصير الى التجارب النووية بالصحراء الجزائرية، التي تعد من أبشع الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في تاريخها الاستعماري انطلاقا من رقان سنة 1960 أين نفذت عشرات التجارب الضخمة في بيئة مأهولة بالسكان والتنوع الطبيعي، بل أكثر من ذلك أين استعمل عددا هائلا من الحيوانات والبشر الأحياء من المساجين الجزائريين للقيام بأبحاث علمية حول اثار الإشعاعات النووية على جثثهم الطاهرة.
أعاد الفيلم القصير “زهرة الصحراء” فتح موضوع جرائم التجارب النووية الفرنسية في الجزائر من وجهة سينمائية تسافر بالمشاهد الى بداية 1960، بالضبط الى منطقة رقان بجنوب الجزائر عبر قصة الطفل المراهق عباس الذي ينتمي الى عائلة متواضعة، يعيش طفولته على أتم وجه مشاكسات في المدرسة، شغب في الأزقة ومغامرات لا منتهية مع كلبه الذي يعتبر صديقه الوحيد، إذ لم يكن عباس يتوقع أن وجوده على طريق قافلة الشاحنات العسكرية سيفقده كلبه حين تم أخذه من طرف جنود فرنسين كانوا ينقلون عدد من أقفاص الحيوانات نحو قاعدة التجارب النووية “النقطة صفر” بنفس المنطقة، فخيم عليه الحزن، ليبدي استعداده للقيام بأي شيء من أجل استرجاعه، قبل ان يتم تحريره من قفصه بساعات قليلة قبل صلبه في “النقطة الصفر”، أين تم تعريض مجموعة من المساجين وعشرات الحيوانات لأول تفجير نووي فرنسي من أجل الأبحاث العلمية.
وتمّ تصوير الفيلم الذي تدور أحداثه التاريخية بشكل رئيسي في قصر تماسخت بمنطقة رقان بولاية أدرار بالجنوب الجزائري.
ويعد فيلم “زهرة الصحراء” أول تجربة إخراجية لأسامة بن حسين مع المنتجة مريم ولد شياح، كما تميز أيضا براعة الممثلين الموزعين في العمل على غرار الطفل محمد بن شرقي في دور عباس، إلى جانب كل من الممثلين سليمان بن واري، إيدير بن عيبوش، حليم زريبيع، احمد سنجال وتنو خيلولي والذين صفّق لهم جمهور قاعة السينيماتيك طويلا عقب العرض الذي كان متبوعا بجلسة مناقشة أجاب من خلالها فريق العمل على مختلف أسئلة الحضور.
يدخل إنجاز الفيلم القصير “زهرة الصحراء”، سيناريو وإخراج أسامة بن حسين في إطار سلسلة الأعمال السينمائية الروائية القصيرة والوثائقية التي تم إنتاجها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية عن طريق المركز الجزائري لتطوير السينما.
وفي السياق ذاته، يضرب موعد لمحبي الفن السابع السبت المقبل مع العرض الشرفي الاول للفيلم الوثائقي “المواطن بيار شولي” لمخرجه سعيد مهداوي.