يحظى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف المصادف لـ12 من شهر ربيع الأول من كل سنة هجرية برمزية خاصة لدى ساكنة ولاية جانت الذين يحرصون على إحيائه بإقامة الشعائر الدينية عبر المساجد والزيارات العائلية التي تساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية.
تصدح مساجد ولاية جانت بالمدائح الدينية قبيل كل صلاة مع بداية شهر ربيع الأول وتستمر إلى غاية ال 18 من الشهر ذاته، حيث يجتمع المصلون في المسجد ليشكلوا حلقات للذكر واستذكار مآثر وخصال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وسياق ولادته وطفولته ونبوءته، فضلا عن تنظيم مسابقات دينية في حفظ وترتيل القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
وتمثل الزيارات العائلية وتبادل الأطباق سمة بارزة في هذه المناسبة حيث يحرص سكان جانت على المحافظة عليها في كل مناسبة دينية بغرض ترسيخ القيم والروابط بين الأهل والأقارب.
وفي هذا الصدد، أشارت حليمة عوامري (ربة بيت) أن المرأة الجانتية تحضر الأطباق التقليدية وتبادلها مع الجيران في صورة تبرز مدى التماسك الاجتماعي والتضامن بين سكان الحي الواحد وتيمنا بتوصيات الرسول الكريم في هذا الشأن.
ومن جانبه، ذكر الشيخ مصطفى شالعلي إمام بمسجد علي بن أبي طالب بحي “الميهان” وسط مدينة جانت، أن هذه المناسبة تعد فرصة لإحياء الروابط العائلية وتلقي التهاني وتبادل الزيارات، بالإضافة إلى توزيع الطعام على الفقراء وتكثيف النشاط الخيري.
ويعد المولد النبوي مناسبة لممارسة لعبة ” تكتشيت” أو”تكريكرة” التقليدية التي تجمع فريقين من قاطني الجهة الشمالية والجهة الجنوبية للقصر الواحد بمدينة جانت، حيث يستمتع اللاعبون بتمرير كرة صغيرة فيما بينهم مصنوعة من جلد الإبل وتلف بسعف النخيل بواسطة قضيب خشبي، كما أوضح لوأج المهتم بتراث المنطقة والكاتب ورئيس جمعية قصر الميزان تيغورفيت الثقافية عثمان بالنقاس.
ودأب سكان القصور الثلاث ممارسة هذه اللعبة التقليدية منذ القدم في الثامن عشر من شهر ربيع الأول الذي يصادف اليوم السابع من ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يسمى محليا بيوم “التسمية”.
إحياء الموروث الثقافي وتعزيز أواصر التضامن في المغير
ويشكل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف المصادف لـ 12 من شهر ربيع الأول من كل سنة هجرية، مناسبة لإحياء الموروث الثقافي الذي تتميز به ولاية المغير وفرصة لتعزيز أواصر التكافل والتضامن بين مختلف شرائح المجتمع.
ويحرص سكان المغير على الاحتفال بمولد خير الأنام بإقامة شعائر دينية وعادات وتقاليد مازالت راسخة، على غرار حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم عبر جميع المساجد وتكريم حفظة كتاب الله والحديث الشريف إلى جانب ختان الأطفال وإخراج الصدقات لفائدة المعوزين، مثلما أوضح لـ(وأج) علي شطي رئيس الجمعية الولائية ”لمسة” الثقافية.
وبهذه المناسبة تقوم ربات البيوت بصناعة حلوى ”الرفيس” و”الطمينة” التي تزينها ببعض المكسرات بالإضافة إلى إشعال الشموع في كل زوايا المنزل ونثر البخور، ليصنعن بذلك أجواء خاصة غامرة بالسعادة وفرحة الأطفال، استنادا لنفس المتحدث.
وأردف قائلا أن احتفالات المولد النبوي تتميز أيضا بتحضير مختلف الأكلات التقليدية مثل ”الشخشوخة” و”الكسرة ودشيشة” لمأدبة عشاء ليلة المولد النبوي التي تجتمع عليها العائلات المغيرية، مشيرا إلى أن جلسات السمر العائلي التي لا تحلو إلا بارتشاف الشاي، تتواصل إلى ساعات متأخرة من الليل.
وفي صبيحة يوم الاحتفال بالمولد النبوي تصنع النسوة ”خبز الدار” أو ”الكسرة” لتوزع على المارة أمام المنازل، كما يتزين الأطفال باللباس التقليدي لحضور مراسم الختان الذي يفضل العديد من العائلات القيام بها بالطريقة التقليدية، التي تتم بإشراف الشيخ المكلف بهذه العملية بحضور أهل الطفل كوالده وأعمامه وأخواله وهم يذكرون الله ويصلون على نبيه الكريم في حين تستقبله النسوة بالزغاريد وأغاني خاصة بالمناسبة يتخللها إطلاق بارود، مثلما جرى شرحه.
ويفضل سكان ولاية المغير عبر مختلف مناطقها على غرار جامعة والمرارة وسيدي خليل وسيدي عمران واسطيل وأم الطيور تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب، حيث يعد الاحتفال بذكرى مولد خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فرصة لصة الرحم ولم الشمل وإصلاح ذات البين وتصافي النفوس.