بمجرّد انتخابه رئيسا للجمهورية، ذكّر عبد المجيد تبون أن الجزائر ستبقى متشبّثة بمبادئها، ثابتة على مواقفها تجاه مختلف القضايا والملفات، وفي مقدمتها القضيتان الصحراوية والفلسطينية، حين قال في أحد لقاءاته الدورية بالصحافة الوطنية، إن الجزائر لن تطبِّع مع الكيان الصهيوني ولن تبارك المسار المشؤوم، وذلك في خضّم موجة من الارتباك كانت فرضتها هرولة بعض الدول العربية إلى التطبيع، حتى اعتقد البعض أنه الفحم الذي سيتوشّح بسواده الجميع لا مفّر؟.
لقد خلق ذلك جوا من الشكوك والحيرة في أوساط شعوب عربية وجدت نفسها تحت الصدمة بسبب تسارع أحداث، بشكل يوحي أنهمشروع مرتبط بآجال زمنية محدّدة، أفلا يعلم هؤلاء أن الشعوب ستستفيق قريبا وستقلب الطاولة على الجميع؟
موقف الجزائر الثابت من القضيتين الفلسطينية والصحراوية، لم يثلج صدور الجزائريين فقط، ولكن كل أحرار العالم، لأنها جاءت في وقت أصبح فيه التعبير عن المواقف المشرّفة يأتي على استحياء، بينما يتباهى العملاء ويتشدقون بخذلان شعوبهم وشعوب شقيقة مازالت تئنّ تحت وطأة الاحتلال في القرن 21 الذي يوصف، زوراً، بأنه قرن الحريات وحقوق الإنسان؟!
في مثل هذه الظروف كان لابد من وضع النقاط على الحروف، خاصة وأن ما شهدته الجزائر من حراك شعبي، جعل البعض يتوهّم أن مواقفها مرتبطة بأسماء وليس قناعات راسخة وقودها ثورة مجيدة وحضنها شعب أجهض مشروع الترويض، بعدما زجّ بدول في مستنقع «الانتقالية»، ثم أملوا عليها خارطة الطريق، بينما فوّتت عليهم الجزائر ذلك وظلّت عصيّة عليهم تجهض مشاريع التطبيع والتدجين.
الشعب الجزائري يدرك حجم المؤامرة والضغوط، لكن ذلك لن يثنينا كجزائريين عن نصرة القضايا العادلة والوقوف إلى جانب المظلومين والمقهورين وهو الذي تجرّع علقم الاحتلال والاستغلال لقرن ونيّف ويعرف مراراته، كما يعرف الجميع أنه حين دقّت ساعة الحسم أنهى احتلال قرن وزيادة في سنوات معدودات، وكذلك سيفعل الصحراويون أصحاب الأرض والحق رغم التغريدات والمقايضات.