تعرفون لماذا تسمى «مهنة المتاعب»؟!
يقولون إن الصحفي يتعرض إلى مضايقات واستفزازات، وقد يقدّم حياته عربونا لـ«خبر» (لا ينفع سوى بضع دقائق).. يقولون إن «الصحافة مهنة متاعب»، لأن من يشتغل بها يُغضب الناس حين يلتزم بما يعتقد أنه «الحقيقة»، ويغضبهم حين يعتقدون بأنه يلتزم بما هو (الباطل).. يقولون أشياء كثيرة تجعل من الصحفي بطلا سميدعا، وهرقلا مفرعنا، وحتى شيطانا رجيما، وهلمّ جرّا من الأوصاف التي تتعدّد بتعدّد الآراء ووجهات النّظر..
ولا نضيف شيئا ذا بال إذا قلنا، إن المضايقات والاستفزازات موجودة في جميع قطاعات العمل، عبر جميع أقطار الأرض، وليس يختلف مراسل الحرب الذي يتلقى رصاصة، عن قوافل الموتى الذين ينقل أخبارهم، أما «الحقيقة» فهي نسبية في كل القطاعات والمهن، ولعلها لا تتميّز في الصحافة (بأنواعها) إلا بطبيعة الانتشار..
طيب.. لماذا توصف الصحافة وحدها بأنها «مهنة متاعب»، مع أنها تشترك في متاعبها مع جميع المهن والفنون والحرف (التقليدية وغير التقليدية)..
نعتقد أن ما يميّز الصحافة عن بقية المهن، شيء بسيط جدا، يمثل جوهر المتاعب.. فالمهنيون كلهم يعملون، ويراكمون خبرات تجعل من أدائهم يقترب من الآلية والثبات، بينما لا يمكن للصحفي أن يراكم أي خبرة، فهو يكتب الأخبار، ويشتغل على التحقيقات، ويجري الحوارات، ولكن كلّ يوم جديد يأتيه بواقع جديد ينبغي أن يتكيف معه، ويعدّ له توثيقاته ومراجعه، ويحرص على مصادره..
هي مسألة مراكمة الخبرة فقط.. فإذا التقيتم بمن يحسن الظن بنفسه، ويتعامل بأسلوب الصحفي الجهبذ، فاعلموا بأنه لم يعانق متاعب الصحافة أبدا، لأن الصحفي (الحقاني) يظل مبتدئا على الدّوام، ولا يتخلص أبدا من رعشة تخفق بقلبه خوفا على قارئه..
كل عام والصحفيون بألف خير..