تحدّث الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله خلال ندوة أقيمت ضمن فعاليات معرض الكتاب الدولي في دورته 26 عن تجربته الشعرية والروائية، مؤكدا أن هذه الجلسة الأدبية تأتي في لحظة قاسية وفي صبيحة ليلة شيطانية جهنمية عاشها الشعب الفلسطيني محاصرا ومهاجما بقوة استعمارية كبرى، ليست فقط القوة الصهيونية وإنما القوة التي تدعم هذا الكيان بعنصرية فادحة.
قال الشاعر والروائي ابراهيم نصر الله “تخيلوا كم كان ممكنا أن تكون غزة ضعيفة ومكسورة لو لم تكن المظاهرات تملأ الشوارع، كل شخص يخرج إلى الشارع يرفع روح غزة عاليا ويمنع العدو من التمتع بإرهاق روح لا تنزل إلى الأرض بل تصعد إلى فضاء الأمل والحرية.
وأشار المتحدث، إلى أنه واحد من أبناء النكبة الأولى، فقد ولد بعد 6 سنوات من النكبة وعاش تفاصيلها (جوع، مرض، عدم وجود مدارس، أفق مقفل تماما من كل الجهات).
«في مخيم الوحدات جوار عمان بدأت حياتي في مدارس كانت عبارة عن خيمة، لم تكن هناك مقاعد، كنا نجلس على الأرض وفي كثير من الأحيان على الطين، كان هناك كتابا واحدا في يد المعلمة، ومنذ ذلك اليوم كان حلمي أن يكون لي كتابا خاصا بي، وأكيد انتظرت طويلا لأن يكون لي كتابا فيما بعد”، يقول نصر الله.
وذكر صاحب “شرفة الهاوية”، أنه كتب الشعر والرواية في نفس الوقت، مشيرا إلى أن قصيدته الأولى كتبها في المرحلة الاعدادية في الصف التاسع تحت عنوان “جاء أستاذ اللغة العربية”، وقد رثى فيها أستاذه الذي كان قد استشهد.
وأضاف، أنه في المرحة الابتدائية كتب روايتين بسيطتين جدا، متأثرا بشكل أساسي بالأدب الحزين وبروايات إحسان عبد القدوس ومحمد عبد الحليم عبد الله، ولم يكن قد قرأ بعد لنجيب محفوظ.
ثم انتقل – حسب قوله – إلى معهد المتعلمين التابع لوكالة الغوث وهناك درس وأكل وأقام مجانا، لينتقل بعدها إلى المملكة العربية السعودية ويعمل مدرسا، وكانت أول طائرة يركبها إلى الصحراء، وقد ذكر أنها تجربة قاسية لأن الملاريا كانت منتشرة في ذلك الوقت وأصيب بها، وكتب عنها أكثر من مرة ويبدو أنها لا تنتهي لفرط قساوتها – يضيف المتحدث – كما لفت إبراهيم نصر الله، إلى أنه كتب رواية “براري الحمى”، حينما كتب أكبر ديوان له “الخيول على مشارف المدينة”، حيث صدر الديوان قبل صدور الرواية ونال شهرة واسعة، كما نال جائزة أفضل ديوان شعري، ليؤجل بعد ذلك إصدار الرواية إلى سنة 1985 بحكم أن ذلك الزمن كان زمن الشعر، وقد أحدث صدورها ضجة كبيرة جدا لفرط جنونها الحداثي لأنها كتبت تحت تأثير مسرح العبث وتحت تأثير المسرح الاغريقي ومسرح شكسبير التقليدي.
وأشار المتحدث، إلى أنه في سنة 2007 نشر 6 روايات من مشروع الملهات الفلسطينية، مبينا أن المشروع هو الثمرة المباشرة لما بعد معركة بيروت، التي فرضت حالة من الضياع والتشتت، حين قرأ جملة لبنغوريون يتحدث فيها عن الفلسطينيين تقول: “سيموت كبارهم وينسى صغارهم”، لافتا إلى أن القضايا الكبرى تحتاج إلى تقنيات كبيرة لإيصالها إلى العالم، وإلى الناس.
وخلال إجابته عن أسئلة الحاضرين، ومنها مراوحته بين الشعر والرواية، أوضح الروائي إبراهيم أن الشعر والرواية يتبادلان الخبرة في هذا المجال، قائلا “بعض الروايات مثل طيور الحذر لو لم أكن شاعرا لما استطعت أن أكتبها”.
وأكد نصر الله أنه لم يكتب رواية لم يفكر فيها لمدة خمس سنوات، مشيرا إلى أن العمل الروائي عمل تركيبي.
وعن هرولة بعض دول العالم العربي إلى التطبيع، قال نصر الله إن “فلسطين عاشت أكثر من 100 سنة وهي تحارب قوى عظمى، لا يهمني انضمام هذه الدول اللقطة إلى هذا المشروع، مكانها جنب الامبراطوريات الصهيونية”.
وفي حديثه عن المثقف العربي، أكد الروائي أن المثقف العربي دائما مع القضية الفلسطينية وكان نموذجا حقيقيا، حتى وهو يقاتل في بلده كان مع القضية”.
وأضاف، “حينما وقع البيان الأخير، كان هناك أكثر من 6 آلاف مثقف عربي، وضعوا البيان الرائع، والذي اعتبره فعلا وثيقة أساسية لموقف المثقفين العرب، بالتأكيد هناك من يبيعون فلسطين، هم لم يبيعوها بل باعوا أنفسهم لأن فلسطين لا تباع، كل هؤلاء يدعون للشفقة”.