لا تزال تلك الحقيقة المعروفة منذ زمن بعيد تثبت نفسها مرارًا وتكرارًا، أن الظروف المتشابهة تؤدي في النهاية إلى نتائج مشابهة. وهذا المنطق الذي تم تطبيقه عبر التاريخ، يعيش اليوم تحت أضواء الأحداث الجارية في فلسطين.
بالأمس القريب، اتهمت فرنسا الاستعمارية الجزائريين بالإرهابيين، بعد إطلاق العنان لأحد أعظم الثورات في التاريخ الحديث، استطاع من خلالها الشعب الجزائري استعادة وطنه والحصول على استقلاله كاملا غير منقوص.
والكيان الصهيوني اليوم، يعيد تكرار نفس النهج، من خلال وصف الأعمال التي تقوم بها المقاومة في فلسطين بأنها أعمال إرهابية، وبمباركة غربية تكيل بميزان أعوج لا تميل كفته إلا لصالح الصهاينة، وكأنّ دم الفلسطينيين مباح.
في خطاب تاريخي من ولاية الجلفة، أكد رئيس الجمهورية بعبارات صريحة لا تحمل التأويل، أن المقاومة الفلسطينية ليست بإرهاب، بل هي عمل تحرري تُقره كل المواثيق الدولية، مستخدما عبارة «الفلسطينيون ليسوا إرهابيين.. من يدافع عن حقه ومن يدافع عن استقلال وطنه لا يمكن أن يوصف بالإرهاب». وربط رئيس الجمهورية هذا التوصيف، بما قامت به فرنسا مع الثورة الجزائرية واستخدامها لكل الوسائل لتشويهها، مستحضرا أحد الأقوال الخالدة للشهيد البطل العربي بن مهيدي، في رده على الدعاية الاستعمارية. وشدد الرئيس على أن ما يحدث من عدوان على غزة، هو جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان وجريمة حرب.
الأسلوب نفسه..
يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية نورالدين رجيمي، في تصريح لـ «الشعب»، أن الدعاية الاستعمارية تستخدم استراتيجيات متكررة دائمًا. وعلى الرغم من أن وصف المقاومة الفلسطينية بأنها إرهاب ليس جديدًا، إلا أن الصمت العربي تجاه هذا التصنيف، هو ما يثير التساؤلات. على الرغم من أن التنديد لا يعتبر كافيًا في هذا الوقت، إلا أن المواقف ستبقى محفورة في التاريخ. الصمت وعدم الرد على الدعاية الصهيونية، يمكن أن يفهم على أنه دعم لها، والصدمة الآن هو ما يقوم به الكيان الصهيوني من خلال قصفه المدنيين وقطع التيار الكهربائي ومنع المساعدات الإنسانية عنهم، وكل ذلك برعاية وصمت رهيب من قبل المجتمع الدولي، لاسيما الدول الغربية، في حصار مستمر لأكثر من 20 سنة على قطاع غزة.
أما فيما يخص كلمة رئيس الجمهورية، فهي تعبّر عن التوافق الوطني والرسمي والشعبي مع القضية الفلسطينية منذ استقلال الجزائر. والدعم الجزائري للقضية لم ينقطع على مر العقود السابقة. كما أن الجزائر وضعت دبلوماسيتها في خدمة القضية، من خلال احتضانها لمؤتمر الصلح بين مختلف الفصائل الفلسطينية العام الماضي، ما يعكس النظرة المستقبلية لصانع القرار في الجزائر. فالقضية الفلسطينية اليوم، تحتاج الى وحدة الصف الداخلي ووحدة الصف الإقليمي وقرار موحد للدول العربية والإسلامية وكل الدول الداعمة للقضية، لأجل ردع الممارسات الصهيونية، لاسيما وأن دول كبرى، بما فيهم روسيا، رفضت استخدام وصف «إرهاب» في توصيفها للأعمال التحررية التي يقوم بها الفلسطينيون لأجل استعادة أرضهم.