تواصل الجزائر بجدية جهودها لتحسين جهاز العدالة من أجل تعزيز الخدمة القضائية المقدمة للمواطنين، تجسيدا لبرنامج رئيس الجمهورية الرامي إلى تطوير النظام القضائي.
منذ توليه المنصب، كرّس الرئيس تبون إصلاحات مكثفة من خلال إجراء تعديلات كبيرة في قطاع العدالة، بما يتوافق مع التغيرات الاجتماعية التي يشهدها المجتمع الجزائري على جميع الأصعدة.
تطوير جهاز القضاء وجعله أكثر مرونة وفاعلية
تضمنت إصلاحات الرئيس عدة جوانب مهمة، منها تحسين مجال القضاء كخدمة عامة أساسية تركز على رعاية الفرد وجعله محور العملية القضائية، بالإضافة إلى تعزيز وتأمين دور القاضي كأساس للعملية القضائية ومنحه مكانة خاصة في المجتمع. ويتضمن البرنامج أيضًا، تطوير العمل الإداري كوسيلة لضمان تفاعل سلس بين القاضي والفرد، مما يسهم في تحقيق عدالة فعالة ونزيهة.
ما تحقق إلى الآن..
قطاع العدالة قطع شوطا كبيرا في الإصلاح، وهذا يظهر بشكل خاص من خلال إنشاء المحاكم التجارية المتخصصة، التي تأسست بموجب القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي.
تم تنصيب هذه المحاكم في جانفي المنصرم، بتوجيهات من الرئيس، خلال افتتاحه السنة القضائية في أكتوبر من العام الماضي.
يأتي هذا في إطار الجهد الشامل لتعزيز النشاط الاقتصادي والتجارة، والذي تميز بصدور قانون الاستثمار في جويلية 2022، وتنصيب المحاكم التجارية المتخصصة المستحدثة بمقرات المجالس القضائية في كل من بشار، تامنغست، الجلفة، البليدة، تلمسان، الجزائر، سطيف، عنابة، قسنطينة، مستغانم، ورقلة ووهران.
وتختص هذه المحاكم بصفة خاصة، في التعامل مع النزاعات التي تنشأ في سياق الشركات التجارية، مثل القضايا المتعلقة بالتسوية القضائية والإفلاس، والنزاعات بين البنوك والمؤسسات المالية والتجار، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالتجارة الدولية والنزاعات البحرية والنقل الجوي، والمسائل المتعلقة بالتأمين في سياق الأنشطة التجارية، وأيضًا النزاعات المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية، ومن شأن هذه المحاكم أن تقوم بدور مهم في دعم عجلة الاقتصاد وحل المشاكل التي تواجه الشركات بشكل سريع.
بالإضافة إلى ذلك، شملت الإصلاحات تقديم مشاريع قوانين تمت المصادقة على العديد منها، وهذه المشاريع تركز أساسًا على ضرورة تقليل جميع أشكال الإجرام، ولاسيما الجريمة المنظمة. وقد تم تضمين تعريف الجماعة الإجرامية المنظمة في مشروع تعديل قانون العقوبات، الذي تم تقديمه حالياً للبرلمان.
ويهدف هذا التعديل، إلى تحديد التعريف بدقة ومواءمته مع الآليات الدولية ذات الصلة، القانون الجديد يهدف في الأساس إلى مكافحة ظاهرة تهريب والاتجار بالبشر، وهي مشكلة تواجهها الجزائر بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة مع وجود عصابات متخصصة في تهريب الأشخاص من منطقة الساحل الإفريقي باتجاه الجزائر.
علاوة على ذلك، تم مراجعة قانون الإجراءات الجزائية وإدخال تعديلات جديدة عليه ومناقشتها على مستوى البرلمان وإثرائه. وقد تضمن مشروع القانون عدة محاور، مثل: حماية المسؤولين المحليين وتحسين إدارة القضايا الجزائية ورقمنة الإجراءات وتبسيطها، وإصلاح محكمة الجنايات، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة في محكمة الجنح، بالإضافة إلى إعادة تنظيم الأقطاب القضائية الجزائية لمواجهة الإجرام الخطير.
الرقمنة أمر ضروري..
من ناحية أخرى، يعتبر مشروع رقمنة العدالة أحد الجوانب الرئيسية التي يركز عليها رئيس الجمهورية في رؤيته المستقبلية لتطوير جهاز العدالة وجعله أكثر مرونة وفاعلية في أداء واجباته. يتضمن هذا المشروع، رقمنة القطاع بالكامل، مما يساهم في تقليل التكاليف وتوفير الوقت للمواطنين والقضاة عبر اختصار المسافات. يتقدم مخطط الرقمنة الخاص بالقضاء بخطى ثابتة، وخلال اجتماعه السنوي مع إطارات القطاع، أشار وزير العدل حافظ الأختام السيد عبد الرشيد طبي، إلى أن الرقمنة تحمل أبعادًا استراتيجية في برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وقد تم تضمينها في سياسة الدولة كرافد مهم يساهم في التخلص من البيروقراطية.
لقاء تقييمي..
واجتمع، السبت الماضي، السيد عبد الرشيد طبي، وزير العدل حافظ الأختام، بمقر وزارة العدل، مع الرؤساء والنواب العامين لدى المجالس القضائية ورؤساء ومحافظي الدولة لدى المحاكم الإدارية للاستئناف، بحضور إطارات الإدارة المركزية والمؤسسات تحت الوصاية. وقد تم تخصيص اللقاء لتقييم ما تم إنجازه خلال السنة القضائية المنقضية، فيما يتعلق بالعمل القضائي للقضاء العادي والإداري، والاطلاع على مدى تنفيذ المحاور الكبرى لإصلاحات العدالة وتجسيدها في الميدان ورسم معالم الأهداف المرجوة للسنة القضائية الجديدة، بما يستجيب لتطلعات المواطن.