أحيا المجلس الإسلامي الأعلى، أمس، أربعينية الدكتور عبد الملك مرتاض، وكانت سانحة عزيزة استحضر المشاركون – في أثنائها – صورا عن تفرّد فقيد الجزائر في عالم النقد الأدبي، وعلوّ كعبه في فضاء الكتابة الأدبية، وتحدثوا عن فتوحه المعرفية التي أغنى بها المكتبتين الجزائرية والعربية، فكان الإنجاز العظيم عزاءً يهوّن وقع الرزء، ويهدئ آلام الفقد..
ولا نغالي إذا قلنا إن المجلس الإسلامي الأعلى، ظل على الدّوام منارة هدى، وعنوان رشاد، وهو أحق بالسبق إلى الفضل، والحرص على التقاليد والأعراف الإنسانية الراسخة، خاصة منها فضيلة الاعتراف، فليس مستغربا أن يسارع إلى احتضان موعد له موقعه السامي في قلب كل جزائري غيور على المنجز المعرفي الجزائري، يعرف علوّ قدره، ويحتفظ له بسموّ مقامه..
وحق الدكتور مرتاض – رحمه الله – أن نعترف له بأنه جمع بين عبقرية السموّ الأدبي في أسلوب الكتابة، وإحكام العبارة العلميّة في تفاصيل البحث، وأنه لم يكن يسلّم للرّأي النظري إلا إذا محّصه، وفكّك أبعاده، ونظر في أصوله، ولا يناقش إلا بورع العالم، وسمت العارف، فالعبرة عنده كانت بالرأي القويم، والحجّة المبينة والمقاربة الحصيفة.. ويكفي أنه أغنى اللسان العربي بمصطلحات نقدية مستعصية، عاد بها إلى التراث اللغوي العربي، وألبسها ما يتيح لها تبليغ معانيها، والإحاطة بمراميها، وأداء وظائفها في الجهد النقدي كاملة غير منقوصة..
علماؤنا كالنجوم، وحقهم علينا أن نعتني بأعمالهم، ونبلّغ رسالتهم، وهذا بالضبط ما أحسسنا به في حضن المجلس الإسلامي الأعلى، وهو يرسّخ فضيلة الاعتراف..