يمضي عام آخر بعد الستة عقود المنقضية، وجريدة الشعب ما تزال مواضبة على إعداد ملفات شاملة ومستفيضة ودورية، تضع قراءها من خلالها أمام مستجدات الحياة الاقتصادية، وجديد الإصلاحات الجذرية في الجزائر الجديدة.
لقد عكفت طيلة عام 2023 على تقديم المعلومة الاقتصادية الآنية والدقيقة، وعرض التحليل الإستشرافي الموضوعي، ولم تكتف بذلك بل حرصت على تشخيص الأداء بسلاسة، واقتراح الحلول السليمة بعرض وجهات نظر المختصين. واجتهدت كي تسلّط الضوء على مساعي الإصلاح وجهود تعميق وتكريس التنمية الاقتصادية، فسخّرت كل اهتمامها لمتابعة الأداء والحركية الاقتصادية، عن طريق التواجد في قلب المنظومة الاقتصادية، دون تفويت أي حدث دون الوقوف على أثره في الاقتصاد والمنظومة الاجتماعية، فتناولت باستفاضة المبادرات المنتهجة في مسار التغيير الاقتصادي، وبما أن 2023 جاءت بمعالم اقتصادية محض، فإن صفحات الجريدة خصّصت ملفين إلى أربع ملفات أسبوعيا في بعض الأحيان، من أجل تقديم المعلومات ومناقشتها وفتح المجال للتحاليل العميقة.
رافقت جريدة “الشعب” سنة 2023، مختلف الأحداث الاقتصادية ليس بالتغطية المفصلة وحدها، بل بالتحليل والنقاش وإشراك المختصين والخبراء والباحثين والمسؤولين، وظلّت تخصّص مساحة واسعة لمعالجة التحديات وتتبع مسيرة الإصلاحات بقيادة وتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، فكان التركيز كبيرا على إصلاح مناخ الأعمال لتسريع وتيرة الاستثمارات وتشجيع الابتكار والمقاولاتية وتحسين القدرة الشرائية عن طريق إقرار زيادات معتبرة في أجور العمال والموظفين والاستمرار في دعم المواد الواسعة الاستهلاكية وضبط تنظيم السوق والإصلاحات الجبائية والرقمنة والسرعة في الحسم في الملفات الاقتصادية، لاسيما تلك المتعلقة باستحداث المؤسسات الإنتاجية، وبالإضافة إلى مواصلة إنجاز المشاريع السكنية الكبرى من دون تأخير، والرفع من وتيرة التنمية الفلاحية كقطاع استراتيجي يحقق نسبة معتبرة من الثروة من خلال تغطية الطلب المحلي وتصدير كميات معتبرة.
مرافقة منتظمة للأحداث الاقتصادية
كان الحدث الاقتصادي، العلامة البارزة، يسطع في الصفحات الأوَلى، تارة من خلال التثمين وتارة أخرى عبر تسجيل آثار ذلك على الحياة العامة وتطور البلاد، فيحظى بالمتابعة، ويأخذ حقّه من التغطية، ثم تخصّص ملفات معمّقة تفرد لها صفحتين على الأقل، من أجل تقديم أبعاد القرارات وإماطة اللثام عن التوقعات، وطمأنة المواطن بأهمية وأثر كل ما يجري في المشهد الاقتصادي، وأحيانا أخرى تحذر وتدعو إلى التحلي باليقظة خاصة على ضوء بعض المؤشرات التي قد تؤثر على المسار العام.
وظلت جهود الصحافيين قائمة، تُـجري القراءات في الأرقام لتكون بمثابة توثيقات للباحثين، تثري وتدعّم القراءة المتأنية، مثل بيان السياسة العامة والتقارير عن أداء قطاع الطاقة والاستكشافات الطاقوية الهامة ومسار الاستغلال والاستثمار في الطاقات المتجدّدة، وفي كل مرة ينعقد فيها مجلس الوزراء، وعلى ضوء تلك القرارات المصيرية، تحرص على العودة بملفات لتشرك الخبراء وأولى الرأي في المناقشة، في كل ما من شأنه التأثير على عناصر الحياة الاقتصادية، إلى جانب شرح الإضافات المنشودة.
انفردت عميدة الجرائد الناطقة باللغة العربية في المشهد الإعلامي، بكونها ترافق بانتظام وبشكل يومي الساحة الاقتصادية والتنمية الشاملة، بشكل مفصل وتكون دوما سباقة في فتح النقاش وإثرائه، بداية من سريان قانون المالية مطلع عام 2023 بعد أن رصدت له ميزانية تاريخية لم تسجل منذ الاستقلال وناهزت حدود 98.5 مليار دولار، مع تسجيل زيادة وصلت إلى 24.5 مليار دولار مقارنة بميزانية 2022، التي لم تتجاوز حدود 74 مليار دولار، إلى تحسين القدرة الشرائية بإقرار زيادة محسوسة في أجور العمال والموظفين، كما أن الاستثمار والعقار الصناعي والمقاولاتية، استحوذت على حيز معتبر وغطّت حتى الأيام الدراسية المخصّصة لشرحه، وقدّمت مزاياه من أجل المساهمة في حملات التحسيس حتى يتمّ عبرها استقطاب وجذب المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين.
تفرّد في الأداء.. ووفاء للقراء..
ومن البرلمان، نقلت “الشعب” كل كبيرة وصغيرة عمّا يتمّ طرحه من ترسانة تشريعية تخصّ الشأن الاقتصادي، سواء تعلّق بقانون الاستثمار والنص التشريعي المتعلق بالعقار الصناعي وقانون النقد والصرف وغيرها من النصوص التشريعية التي يعوّل عليها في تحريك المبادرات الاقتصادية والدفع بالعجلة التنموية، عبر تنويع الاستثمار المنتج واجتثاث السلوكات الإدارية البيروقراطية، واستضافت “الشعب” على صفحاتها مختلف الفاعلين الاقتصاديين والمحللين الخبراء، لتوسيع النقاش وتبسيط مضامين المواد القانونية والوقوف على مدى مرونة الإطار القانوني والنصوص التنفيذية لتطبيق القانون.
لا نبالغ إذ قلنا إن “جريدة الشعب”، تفرّّدت بالفعل في أدائها من خلال قسم اقتصادي قائم بذاته، يتقصى في خضم الحركية الاقتصادية والإصلاحات الكبرى الأحداث الكبرى، ويقف على مدى تأثيرها في بناء منظومة اقتصادية يكون عمودها الفقري المورد البشري والابتكار وتنتهج تحويل التكنولوجيا والانفتاح على اقتصاد المعرفة.
كما حظيت عودة الصناعة الميكانيكية وترقب انتعاش سوق السيارات من خلال فتح الاستيراد والتركيب، بالتناول انطلاقا من حرص كبير ووفاء لتزويد القراء بالأسعار وأخبار عن الوفرة ومزايا وطبيعة المنتجات. وبالفعل كانت المعلومة الاقتصادية تنشر بشكل دقيق ومستمر، وفي كثير من الأحيان تحقق “الشعب” السبق في معالجة القضايا.
أما في شهر رمضان، تحرص “الشعب” على تخصيص صفحة يومية للسوق، تحت عنوان “المواطن والسوق”، لتزويد المتلقي بمدى الوفرة والجودة ومنحى الأسعار، مع عمود تحليلي يتناول سلوكات التاجر والمستهلك داخل السوق، فيشيد بالجيد وينتقد السيء للإقلاع عنه.
إذا نجحت جريدة “الشعب” في عام 2023، وفي ذكرى تأسيسها الـ61 بتبوء ريادة الطرح ودقة التحليل وقوة التشخيص، وتواجدت بقوة في صميم الأحداث وانفتحت على مختلف القراءات الإستشرافية الجادة والسليمة للأرقام والمستجدات من خلال دكاترة جامعيين وباحثين أكاديميين ومسؤولين ملمين بخبايا قطاعاتهم، وكانت متواجدة بالمؤتمرات الكبرى، مثل ملتقى الاستثمار الإفريقي والمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة ولقاء استكمال طريق الوحدة الإفريقي، وكانت في كل مرة تقف عند نشاط الدبلوماسية الاقتصادية ومدى تطبيق القرارات بانسيابية وفي آجالها، بهدف طي صفحة التردّد والقطيعة مع ظاهرة تسجيل التأخير في إصدار التراخيص للمشاريع الاستثمارية.
ويذكر أن حيوية نشاط قطاع السكن وتجسيد المشاريع، كان حاضرا بدوره، عبر مختلف الصيغ السكنية على تنوعها، وتغطية انطلاق أو انتهاء أشغال المشاريع والتكلفة المالية المسخرة لذلك، ولم تغفل كذلك عن نقل حركية التنمية المحلية التي شدّد عليها رئيس الجمهورية عبر نطاق أبعد ولاية من الوطن، بداية من استكمال إنجاز شرايين الاقتصاد، من طرقات وسكك حديدية إلى استكمال إنشاء رئة الاقتصاد والتجارة والمتمثلة في الموانئ وتوسيع البعض منها.