تشارك مؤسسات الجيش الوطني الشعبي بقوة، في الطبعة 31 لمعرض الإنتاج الجزائري، المقام بقصر المعارض الصنوبر البحري. واستقطبت أجنحتها عددا كبيرا من الزوار، جذبهم التطور والتميز المسجل على صعيد طرح منتجات ذات نوعية رفيعة. ولقد وقفت “الشعب” على عديد الأجنحة التي قدّمت الصناعات الخفيفة والثقيلة عاكسة التنوع، يمكن وصفها بأنها مفخرة جزائرية حقيقية، ما يعكس انخراطها الفعلي في التطور التكنولوجي والبحث العلمي، والاعتماد على مورد بشري يتمتع الكفاءة وروح الابتكار.
شقت مؤسسات الصناعة العسكرية التابعة للجيش الوطني الشعبي، مسارها على درب التطور والانفتاح والتحول التقني والتكنولوجي، وجعلت طلب السوق الوطنية ضمن أولوياتها، وتتأهب كثير منها بمنتجات ذات جودة وتنافسية عالية، لاقتحام أسواق التصدير بثقة ورؤية مدروسة.
وبالنظر إلى الوثبة المحققة، تعدّ الصناعات العسكرية، المعول عليها في تعزيز قدرات ومنتجات الاقتصاد الوطني، المنخرط في معركة تنويع وتوسيع نسيجه عبر مختلف الشعب. ويعكس راهن الصناعة العسكرية – كما وقفت عليه “الشعب” – تطورا وانفتاحا على مسار التنمية المستدامة، وتضع في الحسبان أولوية تلبية طلب السوق المحلية من جهة، وتتخذ من التصدير رهانا مستقبليا من جهة أخرى، لذا يمكن التأكيد أن الصناعة العسكرية تتموقع في الرواق المناسب لتنويع الاقتصاد الوطني والرفع من مستوى الجودة.
قاعدة صناعية متينة ومستدامة
استعرض ممثل عن مؤسسة صناعة الطائرات، الناحية العسكرية الثانية “طفراوي”، المقدم بلقاسم علي، المستوى الرفيع الذي بلغته هذه المؤسسة الرائدة وطنيا. علما أنها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، تابعة للقطاع الاقتصادي للجيش الوطني الشعبي.
وقال المقدم بلقاسم، إن هذه المؤسسة تتكفل بعدة أنشطة، بينها صناعة ومراجعة الطائرات من نوع “فرناس 142”، ذات مقعدين، موجهة للتدريب القاعدي لفئة الطلبة الضباط الملاحين بصفوف الجيش الوطني الشعبي، إلى جانب الطائرات من نوع “سفير-43” ذات 4 مقاعد، موجهة لفئة الطيارين تخصص النقل الجوي، لاحتوائها على معدات تلائم متطلبات التكوين التخصصي.
ومن بين المهام التي تقع على عاتق المؤسسة، ذكر المقدم بلقاسم علي، المراجعة العامة للمحركات والمقلعات العنفية الخاصة بالحوامات، من أجل المساهمة في ضمان الجاهزية العملياتية العالية للوحدات الجوية عبر التراب الوطني.
وتنفيذا لتوجيهات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، وعلى رأسها سيادة الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أوضح المقدم أن مشاركة المؤسسة في هذه الطبعة 31 لمعرض الإنتاج الجزائري، تندرج ضمن هدف جوهري يتمثل في المساهمة بإنشاء قاعدة صناعية متينة ومستدامة، وتعريف الجمهور بنشاط المؤسسات في المجال الاقتصادي والصناعي؛ لأنه يساهم في إثراء وتنويع الإنتاج الوطني.
وأكد المقدم بلقاسم، أن العمل يتم على تصنيع 75 طائرة، من بينها طائرة “فرناس 142” وطائرة “سفير 43”، موضحا أن هيكل الطائرة صناعة جزائرية 100٪، ونسبة الإدماج تصل إلى سقف 85٪. ولم يخف أنهم منفتحون على قطاع التصدير.
وفوق ذلك، نجحت هذه المؤسسة في توفير قطع الغيار للسوق المحلية، فبالإضافة إلى تصنيع قطع غيار الطائرات، تطرح بعض قطع الغيار الأخرى بهدف توفيرها لسوق المناولة. كما تتوفر المؤسسة على وحدة المعالجة الكيميائية والحرارية، وتضع تحت تصرف السوق الجزائرية المعالجة السطحية والمعالجة الحرارية، وفوق ذلك توفر صناعة القطع وتقسية المطاط والتلحيم والنحاسة والطلاء والمراقبة، وهذا في كل المجالات.
ريادة وجودة..
أثناء زيارة معرض الإنتاج الوطني، لاحظت “الشعب” خبرة كبيرة وأداء لافتا لمؤسسة مهمة، تركت بصمتها في القطاع البحري ومازالت تزود السوق الوطنية بمنتجات وخدمات مطابقة للمعايير العالمية.. إنها مؤسسة البناء والتصليح البحريين التابعة للناحية العسكرية الثانية والمتواجدة بالمرسى الكبير.
تناول ممثل المؤسسة، المقدم حمدي رياش، المشاركة في معرض الإنتاج الوطني بكثير من التفصيل، وشرح أداء ودور المؤسسة، موضحا أنها ترتكز على شقين أساسيين، تهتم بهما في نشاطها، ويتعلق الأمر بكل من البناء البحري والتصليح.
وحول البناء البحري، أوضح المقدم رياش أن المؤسسة تعرض مجسمات لمشاريع قيد الإنجاز، أهمها في هذه الطبعة، قاطرة الجر 30 مترا بقوة سحب 70 طنا، وكذلك مجموعة من الوحدات الخدماتية بالنسبة للمؤسسات المينائية، وأيضا تلك الموجهة لفائدة القوات البحرية.
أما بخصوص الشق المتعلق بتصليح السفن، أفاد المقدم رياش، أنه، لأول مرة، تمكنت المؤسسة من تنفيذ توقف تقني لسفينة الساورة، وهي حاليا بصدد إنجاز تصليح آخر وتوقف تقني جديد لفائدة سفينة “ستيديا” التابعتين لشركة “كنان شمال”، وخلال السنة الجارية تمكنت من القيام بعمليات توقف تقني بنجاح كبير.
وتناول المقدم رياش، نشاط ودور المؤسسة في تلبية طلب السوق الوطنية، فقال إن مؤسسة البناء والتصليح البحريين، من أقدم مؤسسات القطاع الاقتصادي العسكري بوزارة الدفاع الوطني. وخلال 40 عاما من تواجدها، تمكنت من إنجاز العديد من المشاريع، أهمها مشروع ضبط طوافات 37 مترا، وتم إنجاز ما يقارب 16 وحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، أنجزت الرابات بطول 58 مترا، وأخرى بطول 62 مترا، فيما يعكف في الوقت الحالي على إنجاز زوارق الإنقاذ بطول 20 مترا، وهي زوارق مصنوعة من الألمنيوم على مستوى فرع عنابة.
تجدر الإشارة، أن المؤسسة أنجزت نحو 9 وحدات من زوارق الإنقاذ، ومازالت سلسلة الإنتاج متواصلة. أما القوارب نصف الصلبة التي يتم تصنيعها على مستوى فرع عنابة، فقد تم تسليم ما يفوق 20 وحدة منها.
وكشف المقدم رياش عن إنجاز زورق إرشاد لفائدة ميناء وهران. وكان قد سبق للمؤسسة إنشاء زوارق إرشاد بحرية أخرى بالحديد، بطول 14 و16 مترا. وهي حاليا بصدد إنجاز وحدة أخرى للإرشاد البحري بالألمنيوم بطول 12 مترا، وكذا إنجاز ثلاث مركبات أخرى لفائدة مؤسسة الطرفيات المينائية للمحروقات، تعد ناقلات للزيوت والوقود توجد قيد الانجاز.
وأشار المقدم إلى تسجيل طلب على قاطرة الجر 30 مترا، من طرف مجمع مؤسسات الخدمات الذي أبدى اهتماما كبيرا بالمنتوج المينائي، وهو ما دعا المؤسسة إلى إطلاق سلسلة لإنتاج قاطرات الجر 30 مترا. أما الحرص الكبير على مستوى المؤسسة – أوضح المقدم رياش – فهو يتمحور حول سد الطلب الداخلي، بحكم أن مؤسسة البناء والتصليح البحريين، هي الوحيدة التي تتمتع بخبرة رائدة في الميدان، ومن الطبيعي أن يكون الطلب الوطني كبيرا عليها.
تلبية طلب المناولين.. ثم التصدير
من جهته، اعتبر الرائد جلوات محمد أمين، ممثل مجمع ترقية الصناعة الميكانيكية، أن مشاركة المجمع في المعرض تهدف إلى إبراز قدرات التصنيع المتاحة. وذكر – في سياق متصل – أن المجمع يضم ثلاث شركات ذات أسهم بالشراكة مع مصنعين ذوي علامات عالية، هي شركة “نمر الجزائر” لصناعة العربات الخفيفة، وشركة “ميتال” لصناعة العربات المدرعة، إضافة إلى شركة إنتاج المحركات ذات العلامة الألمانية “صافما”.
ويضم المجمع 5 شركات عمومية متخصصة في صناعة قطع الغيار من الألمنيوم والفولاذ، يضاف إلى شركة لصناعة القطع المعدنية “أفماص” الكائن مقرها في عين سمارة، والتي كانت تابعة لمجمع “SNVI”، وحاليا، تعد فرعا من فروع مجمع ترقية الصناعة الميكانيكية.
وبخصوص الدور المركزي لهذا المجمع في السوق بشكل عام، أوضح الرائد جلوات أنه يركز بشكل مؤقت على السوق الوطنية بقصد توفير قطع المناولة، لكن المجمع تلقى عروضا عديدة من أجل التصدير. وفي الوقت الراهن، يركز على تلبية طلب السوق الوطنية المتعطشة لتوسيع قطاع المناولة، مثل حاجتها إلى تصنيع قطع غيار العربات وتصنيع أدوات العمل، وقال الرائد إنه بعد تلبية الطلب المحلي يمكن الانتقال إلى التموقع في مسار التصدير.
يذكر، أن المجمع ينتج العربات والأدوات والقطع والمحركات، مثل محركات التبريد المائي ومحركات التبريد الهوائي، ويزود الشركات المدنية العمومية والخاصة والعسكرية بقطع الغيار.
تجديد.. وصيانة منظومات إلكترونية
وبينما كنا نتجول بين أجنحة المعرض، لفتت انتباهنا مؤسسة تجديد وصيانة الأسلحة والمنظومات الإلكترونية التي تعمل على وضع خدماتها ومنتجاتها في متناول المستهلك المحلي.. هذا ما وقفت عليه “الشعب” لدى حديثها مع رئيس دائرة الصيانة وتصليح البصريات والإلكترو-بصريات، المقدم إلياس هندة، وممثل مؤسسة تجديد وصيانة الأسلحة والمنظومات الإلكترونية ببوفاريك بالناحية العسكرية الأولى والتابعة للمديرية العسكرية للعتاد.
قال المقدم إلياس، إن المؤسسة تتولى مهمة تجديد وصيانة الأسلحة بمختلف عياراتها، أي عيار صغير وعيار متوسط وعيار كبير، وتقوم – بالموازاة مع ذلك – بصيانة وتصليح بنادق الصيد والبنادق المضخية لمختلف المؤسسات الخاصة للصيادين، ومؤسسات الحماية والدفاع التي تمتلك هذا النوع من الأسلحة.
كما تشرف المؤسسة على عملية صيانة وتصليح مختلف الوسائل البصرية والإلكترو- بصرية، منها وسائل ليزرية ووسائل بصرية وطبوغرافية (أجهزة قياس المسافة)، المستعملة في الهندسة المدنية، إلى جانب وسائل الرؤية النهارية، مثل تلك المستعملة من طرف الصيادين، وتقدم المؤسسة خدمات صيانتها وتصليحها.
يضاف إلى ذلك، وسائل الرؤية ووسائل التصوير الحراري ومختلف وسائل أنظمة (جي.بي.أس). وأشار المقدم إلياس، إلى أن هناك دائرة أخرى تسند لها مهمة صيانة وتصليح المنظومات الإلكترونية، مثل منظومات الأسلحة، مضادات الدبابات المضادة للطيران، وهذا اتجاه عسكري، وأيضا المنظومات الإلكترونية، منها الرادارات الأرضية، والرادارات الجوية ومحطات الرصد الجوي المستعملة عسكريا، ومحطات الرصد الجوي للقنوات التلفزيونية؛ لأنها نفس المحطات الجوية… إلى جانب مختلف المقلدات، أي مقلدات الرمي الخاصة بالعسكريين ومقلدات السياقة، ويشمل ذلك الوزن الخفيف والثقيل، وكذا صيانة وتصليح مختلف البطاقات الإلكترونية. علما أن المؤسسة تشرف على تصميم وتصنيع البطاقات الإلكترونية وبعض القطع البلاستيكية والحديدية للأجهزة.
وتطرق المقدم هندة إلياس، إلى تأهب العاملين بالمؤسسة، للانطلاق، في غضون العام المقبل، في العمل كمؤسسة اقتصادية ذات طابع صناعي وتجاري (إيبيك)، من أجل تقديم خدماتهم لمؤسسات في مجال الصيانة والتصليح، مثل تصليح نظارات ميدان نهارية للغابات، كما يمكنها العمل مع وزارة الأشغال العمومية والمهندسين المدنيين والمهندسين المعماريين لقياس المسافة الأفقية والعمودية، والأمر يسري كذلك على مجال البطاقات الإلكترونية؛ لأن المؤسسة قادرة على تصليح البطاقات بأنواعها.
جدير بالإشارة، أن الاستثمار وارد في مجال التصنيع الالكتروني، وفي أنظمة “جي.بي.أس” مستقبلا، لأن البحرية والجوية تعتمد هذه الأنظمة، ويمكن التعاون معها في هذا المجال.
انفتاح كبير للمؤسسات الصناعية التابعة للجيش الوطني الشعبي ووزارة الدفاع الوطني، على الزوار، وجدناهم يستمعون لطلبات الزبائن، ويردون على استفسارات الجمهور من المواطنين الذين كانوا يتنقلون بين هذه الأجنحة، تحركهم الرغبة في الاكتشاف والتعرف على الصرح الصناعي العسكري بإعجاب واضح، فالمستوى الراقي الذي بلغته المؤسسات التابعة للجيش الوطني الشعبي، مفخرة جزائرية بامتياز.